مكرم محمد أحمد
فى تقدير خبراء الامم المتحدة ان إعادة إعمار غزة يمكن ان يتكلف ما بين خمسة وسبعة مليارات دولار ويستغرق خمسة اعوام على اقل تقدير ،إذا توافر وصول مواد البناء (الاسمنت والحديد) عبر معابر مصر وإسرائيل إلى القطاع من خلال اجراءات سلسة يتفق عليها كل الاطراف،
وان كانت الرؤية الواقعية لمجمل الظروف التى تحيط بإعادة اعمار غزة ترجح ان الكلفة سوف تزيد كثيرا على ذلك، وان العملية يمكن ان تستغرق ما بين عشرة و خمسة عشر عاما، لان الدمار ضخم وهائل ومخيف،، متد بطول الافق وعلى مدى النظر كما هو الحال فى حى الشجاعية ومعظم القرى الفلسطينية القريبة من حدود إسرائيل،حيث يتجاوز عدد المنازل التى أصابها التدمير 17 الف منزل معظمها تهدم على نحو كامل.
وأظن أن البدء فى هذا المشروع الضخم يتطلب نوعا من الضمانات الاسرائيلية التى تمنع إسرائيل على نحو قاطع من تكرار عملية هدم المنازل مرة اخرى لانه لا معنى لان نهدم غدا ما نبنيه اليوم!،كما يتطلب ضمانات فلسطينية بعدم استخدام الاحياء السكنية دروعا لاطلاق الصواريخ على المدن والبلدات الاسرائيلية، وما من أحد يمكن ان يضمن توافر هذه الضمانات فى غيبة اتفاق الطرفين،إسرائيل والقوى الفلسطينية، على سلام شامل ينهى كل اوجه الصراع ويرسم الحدود بين الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية.. وهذه هى المعضلة الاساسية التى تواجه مؤتمر إعمار غزة الذى ينعقد فى القاهرة اليوم بحضور دولى كبير.
والاكثر إلحاحا ان هناك ما يقرب من 120 الف فلسطينى فى القطاع يبيتون فى العراء، ولا يجدون ملاذا يلجأون إليه بينما الشتاء على الابواب، وما من شك ان قبول جميع الاطراف لاعادة تعمير قطاع غزة يعنى من حيث المبدأ القبول بعلاقات سلام تظل الجميع بحيث تتوقف كل صور العدوان على الجانبين، ابتداء من الاستيطان إلى اقتحام المناطق،الامر الذى يعنى ضرورة الاعتراف المتبادل، واحترام ما يتم توقيعه بين الجانبين، والالتزام بقواعد القانون الدولي.. فهل يمكن لكل من إسرائيل وحماس ان تقبل هذا الواقع الجديد.. ذلك هو جوهر المشكلة الذى يحاول مؤتمر غزة استطلاعها اليوم.