توقيت القاهرة المحلي 08:43:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تفكير فى خبر سار

  مصر اليوم -

تفكير فى خبر سار

فهمي هويدي


الصحفيون الذين رافقوا الرئيس عبدالفتاح السيسى فى رحلته إلى دولة الإمارات نقلوا عنه بعض الأخبار المهمة، كان المفرح منها قوله إنه سيتم الإفراج قريبا عن مجموعة من الشباب الذين ألقى القبض عليهم دون ذنب أو نسبت إليهم اتهامات بسيطة. وهى خطوة طيبة لا ريب، تستدعى مجموعة من الملاحظات ألخصها فيما يلى:
• إن ذلك الخبر السار سمعناه من الرئيس مرتين على الأقل خلال الأشهر الأخيرة. ورغم أنه لم يحدد موعدا لإطلاق سراح أولئك الشبان. إلا أنه قال إنه طلب من وزير الداخلية دراسة حالات المحتجزين تمهيدا للإفراج عنهم. وربما كان الجديد هذه المرة أنه وعد بأن يتم ذلك قبل حلول الذكرى الرابعة لانطلاق الثورة فى 25 يناير، ولا أظن أنه أراد أن تتم تلك الخطوة بمناسبة عيد الشرطة التى تحل فى نفس اليوم، خصوصا أن الشرطة هى من اعتقلتهم وألقتهم فى السجون طوال الأشهر الماضية. وأرجو أن يكون حظ أولئك الشبان أفضل من مصير قانون التظاهر الذى رفضه الجميع فى مصر، فى إجماع نادر، وقيل لنا إن الرئيس وافق على تعديله، لكن هذه الخطوة تأجلت لأن المؤسسة الأمنية ارتأت أن توقيت التعديل غير مناسب، وهى معلومة أكد صحتها أن ذلك الكلام لم يصوب، وأن التعديل المنشود لم يتم ولايزال مؤجلا إلى توقيت غير معلوم.
• إننى أفهم أن قرار إطلاق سراح بعض المسجونين فى بعض المناسبات والأعياد تقليد أريد به إشاعة الفرحة ومكافأة حسنى السير والسلوك منهم من خلال الإفراج عنهم قبل انتهاء مدة العقوبة المقررة. ومن هذه الزاوية يصبح انتظار المناسبة مفهوما، إلا أن وضع المظلومين الذين اعتقلوا بغير ذنب أو ارتكبوا ذنبا يمكن التسامح معه، هؤلاء وضعهم مختلف تماما. حيث لا مبرر لانتظار المناسبة أو ترقبها، لأن كل يوم يقضونه فى السجن هو تكريس لمظلوميتهم وإمعان فى التنكيل بهم.
• إن الكلام يعنى أن الرئيس يعلم أن شبانا تم اعتقالهم منذ عدة أشهر بغير ذنب جنوه. وأن هناك آخرين تم اعتقالهم لأسباب تافهة ما كانت تستحق أن يذلوا وأن تضيع عليهم فرص الانتظام فى دراستهم جراءها. وإذا كان لنا أن ننتقد التأخير فى فرز حالاتهم وإطلاق سراحهم، فإن السؤال الأهم والأجدر بالبحث هو لماذا اعتقلتهم الشرطة أصلا، ولماذا قررت النيابة استمرار حبسهم ثم تمديد ذلك الحبس مرة بعد مرة، والمشهد من هذه الزاوية يفتح الباب واسعا لتساؤلات أخرى تبعث على الحيرة والبلبلة تكشف عن عورات تسىء إلى النظام القائم ولا تشرفه. هذه التساؤلات تتعلق بضوابط القبض العشوائى، وحدود الحبس الاحتياطى الذى عدل القانون لإطلاق مدته، بحيث أصبح غطاء قانونيا للاعتقال والتعسف فى التنكيل بالخلق، تشمل تلك التساؤلات أيضا مدى استقلال النيابة وعلاقتها بجهاز الأمن الوطنى، بعدما كشفت الممارسة عن أن تحديد الحبس يتم استنادا إلى توجيهات جهاز الأمن التى ينفذها وكلاء النيابة دون مناقشة.
• شىء جيد أن يتقرر الإفراج عن الشباب الذين اعتقلوا ظلما خلال الفترة الماضية. ولكن إذا كانت تلك الخطوة تتم فى إطار رفع الظلم عنهم وتخفيف التوتر الحاصل فى محيطهم، فإن ذلك يسوغ لنا أن نلفت الانتباه إلى وجه آخر للمشكلة، ذلك أن حملة الاعتقالات العشوائية التى كان الشباب من ضحاياها طالت غيرهم أيضا. أعنى أن الذين دفعوا بهم إلى عربات الأمن أثناء المظاهرات مثلا لم يدققوا فى هوياتهم ولا شغلوا بأعمارهم. وهو ما يسوغ لنا أن نتساءل عن مصير مظلومين آخرين من غير الشباب جرى التنكيل بهم ودمرت حياتهم وأسرهم بسبب احتجازهم فى ظروف مماثلة تماما لتلك التى تعرض لها الشباب المنوى الإفراج عنهم.
• إذا جاز لى أن أكون أكثر صراحة فإننى أخشى أن يكون وراء الاتجاه إلى الإفراج عن الشباب المظلومين سبب آخر غير إنصافهم ورفع المظلومية عنهم. كأن يكون الهدف من الرسالة هو استرضاؤهم فى ظروف اقتراب ذكرى الثورة والانتخابات البرلمانية. وقد عن لى ذلك الخاطر حين لاحظت عدم إشارة التصريح سابق الذكر إلى غير الشباب. وكأن الظلم كان من نصيب الأولين وحدهم، يؤيد الظن الذى ذهبت إليه أن الصوت العالى لعناصر النخبة الموالية يمضى فى ذات الاتجاه. أى أنهم يطالبون فقط بالإفراج عن الشبان الذين ألقى القبض عليهم جراء دعوتهم للاحتجاج على قانون التظاهر، وهو مطلب مشروع لا ريب ينبغى أن يصطف حوله الوطنيون فى مصر، ولكن المطلب الأخلاقى الأكثر مشروعية أن يصطف أصحاب الضمائر الحية وراء الدعوة إلى إقامة العدل الذى يعمم الإنصاف على كل المظلومين بغض النظر عن هوياتهم وأعمارهم.
• الملاحظة الأخيرة أننى أخشى أن يفهم من تصريح الرئيس السيسى أنه هو من سيصدر قرار الإفراج المنتظر، ليس فقط لأنه لا يملك هذه السلطة من الناحية القانونية، وإنما أيضا لكى لا يظن أنه هو من أصدر أوامر الاعتقال. ذلك أن الرئيس له الحق فى أن يعفو عن بعض الذين صدرت ضدهم أحكام بالسجن، أما الذين لايزالون تحت التحقيق ولم تصدر بحقهم أية أحكام فمصيرهم متروك للقضاء الذى له وسائله فى تقدير القرار المناسب. وفى القضايا السياسية التى هى موضوعنا، فإنه يسترشد برأى الأجهزة الأمنية التى لا تستطيع تجاهل توجيهات الرئيس.
غدا.. لنا كلام آخر مع بقية تصريحات الرئيس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفكير فى خبر سار تفكير فى خبر سار



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon