مكرم محمد أحمد
هل صحيح ما أعلنه وزير الخارجية السوداني إبراهيم الغندور من ان اجتماعات الخرطوم السداسية الاخيرة قد انهت كافة الشواغل المتعلقة بسد النهضة التي تؤرق دولتى المصب، خاصة مصر التي تعتمد في 98% من مواردها المائية علي حقوقها من نهر النيل ولا تملك بديلا يغنيها عن إيراد النهر، بسبب شح مياه الامطار وقلة المخزون من المياه الجوفية.
وربما يكون الأكثر دقة أن نقول، أن اجتماعات الخرطوم الاخيرة وضعت المفاوضات الثلاثية لاول مرة علي الطريق الصحيح، عندما اكدت الدول الثلاث التزامها بإجراء الدراسات المتعلقة بسلامة بناء السد وحجم الآثار السلبية التي يمكن ان تتعرض لها دولتا المصب في غضون فترة زمنية لا تزيد علي عام، مع التزام الدول الثلاث بالنتائج التي سوف تترتب علي هذه الدراسات، فضلا عن تسمية الشركة الثانية التي تقوم بجزء مهم من هذه الدراسات بعد انسحاب الشركة الهولندية، اضافة إلي ضرورة الحرص علي الشفافية ومد المزيد من جسور الثقة المشتركة بين الدول الثلاث.
ومع الاعتراف بان خطوة مهمة قد تحققت بالفعل لكن ذلك لا يعطينا نحن المصريين ترف الجزم بان شواغل سد النهضة لم تعد تقلقنا، لان العبرة هنا بحسن النيات وصدق التنفيذ والرغبة المخلصة في تسوية المشكلة بما يحفظ حقوق كل الاطراف، ولا يضر مصالح مصر المائية، والاكثر دقة وصوابا ان نعترف بان الشواغل التي تقلق مصر لا تزال قائمة، لان الدول الثلاث لم تتفق بعد علي سعة خزان السد وكيفية ملئه وتشغيله، وتأثير ذلك علي كمية الوارد من مياه النهر إلي مصر خلال سنوات الملء، وطرق إدارة خزان سد النهضة بما يحفظ للسد العالي في مصر وظيفته..،وكلها شواغل مهمة تحتاج إلي انجاز الدراسات المطلوبة دون تلكؤ وتقنين الحقوق في اتفاقية واضحة شفافة لا يداخل اي من بنودها سوء الفهم، أو سوء التأويل، ولاننا لم نصل بعد إلي هذه الأهداف يبقي سد النهضة شاغلا مهما من شواغل المصريين، وأظن انه سوف يبقي ايضا من شواغل السودان حتي وان حقق السودان بعض الفوائد والمزايا مثل التحكم في مخاطر فيضان النهر،لان شاغل السودان الحقيقي يتعلق بمدي سلامة بناء السد في منطقة فالق أرضي يمكن ان يؤثر علي استقرارها الثقل الضخم لبحيرة السد، بما يزيد من احتمالات نشاط زلزالي يؤثرعلي سلامة البناء.