توقيت القاهرة المحلي 01:11:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السيسى والإعلام

  مصر اليوم -

السيسى والإعلام

فهمي هويدي


لقاءات الرئيس عبدالفتاح السيسى مع الإعلاميين والكتاب أصبحت ظاهرة جديرة بالملاحظة. ذلك انه قبل الحوار الذى أجراه معه رؤساء الصحف القومية الثلاثة ونشر هذا الأسبوع، كان قد عقد لقاء مطولا مع مجموعة من الكتاب. وفى سفرته إلى الصين كما فى رحلته إلى الولايات المتحدة فإنه حرص على ان يلتقى الوفد الإعلامى المصاحب له. وقبل ذلك عقد سلسلة من الاجتماعات أحدها مع رؤساء مجالس إدارات الصحف القومية، والثانى مع رؤساء تحرير الصحف كافة، القومية والمستقلة والحزبية، والثالث مع شباب الصحفيين, والرابع مع ممثلى الصحف الذين دعوا لتغطية مناورات القوات المسلحة, والخامس مع اتحاد الصحفيين العرب. ذلك كله بعد انتخابه رئيسا للجمهورية. أما أثناء حملته الانتخابية فإنه حرص على إجراء حوار مطول مع إحدى القنوات الخاصة، كما انه عقد اجتماعين أحدهما مع الصحفيين والثانى مع ممثلى الصحف ووسائل الإعلام الأخرى والتليفزيون فى المقدمة منها.
فى كل تلك اللقاءات حرص الرئيس على ان يطرح تصوراته وأفكاره، كما انه دأب على مصارحة الرأى العام بمختلف المشكلات التى تواجهه والتى وصفها فى حواره الأخير بأنها أكبر من أى رئيس. وفى الوقت ذاته فانه ظل حريصا فى كل مرة على طمأنة الناس وإقناعهم بأن الأمور تمضى بشكل جيد وفى الاتجاه الصحيح. وهو ما كان واضحا فى حواره الأخير.
هذا الحضور الإعلامى المكثف له أكثر من دلالة، كما أنه يمكن أن يقرأ من أكثر من زاوية. إذ إلى جانب انه دال على المكانة التى يحتلها الخطاب الإعلامى فى أجندة الرئيس حتى يبدو وكأنه أصبح يعول على الظهير الإعلامى ليكون بمثابة حزب الرئيس مؤديا دور الظهير السياسى. وربما أراد الرئيس بذلك أن يعوض من خلال الإعلام غيابه عن اللقاءات الجماهيرية التى تجنبها لسبب أو آخر ــ ولا أستبعد أن تكون الاعتبارات الأمنية من بينها ــ ربما أراد الرئيس بذلك أيضا أن يبقى المجتمع فى صورة المشكلات والتحديات التى تواجهه، وان يستثمر التعبئة الإعلامية لكى يبقى على الأمل عند الناس ويقنعهم بأن الغد سيكون أفضل من اليوم، إلا أن ثمة ملاحظتين أساسيتين تبرزان فى هذا الصدد.
الأولى ان الرئيس فى حضوره الإعلامى يرسل ولا يستقبل، بمعنى أنه يبلغ آراءه وأفكاره إلى الرأى العام، وهذا شىء مهم، لكن ذلك لا يوفر فرصة مناقشته فى تلك الأفكار وتمحيصها، وذلك لا يقل أهمية.
الملاحظة الثانية ان حرص الرئيس على الالتقاء مع الإعلاميين حين احتل موقعا متقدما فى برنامجه، فانه طغى على تواصله مع قطاعات حيوية أخرى فى المجتمع تريد أن تسمع صوتها له، وذلك رأى سمعته من بعض وثيقى الصلة بقطاعات الإنتاج والاقتصاد. وفى حوار أخير مع أحد المخضرمين من رجال الاقتصاد ذكر ان التركة الثقيلة التى يتحملها الرئيس والنظام القائم يتصدرها همَّ الأمن وهم الاقتصاد. وإذا كان الرئيس قد عين مستشارا للأمن القومى، كما ان موضوع الأمن له دوائره الحساسة والمغلقة، فإن أحدا لا يعرف أن هناك فريقا اقتصاديا إلى جانبه رغم جسامة الأعباء فى ذلك القطاع وخطورة التحديات التى تنتظر مصر من ذلك الباب فى العام المقبل. إلى جانب ذلك فلم يعرف ان لقاء نظم للرئيس مع خبراء الاقتصاد المصريين الذين لهم آراؤهم التى ينبغى أن تسمع فى اسلوب التعامل مع ذلك الملف الدقيق. ولا يغير من ذلك كثيرا ان يكون الرئيس قد التقى مع آحاد بين رجال الاقتصاد. وبهذه المناسبة فاننى سألت عما إذا كان للدكتور كمال الجنزورى الذى ىمارس دوره كمستشار برئاسة الجمهورية له علاقة بإدارة ذلك الملف، باعتبار خبرته السابقة فى التخطيط على الأقل. وفهمت من الرد الذى سمعته انه لا علاقة له بذلك الجانب وان التعامل مع الملف الاقتصادى يتم بعيدا عنه. وبسبب من ذلك فانه يحاول فى الوقت الراهن ان يمارس حضوره فى الملف السياسى من خلال المشاورات التى يجريها بخصوص الانتخابات البرلمانية القادمة.
حين بحثت عن تفسير لظاهرة عدم وجود فريق اقتصادى إلى جانب الرئيس، ولعدم حماسه لفكرة عقد مؤتمر للاقتصاديين المصريين قيل لى ان ما لا نراه لا يعنى بالضرورة انه غير موجود. وإذا كان الرأى العام لا يعرف شيئا عن الفريق الاقتصادى الذى يعمل إلى جانب الرئيس، فينبغى ألا نخلص من ذلك إلى ان الفريق لا وجود له، لان الواقع غير ذلك. إذ ان الرئيس له ثقته الكبيرة فى القوات المسلحة لأسباب مفهومة، وهو مطمئن إلى انها قادرة على ان تقود التنمية فى مصر، وبسبب من ذلك فإن البعض يرجحون ان الرئيس مقتنع بأنه ليست هناك حاجة للاستماع إلى خبراء الاقتصاد، لان الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة توفر البديل القادر على القيام بالمهمة وتحقيق الانجاز المنشود.
الثقة فى كفاءة وقدرة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة فى محلها لا ريب. ولكن مسئولية إدارة عجلة التنمية والاقتصاد أكبر منها فضلا عن انها ليست مهمتها الأساسية. وقد أستيعد هنا قول الرئيس السيسى ان مشكلات مصر أكبر من أى رئيس، بما يسوغ لى ان أقول ان عبء النهوض بالاقتصاد المصرى بدوره أكبر من القوات المسلحة وهيئتها الهندسية. من ثم لا مفر من تشكيل فريق اقتصادى قوى ينهض بهذه المهمة، وقد قرأت فى تصريحات الرئيس ان ثمة اتجاها لانشاء مجلس تخصصى للتنمية الاقتصادية إلى جانب دراسة فكرة انشاء مجلس أعلى للاستثمار. وتلك من الخطوات التى قد تعالج الثغرة التى نحن بصددها. صحيح أنها متأخرة بعض الشىء، ولكنها مما ينطبق عليه مقولة ان تأتى متأخرا أفضل من ألا تأتى أبدا. فى كل الأحوال فإنه من المهم للغاية ان تكون الرؤية الاقتصادية ــ وليس فقط المشروعات الاقتصادية ــ واضحة ومتبلورة قبل المؤتمر الاقتصادى العالمى الذى يفترض ان يعقد فى شهر مارس المقبل. ولا يكفى أن نتحدث إلى الإعلاميين عن تلك الرؤية، لان خبراء الاقتصاد المصريين وحدهم القادرون على صياغتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السيسى والإعلام السيسى والإعلام



GMT 20:18 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مع ابن بجاد حول الفلسفة والحضارة

GMT 00:00 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل نحتاج حزبا جديدا؟

GMT 09:08 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

7 فرق و11 لاعبًا نجوم البريمييرليج!

GMT 08:51 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 08:49 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

دمامة الشقيقة

GMT 08:48 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

GMT 08:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هجمات رأس السنة الإرهابية... ما الرسالة؟

GMT 08:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط الجديد: الفيل في الغرفة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 00:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

محمد رمضان يعلن مفاجأة لجمهوره في 2025
  مصر اليوم - محمد رمضان يعلن مفاجأة لجمهوره في 2025

GMT 00:01 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سمية الألفي تكشف السبب من وراء بكاء فاروق الفيشاوي قبل وفاته

GMT 10:56 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسلات إذاعية تبثها "صوت العرب" فى نوفمبر تعرف عليها

GMT 23:21 2024 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

أهم النصائح للعناية بالشعر في المناطق الحارة

GMT 08:55 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

حارس ريال مدريد السابق يعلن شفاءه من فيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon