توقيت القاهرة المحلي 20:18:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أزمة معلومات

  مصر اليوم -

أزمة معلومات

فهمي هويدي

فى أواخر شهر أكتوبر عام ٢٠١٣ قال رئيس الوزراء آنذاك الدكتور حازم الببلاوى إن سد النهضة (الاثيوبى) يمكن أن يكون مصدر رخاء للدول المحيطة. وفى أوائل أكتوبر ٢٠١٥ أعلن مصدر مسئول بوزارة الرى أنه تم إبلاغ القيادة السياسية بعدم جدوى اجتماعات سد النهضة (كان العنوان الرئيسى للصفحة الأولى بجريدة الشروق يوم ٤ أكتوبر بهذا المعنى). وخلال السنتين الفاصلتين بين التاريخين تم تبادل الزيارات بين القاهرة وأديس أبابا. وعقدت عدة اجتماعات بين الجانبين. وأعلن عن توقيع اتفاق مبادئ للاسترشاد به فى التعامل مع الملف بين قيادات الدول الثلاث التى مثلت برئيس مصر والسودان ورئيس وزراء إثيوبيا. وجرى الحديث عن الاتفاق مع مكتبين استشاريين لدراسة المشروع، أحدهما فرنسى والآخر هولندى. وفى الوقت الذى عولت الجهات الرسمية المصرية على اجتماعات اللجان والاتصالات الدبلوماسية فإن أصوات الخبراء ظلت تدق الأجراس محذرة من مخاطر السد وآثاره الكارثية وتلاعب الحكومة الإثيوبية، وحرصها على كسب الوقت لإنجاز المشروع الذى يفترض أن يتم بناؤه فى عام ٢٠١٧. ومن ثم فرض الأمر الواقع على مصر.

هكذا فإننا خلال السنتين انتقلنا من تصريحات التفاؤل الناعمة إلى الاعتصام بالصبر والتحرك الحذر سواء لعدم قطع الحبال مع إثيوبيا أو لكسب ود دول حوض النيل، ووصلنا أخيرا إلى أعتاب التشاؤم، بعدما ظهرت إلى العلن بوادر التسويف وسوء النية من الجانب الإثيوبى. وكان أحدثها طلب إثيوبيا تأجيل اجتماع وزراء الرى والمياه فى مصر والسودان وإثيوبيا، الذى كان مقررا عقده بالقاهرة هذا الأسبوع بدعوى الانشغال بتشكيل حكومة جديدة فى إثيوبيا. وهى الذريعة التى لم تأخذها القاهرة على محمل الجد، لأن الاتفاق على عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية يومى ٤ و٥ أكتوبر تم فى الأسبوع الماضى بين الرئيس السيسى ورئيس الوزراء الإثيوبى، حين التقيا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك. وما نشرته صحيفتا «الشروق» و«المصرى اليوم» فى ٤/١٠ الحالى يعبر عن الشكوك القوية التى لم تعد تخفيها القاهرة إزاء الموقف الإثيوبى. فقد نشرت جريدة الشروق التصريح الذى أشرت إليه فى الأسطر الأولى منسوبا إلى المصدر المسئول فى وزارة الموارد المائية والرى، الذى كانت خلاصته أنه لا جدوى ولا أمل فى أى تجاوب من جانب سلطات أديس أبابا. وكل ما يجرى الآن من اتصالات مع أديس أبابا لا يخرج عن كونه مجرد تضييع للوقت. أضاف المصدر أنه حتى إذا قام المكتب الاستشارى الفرنسى بالدراسات المتفق عليها فإن النتائج لن تظهر الا بعد ١١ شهرا، خلالها سيظل بناء السد. مستمرا بوتيرته المعتادة بحيث تتمكن إثيوبيا من تشغيل المرحلة الأولى من السد قبل نهاية تلك المدة. وهو ما يعنى عدم الجدوى من إجراء أى دراسة تتعلق بحجم أو ارتفاع السد. وإزاء ذلك فلا مفر من أن تتخذ مصر قرارا حاسما وحازما بخصوص الموضوع.

إزاء هذه النتيجة أورد التقرير المنشور عدة أفكار بديلة تنطلق من التسليم بعدم جدوى الحديث مع الجانب الإثيوبى فيما خص حجم السد وارتفاعه. فقد نقل عن وزير الرى الأسبق المهندس حسين العطفى دعوته إلى مطالبة إثيوبيا بالتوقف عن إنشاء السد المساعد. كما نقل عن الدكتور محمود أبوزيد الوزير الأسبق أيضا اقتراحه العودة إلى مشروع «البارواكوبو» فى إثيوبيا الذى يعد أحد مشروعات مبادرة حوض النيل التى تمت دراستها، وهو يوفر ٤ مليارات متر مكعب من المياه لكل من مصر والسودان. كما دعا إلى الاستعانة بالبنك الدولى للإنشاء والتعمير ومنظمة اليونسكو للتوسط فى حل الأزمة.

ما نشرته جريدة الشروق عبرت عنه باختصار جريدة المصرى اليوم. التى تحدثت فى خبر الصفحة الأولى عن أن مصر تراجع مسار سد النهضة بعد تأجيل اجتماعات القاهرة. ولفتت الانتباه إلى أنه لم يتحدد موعد لعقد الاجتماع بين وزراء الرى فى الدول الثلاث، الأمر الذى يعنى أن الموقف صار مجمدا فى الوقت الراهن. وكأن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود.

هذه الخلفية تطرح سؤالا كبيرا حول حجم المعلومات التى توفرت لدى القاهرة فى إدارتها للأزمة. وهى التى بنت على أساسها التفاؤل حينا والتفاهم والحذر حينا آخر ثم الإحباط فى طور ثالث. ذلك أن هذا التذبذب دال على أن القاهرة لم تكن لديها صورة كافية عن حقيقة الموقف الإثيوبى طوال السنوات الثلاث الأخيرة على الأقل، الأمر الذى مكن أديس أبابا من أن تكسب الوقت وتمضى فى مخططها كما رسمته دون أدنى تغيير.

ولا أعرف ما إذا كان ذلك القصور فى المعلومات سيخضع للتحقيق والمساءلة أم لا، لكن الذى أفهمه أن الأطراف المشاركة فى أى مفاوضات تكون لديها بدائل فى كل مرحلة. وما أشار إليه الوزيران السابقان يدخل ضمن تلك البدائل. ليست لدى إجابة على السؤال ما العمل، لأن الرد لدى أهل الاختصاص والخبرة، لكن الذى أتمناه أن يتم التعامل مع ملف المياه الخطير بما يستحقه من جدية ومستوى عال من الكفاءة والحزم. إذ أخشى ألا يصبح من حقنا الآن أن نتوجه بالدعاء إلى الله أن يرد عنا البلاء، بحيث يبقى أمامنا أن نطمع فى كرمه سبحانه وتعالى كى يستجيب لرجائنا أن يلطف بنا فيه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة معلومات أزمة معلومات



GMT 18:32 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

فنّانو سوريا

GMT 18:31 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

المشهد اللبناني والاستحقاقات المتكاثرة

GMT 18:31 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 18:30 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

2024: البندول يتأرجح باتجاه جديد

GMT 18:29 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

جنوب لبنان... اتفاق غير آمن

GMT 18:27 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

رائحة في دمشق

GMT 18:26 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

«هشام وعز والعريان وليلى ونور وكزبرة ومنى ومنة وأسماء»

GMT 16:40 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

الوطن هو المواطن

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon