توقيت القاهرة المحلي 22:47:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سؤال وجيه

  مصر اليوم -

سؤال وجيه

فهمي هويدي

إذا كنتم قد قننتم زواج المثليين، فلماذا تعارضون تعدد الزوجات؟.. السؤال وجيه، رغم أننى أعلن البراءة منه ابتداء، منبها إلى أنه ليس لى. إذ استعيذ بالله أن نكون من الأولين، كما أننى أحمده لأننى لست من الآخرين. وإذ أرجو أن يكون موقفى مفهوما فى الشق الأول، إلا أننى فى الشق الثانى لست من محبذى التعدد ولست من رافضى ما أحل الله. لكننى أتمنى أن تحاط الرخصة بالضمانات التى تحول دون إساءة استخدامها، علما بأن تقييد الحلال يعتمده فقهاء الأصول ويقرون به، وعديده هى السوابق الدالة عليه.

صاحب السؤال أمريكى لا علاقة له بالإسلام، وليست لديه مشكلة مع زواج المثليين وحماسه للتعدد ليست له أية دوافع دينية. لكنه وجده يتفق مع معتقداته وحين مارسه وارتاح إليه، بعدما عاش مع أربع زوجات انجب منهن ١٧ طفلا، فإنه سعى إلى تقنين المسألة لإضفاء الشرعية القانونية على التعدد.

معلوم أن زواج المثليين معترف به فى أكثر من ٣٠ ولاية أمريكية من بين ٥٠ ولاية. وان مؤيديه يتزايدون كل حين، وبعد الاعتراف به حتى من بعض الكنائس، فإنه أصبح يرتب حقوقا تتزايد بعدها عاما بعد عام. وقد سبق أن ذكرت النكتة التى تحدثت عن «اللورد» البريطانى الذى شهد عصر تجريم الشذوذ (قبل أن يشار إليه باعتباره مثليا)، إذ قرر الرجل أن يهاجر من بلده حين وجد أن ما كان جريمة اعتبر حقا يرتب العديد من النتائج. وحين سئل عن سب هجرته فإنه أجاب قائلا بأنه قرر أن يترك البلد قبل أن يتطور الأمر ويصبح الشذوذ إجباريا!

صاحبنا هذا ــ اسمه كودى براون ــ الذى يعتبر النساء الأربع زوجاته رفع دعوى قضائية أمام محكمة الاستئناف بعد طعن المحامى العام لولاية «يوتا» على قرار محكمة أدنى لصالحه. وفى الدعوى التى قدمها فى الأسبوع الماضى أشار الرجل إلى قرار المحكمة العليا الذى أجاز زواج المثليين فى جميع أنحاء الولايات المتحدة، وقال ان موقف المسئولين فى ولايته الرافض لتعدد الزوجات يستند إلى قانون عفا عليه الزمن. وفى التعقيب على ذلك قال أحد المحامين ــ يدعى جوناثان تورلى ــ أن الولايات المتحدة لم يعد بإمكانها استخدام القوانين الجنائية لإجبار أو معاقبة من يختارون العيش فى كنف من يريدون، حتى وإن لم يكن ذلك مألوفا.

لم يعرف بعد رأى محكمة الاستئناف فى دعوى كودى براون، لكن الثابت أن تعدد الزوجات يعتبر غير قانونى فى الولايات الأمريكية الخمسين. إلا أن قانون ولاية يوتا مختلف بعض الشىء. ذلك أنه لا يجرم التعدد، وإنما يجيز إدانته فقط إذا حمل الرجل رخصتى زواج قانونيتين، أو إذا عاش مع شخص بالغ رغم زواجه بآخر.

ولاية يوتا التى لم تجرم تعدد الزوجات لها وضع خاص فى الولايات المتحدة، والسبب أن أغلب سكانها (٦١٪) من طائفة «المورمون» الذين يعتبرون أنفسهم تابعين لإحدى الكنائس المسيحية التى نشأت فى منتصف القرن التاسع عشر. وأتباع الطائفة متدينون محافظون، لهم فضائل كثيرة، فهم يدفعون العشور، ويحرمون شرب الخمر وأغلبهم لا يشربون الشاى والقهوة، كما انهم لا يدخنون ويمتنعون عن العمل أيام الأحاد طالما كان ذلك ممكنا، والمتشددون منهم يمنعون النساء من ارتداء الثياب القصيرة والسراويل ــ وهم يحرمون إقامة علاقات جنسية قبل الزواج، الأهم من ذلك أنهم يرفعون من قيمة الزواج والروابط الأسرية، بحيث يخضعون أمسيات السبت والاثنين للم شمل العائلة، ويشجعون انجاب البنين والأسر الكبيرة.

المقارنة بين إباحة زواج المثليين ورفض التعدد تثار بين حين وآخر فى المناقشات بين الأوروبيين والأمريكيين من ناحية والمثقفين المسلمين من ناحية ثانية. وقد شهدت جانبا منها فى بعض المؤتمرات. فالأولون كانوا ينتقدون التعدد مستشهدين بإساءة استخدامه فى العالم الإسلامى. والآخرون كانوا ينتقدون تقنين المثلية مستشهدين بأنها ضد الفطرة ولا وجود لها فى عوالم الكائنات الأخرى، حيث لا يعرف أن ثمة وجودا للمثلية بين الحيوانات أو الطيور. أما كونها عيبا خلقيا أو مرضا يستحق رعاية وعلاجا، أم أنها من قبيل الانحراف الجنسى، فذلك ما يحتاج إلى دراسة وتحرير. علما بأننى سمعت من بعض الباحثين الغربيين أثناء تلك الحوارات قولهم إن المثلية ليست مقصورة على العالم الغربى، ولكن لها وجودها فى العالم العربى والإسلامى أيضا، ولكنهم فى الغرب امتلكوا شجاعة الإعلان عن ذلك فاعترفوا بالظاهرة وتعاملوا معها باعتبارها واقعا لا سبيل إلى إنكاره. أما العالم العربى والإسلامى فلم يملك تلك الشجاعة، ولايزال يتستر عليها ويخجل منها، بالتالى فإن بلدانه (التى ذكروا بعضا منها) لجأت إلى إدانتها أو تجاهلها. ولم تحدد بعد موقفا واضحا فى التعامل معها.

فيما يخصنا تحتاج المسألة إلى بحث معمق ورصين من جانب أهل الاختصاص، لا يتناول فقط الجوانب العلمية والشرعية فقط، وإنما يشمل أيضا الجذور الفلسفية للثقافتين الغربية والإسلامية ونظرة كل منهما إلى الإنسان ودوره وحدود مسئوليته فى الكون. ذلك أن تداعيات ثقافة المسئولية والتكليف، تختلف كثيرا عن تجليات ثقافة المتعة واللذة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سؤال وجيه سؤال وجيه



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon