توقيت القاهرة المحلي 12:59:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الليكوديون العرب

  مصر اليوم -

الليكوديون العرب

فهمي هويدي

من الغرائب التى اكتشفناها فى الأسبوع الأخير أننا وجدنا أناسا فى مصر وبعض الأقطار العربية أصبحوا يكرهون حماس بأكثر مما يكرهون إسرائيل. وأن رصيد مصر إزاء القضية الفلسطينية الذى راكمته طوال الستين عاما الماضية نفد تقريبا، حتى اختزل فى الموقف المصرى إزاء معبر رفح. أما أم الغرائب فهى تلك التى عبرت عنها بعض التعليقات التى انطلقت من ان مصر وإسرائيل اصبحتا «يدا واحدة» فى مواجهة حماس!

لا يواسينا إلى حد ما ويخفف من وقع تلك الغرائب سوى المفاجآت التى شهدناها خلال الأسبوع وأهمها القدرة العسكرية التى أظهرتها المقاومة الفلسطينية والتى لم تتمثل فقط فى الإصرار على الرد والردع للإسرائيليين. وإنما تبدت أيضا فى مستوى التسليح الذى كشفت عنه الصواريخ بمداها الذى وصل إلى 160 كيلومترا، حتى أصبح بمقدروها أن تقصف تل أبيب والمدن والمواقع العسكرية المختلفة. كما تمثلت فى الطائرات بدون طيار التى تم تصنيعها محليا وحققت نجاحا مدهشا فى كفاءة أدائها.

الخطأ الجسيم الذى وقع فيه كثيرون تمثل فى الخلط بين حماس والإخوان وغزة والقضية الفلسطينية، واعتبار كل ذلك شيئا واحدا. ومن ثم إسقاط العداء لحماس ومخاصمة الإخوان على غزة وعلى القضية. وكان ذلك الخطأ وراء الموقف المفجع والكارثى الذى عبر عنه البعض فى كراهيتهم لحماس إلى الحد الذى دفعهم إلى تبنى الموقف المشين المتمثل فى موالاة الإسرائيليين، ولا يستطيع المرء أن يتجاهل أن العداء لحماس متأثر أيضا بحملة الشيطنة والأكاذيب التى نسبت إليها خلال السنوات الثلاث الأخيرة. وهى التى اعتمدت على تسريبات مسمومة لم يثبت أن لها أصلا من الحقيقة. فتقرير أول لجنة شكلت لتقصى حقائق أحداث الثورة فى عام 2011 التى رأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق المستشار عادل قدره لم يشر إلى أى دور لحماس فى أحداث تلك المرحلة، وهو التقدير الذى دفن وأعيدت صياغة أحداثه بواسطة الأجهزة الأمنية بحيث أقحمت حماس فيها لتبرئة الشرطة التى أدانها التقرير الأصلى صراحة. وقتل الجنود المصريين فى رفح الذى ألصق فى حماس لم يثبته أى تحقيق رسمى، ولايزال الطرف القاتل مجهولا حتى اللحظة الراهنة. وحكاية التنازل عن جزء من سيناء لصالح حماس لكى يتمدد فيها سكان القطاع أسطورة وأكذوبة كبرى لم يقم أى دليل عليها.. وقس على ذلك بقية الأحداث التى أقحمت فيها حماس لشيطنتها وتلويث صورتها ضمن حملة تصفية الصراع مع الإخوان.

صحيح أن حماس فرع عن الإخوان لكنها ليست نسخة منها، علما بأن شيطنتها خدمت إسرائيل ولم تخدم مصر فى شىء. وإنما أساءت إليها وصغرت من حجمها، وسحبت من رصيدها إزاء القضية الفلسطينية. الأمر الذى انتهى إلى قطيعة عزلت الموقف المصرى عن القضية، وكانت النتيجة أن مصر حين أرادت أن تغطى موقفها وتصور للرأى العام أن لها دورا فى القضية فإنها أعدت مبادرة من جانبها لم تتشاور فيها مع قيادة حماس فى القطاع.

من المفارقات أن الحملة التى استهدفت حماس وأسقطت الخصومة معها على القضية الفلسطينية تجاهلت أنها لم تكن الطرف الوحيد فى معادلة المقاومة فى غزة، بل إنها لم تعد تمثل السلطة فى القطاع حيث استقالت حكومتها بعد المصالحة مع فتح، ناهيك عن أنها لم تكن طرفا فى عملية خطف المستوطنين الثلاثة وقتلهم. فدور حركة الجهاد الإسلامى وسرايا القدس التى تمثل ذراعها العسكرية، لم يكن أقل فاعلية فى مشهد المقاومة الأخير. ذلك إلى جانب مناضلين آخرين فى القطاع كانوا يدافعون عن وجودهم وقضيتهم وليس عن حماس.

بل أزعم أن أى عقل رشيد وأى وضمير وطنى وقومى لم يمت ليس له أن يتردد فى الاختيار حين تكون المواجهة بين أى طرف عربى حتى إذا كانت حماس فى السلطة وبين إسرائيل، باعتبار أن الصراع مع إسرائيل هو مصيرى واستراتيجى بالدرجة الأولى، ليس بالنسبة للقطاع أو الفلسطينيين وحدهم، ولكن بالنسبة للعرب أجمعين.

أدرى أن أصوات موالاة الإسرائيليين وكراهية حماس تظل استثناء يستوجب الخجل ويجلب العار لأصحابه. وإذ أراها وجها دميما لواقعنا إلا أننى لا ألوم أصحاب تلك الأصوات وحدها، لأن اللوم الأكبر ينبغى أن يوجه إلى البيئة السياسية المسمومة التى سمحت لتلك الأصوات بأن تسمع خصوصا فى وسائل الإعلام التى ينبعى أن نستريب فى الأطراف التى تقف وراءها. وهى ذات البيئة التى فرضت لنا تلك النماذج المشوهة التى أصبحت تمثل ما وصف به صهاينة أو ليكوديون عرب.

هو أمر محزن حقا أن يحدث ذلك بعد ثورة 25 يناير التى ظننا أنها طوت صفحة «كنز إسرائيلى الاستراتيجى»، إلا أن الرياح أتت بما لا يخطر لنا على بال حتى اختزلت القضية فى معبر رفح، وقرأنا ما كتبه إعلاميون إسرائيليون (روبن بن يشاى وجدعون ليفى) عن أن مصر وإسرائيل أصبحتا يدا واحدة فى مواجهة حماس. لقد انتقدت قبل أيام ما بدا أنه موقف محايد لمصر إزاء ما جرى، لكنى أعجز عن أى قول إزاء حكاية «اليد الواحدة» هذه. وسأظل اعتبرها دسيسة إسرائيلية غير قابلة للتصديق، حتى إذا ثبتت صحتها
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الليكوديون العرب الليكوديون العرب



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon