مكرم محمد أحمد
أظن ان تمسك واشنطن بضرورة المصالحة بين اطراف النزاع داخل ليبيا هو الصيغة المستترة لرغبتها الشديدة فى ابقاء الاوضاع فى ليبيا على حالها الراهن!،
حيث تضرب الفوضى اطنابها فى طول البلاد وعرضها،وتحاول الجماعات المتطرفة من انصار داعش الاستيلاء على مثلث البترول الذى يمتد من بنغازى جنوبا إلى مدينة سيرت، ويضم مناطق البريقة وسدرة ورأس لانوف الغنية بحقول البترول وموانيه، وتطلق صواريخها على خزانات البترول الضخمة فى موانى التصدير فى عملية تخريب متعمدة،هدفها افقار البلاد كى تصبح مرتعا لجماعات الارهاب، تهدد أمن مصر ودول شمال أفريقيا.
والمدهش ان تستمريء واشنطن موقف المتفرج من المأساة الليبية رغم صرخات الاوروبيين وأولهم الفرنسيون الذين يطالبون على لسان وزير دفاعهم جان ايف بضرورة تدخل الدول الكبرى لوقف هذه الفوضى التى يمتد خطرها إلى مالى والنيجر، خاصة ان ما يحدث فى ليبيا يشكل مسئولية سياسية واخلاقية لدول حلف الاطلنطى (الناتو) التى استخدمت قواتها الجوية لاسقاط نظام القذافي، ثم غادرت البلاد بعد سقوط حكمه لتصبح ليبيا نهبا لجماعات متطرفة تتحالف مع جماعة الاخوان المسلمين هناك،نقلت ولاءها اخيرا من تنظيم القاعدة إلى داعش، وتسيطر على اغلب مناطق العاصمة طرابلس،وتمد جرائمها الارهابية إلى باقى مناطق ليبيا، يشجعها على ذلك حماقات الرئيس التركى رجب الطيب اردوغان الذى يحاول ان يجعل من ليبيا خنجرا يضرب خاصرة مصرالغربية.
وبرغم وجود حكومة شرعية وبرلمان منتخب يدعمهما غالبية الشعب الليبى ومعظم قبائله، تصر واشنطن على ضرورة الحوار بين اطراف النزاع وصولا إلى مصالحة وطنية يستحيل حدوثها، وتحذر من التدخل العسكرى لاية اطراف اخرى خاصة مصر، رغم ان القضية فى جوهرها هى قضية منظمات إرهابية تمكنت من السيطرة على اقدار البلاد فى ظل حالة الفوضى التى اعقبت التدخل العسكرى لقوات الناتو عام 2011..،والاكثرمدعاة للدهشة ان واشنطن التى تدعى ان اول اهدافها تقويض تنظيم داعش وهزيمته، تطالب الليبين بضرورة الحوار مع ممثلى داعش على الارض الليبية بدعوى المصالحة الوطنية دون اكتراث بالخطرالمتزايد الذى يهدد أمن مصر ودول شمال افريقيا كما يهدد أمن البحرالابيض والامن الاوروبي.