مكرم محمد أحمد
لو ان الدكتور سعد الدين إبراهيم استاذ علم الاجتماع فى الجامعة الامريكية جاءنا بعد اجتماعه على مائدة عشاء مع بعض قيادات جماعة الاخوان من الشيوخ والشباب فى بيت السياسى الهارب أيمن نور على ضفاف البسفور بعرض واضح مشمول بضمانات مؤثقة، تؤكد استعداد جماعة الاخوان المسلمين، الاعلان عن وقف شامل لكل صورالعنف التى ترتكبها الجماعة، ويرتكبها حلفاؤها من تنظيم بيت المقدس فى سيناء وانشقاقاتها الاخيرة، كما حدث مع الجماعة الاسلامية قبل عدة سنوات، لكان واجبا علينا جميعا ان نأخذ مبادرته بالجدية الواجبة !.
لكن ما يعرضه الدكتور سعد الدين إبراهيم هو فى جوهره وثيقة استسلام كامل، تلزم مصر اولا الافراج عن كل قيادات الاخوان المسلمين بمن فيهم بديع والشاطر والكتاتنى وجميع من تلطخت أيديهم بدماء المصريين، وتلزمها ثانيا بقبول عودة الجماعة إلى ممارسة دورها السياسى والدعوى والاجتماعى السابق وكأن شيئا لم يحدث!، وتعويضها عن كل خسائرها وممتلاكاتها دون اعتبار لحجم التخريب والتدمير والترويع الذى مارسته الجماعة ضد المصريين!، مقابل ان تقدم الجماعة اعتذارا للشعب المصري، لا نعرف بعد كيف تكون صيغته لكنه فى الاغلب سوف يكون إعتذارا عاما تتحمل فيه الجماعة جزءا من المسئولية، اما الجزء الاكبر فتتحمله الدولة والقوات المسلحة والشعب المصرى الذى خرج فى 30يونيو فى حشود هائلة يرفض حكم المرشد والجماعة!.
وما يدعو إلى الدهشة ان النتائج على ارض الواقع لا تبرر أبدا هذا الاستسلام الرخيص، لان الجماعة لم تحصد حتى الآن سوى هزائم مرة وضمور متواصل فى الدور والتأثير، ورفض شعبى حاسم يقطع الطريق على عودتها لعقود طويلة!، والانكى من ذلك ان التسليم بهذه الشروط يعنى فى الحقيقة اقرارا من الدولة والقوات المسلحة والشعب المصرى بان ما حدث فى 30يونيو كان انقلابا على شرعية حكم جماعة الاخوان المسلمين!، يتطلب تصحيحه العودة إلى دستور مرسى ومجلس شورى الجماعة!.
وما يعرفه د/سعد إبراهيم ويعرفه كل مصري، ان الجماعة هى التى فرضت العنف على الدولة والشعب المصري، وان هذا العنف ينحسر على نحو مطرد، وان الجماعة التى تزداد ضعفا كل يوم هى التى تحصد مسئولية ونتائج جرائمها، لان مصر تفتح أبوابها منذ اليوم الاول لعودة كل من لم يرتكب اثما كبيرا فى حق وطنه ولم تلوث يداه بدماء المصريين، وماعدا ذلك هو فى الحقيقة تفريط فى حقوق وطن، وفى حقوق شعب وحقوق دولة لايمكن ان نضعها فى كفة والجماعة فى الكفة الأخرى.