مكرم محمد أحمد
لو ان المجتمع الدولي جاد في محاربة الارهاب، لكان من الضروري ان تتم معاملة جريمة بوكوحرام الاخيرة شرق نيجيريا التي أدت إلي مقتل المئات ان لم يكن الالاف،
في عملية هجوم غادر علي عدد من قري نيجيريا أصبحت فارغة من السكان بعد هجمة أخيرة لبوكو حرام، يشكل ضحاياها اضعاف ضحايا جريمة تشارلي ابدو عدة مرات، ومع ذلك جري التركيز علي جريمة تشارلي ابدو وحدها، وتطوع عدد غير قليل من رؤساء جمهوريات ودول العالم لان يتصدروا مسيرة باريس، وقد تماسكت ايديهم تأكيدا علي وحدة مواقفهم ضد جريمة تشارلي ابدو، لكن ضحايا بوكو حرام لم يظفروا بشئ من ذلك!، وذلك يعني بوضوح ان المعايير المزوجة لاتزال تحكم عمليات مقاومة الارهاب، وان هناك إرهابا يستحق كل الاهتمام هو الارهاب الموجه للمواطن الاوروبي والامريكي، اما صور الارهاب العديدة الموجهة إلي العراقيين والفلسطينيين والسوريين والنيجريين والليبيين فيمكن التسامح معها او غض الطرف عنها، برغم ان ضحاياها ربما يتجاوزون مئات الآلاف!.
وإذا ما ذهبنا ابعد من ذلك بضع خطوات في محاولة تأصيل اسباب الارهاب، فسوف نكتشف حجم المساندة الغربية القوية وراء ظهور القاعدة وداعش، والاكثر مدعاة للاسف ان الذين يتحدثون عن الحق المطلق في حرية التعبير يقصرون هذه الحق فقط علي السخرية وازدراء الاسلام دون غيره من الاديان، لانه إذا كانت حرية التعبير حقا مطلقا يتحتم التمسك به، فلماذا تتحصن عملية المحرقة من اي نقد في جميع دول اوروبا بحكم القانون والالتزام الطوعي للشعوب، أما مقدسات الاسلام فمباحة وحدها للجميع.
ان مقاومة الارهاب كي تكون حاسمة تقضي علي مختلف تنظيماته مهما تعددت اسماؤها، وتجتث جذور جميع جماعته دون تمييز،لابد ان ترتبط بضرورة وحدة المعايير التي تجعل معارضة ارهاب تشارلي ابدو امرا واجبا مثل معارضة ارهاب جرائم بوكو حرام، وتحصن جميع الاديان من السخرية والازدراء كما تحصن القوانين والاعراف الاوروبية جريمة المحرقة من السخرية والنقد، لكن المؤسف ان ضحايا تشارلي ابدو هم وحدهم الضحايا الذين يستحقون الرعاية والاهتمام، أما ضحايا بوكو حرام فيمكن ان نغض الطرف عنهم!، كما ان الاسلام وحده هو الذي يتعرض للسخرية والازدراء دون غيره من الاديان!.