توقيت القاهرة المحلي 12:59:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخطر أبعد من الجامعات

  مصر اليوم -

الخطر أبعد من الجامعات

فهمي هويدي


نتظرت تكذيبا أو تصويبا للخبر الفاجع فتلقيت ما يؤكد صحته. ذلك ان قارئ هذه الزاوية ربما لاحظ أننى عبرت أمس (الأربعاء 24/9) عن الدهشة والانزعاج إزاء نشر خبر فى جريدة «الشروق» تحدث عن الاستعانة فى الجامعات المصرية بطلاب «وطنيين» لمراقبة زملائهم والابلاغ عن المشاغبين منهم. ولأننى لم أكن متأكدا من الخبر، وربما لأننى تمنيت ألا يكون صحيحا، فقد تعاملت معه بحذر، وذكرت انه لم ينسب إلى مصدر رسمى أو مسئول، وإنما نسب إلى «مصادر جامعية»، الأمر الذى يفتح الباب لاحتمال ألا يكون الخبر دقيقا. إلا أن ما نشرته «الشروق» أمس أثبت أن حذرى لم يكن فى محله، وانما كان إسرافا من جانبى فى حسن الظن، لأن التفاصيل أيدت صحة الخبر، وفصلت فيه على نحو يضاعف من منسوب الفزع.

خبر «الشروق» أمس ذكر ما يلى: إن مصدرا مسئولا بوزارة التعليم العالى والمجلس الأعلى للجامعات قال إنه لم يتم وضع اللمسات النهائية فيما يتعلق بمهام الطلاب الذين سيساعدون أفراد الأمن الإدارى فى الكشف عن زمالائهم المشاغبين.

* إن اجتماعا سيعقد مع بداية العام الدراسى الجديد بين نائب رئيس كل جامعة لشئون التعليم والطلاب وعمداء الكليات مع طلاب الاتحادات بالكليات وطلاب الأسر ذات الحس الوطنى والتى لها رؤية وطنية وبعض الطلاب المتميزين بمختلف الفرق الدراسية وبعض الطلاب العاديين، لتحديد النقاط التى سيكلفون بها.

* هؤلاء الطلاب سيكونون حلقة الوصل بين إدارة الجامعة والطلاب (زملائهم)، فضلا عن مساعدة أفراد الأمن فى الكشف عن الطلاب المشاغبين، والذين يحملون أسلحة وألعابا نارية، بهدف إثارة الشغب داخل الحرم الجامعى.

* سيكلف هؤلاء الطلاب أيضا بتقديم النصيحة لزملائهم لنبذ العنف وعدم النطق بالألفاظ المسيئة والنابية وعدم الكتابة على جدران وأسوار الجامعات التى هى ملك للطلاب وللشعب. وسيكون لأولئك الطلاب دور آخر هو مساعدة جموع الطلاب وحل مشاكلهم وتوصيلها إلى الجامعة.

* الطلاب الذين يمارسون نشاطا حزبيا ويقومون بتوزيع منشورات أو تنظيم المظاهرات داخل الحرم الجامعى، سيناقش أمرهم مع بداية العام الدراسى الجديد.

الفقرات أعلاه ليست سوى نصوص أوردتها الجريدة منسوبة إلى مصدر مسئول بوزارة التعليم العالى، وإلى جانب انها تعكس الاهتمام بالجانب الأمنى فى الجامعات ولا تتضمن أية إشارة إلى العملية التعليمية، فإنها بمثابة انعطافة خطرة فى مسيرة الجامعات، التى تعرف جيدا ان الأمن لم يغب عنها يوما ما، وانما كان له وجوده بين صفوف الطلاب والطالبات من خلال الأعين المجندة لهذا الغرض من بين الطلاب أنفسهم. وقد اشتهر فى الأوساط الجامعية مصطلح الطالب «العصفورة»، الذى كانت مهمته تنحصر فى التنصت على زملائه والمسارعة إلى نقل ما يسمعه إلى مكتب الأمن أو من يمثله، كما ان الأمن كان له وجوده فى «الحرس» الواقف بكل باب فى كل كلية وجامعة. لكن هذا الوضع جرى تطويره فى ظل التوجهات سابقة الذكر. إذ دخلت على الخط أسر جامعية مؤيدة للنظام، ولم يعد الأمر مقصورا على «العصفورة». وليس معروفا ما إذا كانت تلك المهام سيقوم بها الطلاب على سبيل التطوع أم انه سيكون لها مقابلها المادى أو الأدبى والمعنوى. لكن الأخطر من ذلك ان وصف تلك الأسر بأنها «وطنية» سيعنى على الفور تشكيكا فى وطنية الآخرين. هذا إذا لم يكن ذلك مقدمة لاتهامهم بعدم الوطنية ان لم يكن بالخيانة، ولك ان تتصور الأثر السياسى والتربوى الذى يترتب على إشاعة الانطباع بأن الوطنية فى المفهوم الجامعى الجديدة أصبحت ترتبط بأمرين: تأييد السلطة، وإرشاد الأجهزة الأمنية إلى معارضيها.

على صعيد آخر، فإن وصف أسر جامعية معينة بأنها وطنية وتحظى برعاية السلطة ورضاها، من شأنه أن يلوث المحيط الطلابى. من ناحية لأنه قد يكون عنصر جذب لأعداد من الراغبين فى الانتفاع بذلك الانتماء، باعتبار ان رعاية السلطة لها مردودها ولن تكون مجانية فى كل الأحوال. ومن ناحية ثانية لأنه سيفتح أبواب الفتنة وربما الاشتباك والتخاصم بين الموالين والمعارضين، الأمر الذى قد يحول الكليات الجامعية إلى ساحات للعراك والتجاذب. ليس فقط بين الإخوان الذين هم قلة فى الجامعات ومعارضيهم، ولكن بين شباب 25 يناير ومن ينسبون أنفسهم إلى 30 يونيو.

إن أثر هذه السياسة الأمنية على العملية التعليمية. وعلى البيئة الجامعية، وعلى سمعة الجامعات المصرية أفدح وأبعد كثيرا مما يتصوره كثيرون. حتى أزعم أنها تسهم فى تدمير الجامعات وتخريبها من الداخل. وهى التى كانت منارة أضاءت وجه مصر وغمر إشعاعها العالم العربى كله لعدة عقود خلت.

حين يتم تحويل بعض طلاب الجامعة وأساتذتها إلى مرشدين للأجهزة الأمنية، فإن ذلك يدخل البلد فى نفق مظلم يتعذر الخروج منه بأمان فى الأجل المنظور، لأنه يذكرنا بصفحات كئيبة من التاريخ كانت الفاشية والنازية من عناوينها. وفى هذه الحالة فلن نكون بإزاء جامعات تعرضت للانهيار، ولكننا سنكون بصدد وطن فى خطر.


محمد سلماوي لا شىء يدعو للقلق محمد سلماوي منذ 10 ساعات

قادتنى وعكة صحية ألمت بى إلى أحد مستشفيات حى المعادى الهادئ لإجراء فحوصات شاملة كان قد حل موعدها الدورى، وقد صحوت من نومى فى اليوم التالى مفزوعاً على صوت صراخ وعويل فتيات المدرسة المقابلة للمستشفى، فكدت أطلب إخطار البوليس بالمصيبة التى وقعت بالمدرسة، والتى تشير تصرفات الفتيات إلى أنها لابد هائلة.

لكن المسؤولين بالمستشفى طمأنونى أنه لا شىء يدعو للقلق، وأن هذه هى ساعة دخول الطالبات المدرسة، وتلك الجلبة لا شىء وراءها على الإطلاق.

وتوالت بعد ذلك نوبات الصراخ والعويل عدة مرات خلال الصباح تبينت منها أن الطالبات يكررن وراء مدرساتهن بعض العبارات التى من بينها سمعت بعض كلمات النشيد الوطنى وبعض الأشياء الأخرى مثل جدول الضرب أو غير ذلك، تماماً كما فى الكتاتيب، وكان صوت المدرسة يأتى كلما خفت صراخ الطالبات آمراً: أعلى! فيتكرر صياح الفتيات صارخاً بصوت أعلى.

ثم فجأة انفجر الصراخ بشكل مخيف، فقلت: هذه المرة لا يمكن ألا يكون هناك شىء يدعو للقلق، وخرجت بسرعة إلى الشرفة، فوجدت جميع طالبات المدرسة وقد خرجن إلى الفسحة فى حوش المدرسة الأسمنتى الضيق ليقفن بالعشرات متلاصقات جنباً إلى جنب بلا أى مساحة للحركة وكأنهن دجاجات فى قفص لا تستطيع أى منهن الحراك يميناً أو يساراً، فتتحرك عوضاً عن ذلك بصوتها الذى خلته قد وصل لآخر الضاحية، وكن جميعاً محجبات بلا استثناء واحد، رغم تباين أعمارهن.

عدت إلى غرفتى وأحكمت إغلاق الشرفة لأقلل صوت تلك الصرخات الملتاعة التى لا أعرف ما علاقتها بالتعليم، وبدأت أفكر فى عبارة ألا شىء يدعو للقلق، فوجدت نفسى أشعر بالقلق، قلق على مستقبل بلد هذا هو مستوى وشكل التعليم فيه، أى نوعية من المواطنات ستخرجها تلك المدرسة التى بدت مدرسة ضخمة وأفضل من مدارس أخرى كثيرة مستواها أقل بكثير، ومن أين نبدأ الإصلاح؟

إن هذا المشهد المخيف للحوش الأسمنتى الضيق الذى تكدست فيه الطالبات بالعشرات غير قادرات على الحركة ظل عالقاً بذهنى طوال اليوم، هل كن يصرخن مستغيثات بشكل لا إرادى من هذا الموقف غير الآدمى؟ ومن ذلك التعليم الذى يلغى عقولهن التى غطاها الحجاب؟

لقد حرصنا على أن نضع فى الدستور أن على الدولة أن تلتزم بتخصيص النسبة المئوية التى نص عليها الدستور من الدخل القومى للتعليم وهى 6٪، ووقتها اتصل رئيس الوزراء برئيس لجنة الدستور يرجوه إلغاء تلك النسبة التى قال إنها مستحيلة التحقيق، لكن اليوم أتساءل: هل تكفى نسبة 6٪ لإصلاح تلك الصورة المتخلفة التى شاهدتها من غرفتى بالمستشفى؟! لا أعرف، ما أعرفه على وجه اليقين أنه ليس صحيحاً ألا شىء يدعو للقلق.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخطر أبعد من الجامعات الخطر أبعد من الجامعات



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon