توقيت القاهرة المحلي 20:18:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عارنا فى الأقصى

  مصر اليوم -

عارنا فى الأقصى

فهمي هويدي

عارنا سجلته الصور وعممته وكالات الأنباء ومواقع التواصل الاجتماعى على الكرة الأرضية هذا الأسبوع. إذ رأينا الدمار الذى أحدثته غارات المستوطنين داخل المسجد الأقصى منذ يوم الأحد الأسود ١٣/٩، كما شاهدنا صور المرابطين والمرابطات الشجعان من أبناء وبنات فلسطين ٤٨ وهم يتهيأون لصد الغارات، حيث افترشوا الأرض واحتفظ كل واحد منهم إلى جانبه بكومة من الحجارة ليذود عن حرمه الأقصى وكرامته، فى مواجهة المهووسين المحروسين بالشرطة الإسرائيلية المدججة بالسلاح وبرعاية حكومة الدولة العبرية. نيابة عنا جميعا، عن المليار مسلم، اختار أولئك الرجال والنساء أن يرابطوا داخل المسجد وان يحموه بمناكبهم وأجسامهم. حدث ذلك فى حين وقفت العواصم العربية متفرجة، واكتفى بعضها بإصدار بيانات الاستنكار ونداءات الاستغاثة، التى غدت إشهارا للإفلاس وتعبيرا عن العجز عن الفعل.

قديمة قصة استهداف الأقصى ومحاولة الانقضاض عليه وانتهاك حرمته تذرعا بأسطورة إعادة بناء هيكل سليمان مكانه أو فى باحته، لكنها تجددت هذا الأسبوع بدرجة عالية من الجرأة والوحشية فى مناسبة بدء السنة العبرية الجديدة. إذ دعت المنظمات اليهودية المتطرفة التى تطلق على نفسها «منظمات الهيكل» أنصارها للمجىء إلى ما أسمته «جبل الهيكل» أى باحات الأقصى صباح الأحد ١٣/٩ للاحتفال بالمناسبة. وهى الذريعة التى أدرك الفلسطينيون أنها تمهيد للتقسيم الزمانى للأقصى (قالها علنا وزير الأمن الداخلى جلعاد أردان) بمعنى تخصيص أوقات معينة لليهود لكى يؤدوا طقوسهم وصلواتهم الدينية فى باحته. لكى يطور ذلك فى المستقبل ويتم تقسيم المكان بين الطرفين، على غرار ما سبق حين اتبع الأسلوب ذاته فى تقسيم الحرم الإبراهيمى بالخليل بين اليهود والمسلمين.

لمواجهة مخطط الغارة تنادى المسلمون يوم السبت واحتشدوا حول الأقصى وتحصنت أعداد منهم بداخله من مجموعات المرابطين الذين قرروا ان يتصدوا للغزاة. وكانت عناصر الشرطة الإسرائيلية وحرس الحدود والشاباك (المخابرات) قد توزعت على بوابات المسجد بعد منتصف الليل، ومنعت المصلين دون الخمسين من الدخول لصلاة الفجر. كما احتجزت بطاقات آخرين سمحت لهم بالدخول وأمرتهم بمغادرة المسجد بعد انتهاء الصلاة. وفى الساعة السابعة صباحا بدأت مجموعات اليهود فى الدخول إلى باحات المسجد بزعم أنها «سياحة أجنبية»، وكانت الشرطة الإسرائيلية قد قامت بطرد الحرس الأردنى الموجود بالمكان لأول مرة، رغم أن إسرائىل منذ وقعت معاهدة سلام مع الأردن عام ١٩٩٤ تعترف بإشراف الممكلة على المقدسات الإسلامية فى القدس، حدث ما كان متوقعا. إذ اشتبك المرابطون فى الداخل مع جموع المقتحمين. الأولون لا يملكون سوى الأحجار التى جمعوها، فى حين أن الآخرين مسلحون بالهراوات والرصاص المطاطى وقنابل الغاز السام المسيل للدموع، إلى جانب قنابل الصوت.

تحولت باحة المسجد القبلى بالأقصى إلى ساحة قتال، لم تهدأ وتيرته إلا فى الساعة الحادية عشرة صباحا، وهو الموعد الذى حدده الإسرائيليون للانصراف، إذ أرادوا أن يكون لهم الحق فى أداء طقوسهم اليومية ما بين السابعة والحادية عشرة كل يوم. فى المعركة سقط ١١٠ فلسطينيين جرحى، وتم إحراق أو إتلاف ٣٢ نافذة للمسجد، كما دمر أحد أبوابه، واحترق السجاد فى ١٢ موقعا. ونقل عن رضوان عمران رئيس قسم المخطوطات والتراث بالأقصى أن الدمار الذى حدث لا يمكن إصلاحه وإعادة المسجد إلى حالته الطبيعية قبل مضى ثلاث سنوات.

منذ ذلك الوقت وطوال الأسبوع استمرت الاقتحامات والاشتباكات، بالمقابل يتولى المرابطون والمرابطات مراقبة مداخل الأقصى، وحين يشتبهون فى الداخلين فإنهم يرفعون أصواتهم بالنداء «الله أكبر»، ومن ثم يتجمعون لقطع الطريق عليهم والاشتباك معهم لمنعهم من ممارسة الطقوس داخل المسجد، وفى تقرير نشرته صحيفة «الحياة» اللندنية ذكرت إحدى المرابطات، اسمها سناء الرجبى، «نحن قلقون على الأقصى لأن إسرائيل ترغب فى افراغه مثلما ترغب فى افراغ مدينة القدس من المسلمين، وإذا كنا لا نذهب للصلاة عند حائط المبكى، فلِمَ يجب أن يصلوا هم فى الأقصى؟».

فى حين تتسارع خطى تهويد مدينة القدس، فإن ما حدث يوم الأحد الماضى وتكرر بعد ذلك يعد أولى خطوات تهويد المسجد الأقصى، بتقسيمه بين المسلمين واليهود. وقد ذكرت وسائل الإعلام أن اعتداءات اليهود تشكل أكبر عملية تخريب للأقصى منذ عام ١٩٦٩، الذى جرت فيه محاولة إحراق المسجد، وهو ما أثار غضب العالم العربى والإسلامى آنذاك وأدى إلى عقد القمة الإسلامية، التى أنشأت ما يعرف حاليا بمنظمة التعاون الإسلامى.

لقد أرادت إسرائيل فى مناسبة رأس السنة العبرية أن تعلن على الملأ ليس فقط سيادتها على القدس، وإنما أيضا التأكيد على ان مفاتيح المسجد الأقصى بأيديها، وانها هى التى تقرر وتنظم حق العبادة فيه. من ثم فما جرى ليس مغامرة لمجموعة من المتطرفين الصهاينة، وإنما هو إحدى حلقات التهويد والهيمنة التى تستثمر أجواء الانكفاء والانبطاح المخيمة على الفضاء العربى. وهو ما أصابنا بإحباط يدفعنا إلى المراهنة على المرابطين والمرابطات الذين يحرسون الأقصى ويدافعون عه بمناكبهم وبقطع الحجارة، بأكثر من المراهنة على النظام العربى الذى أصبح لافتة بلا معنى أو مضمون.

حتى الآن سمعنا كلاما من بعض العواصم العربية ولم نر فعلا، فى تأكيد لفكرة «الظاهرة الصوتية» التى أصبحت إحدى عاهات عالمنا العربى. وقد قرأنا أن السيد محمود عباس قال إن تهويد الأقصى «لن يمر»، ولم يقل لنا كيف؟ ــ والسؤال مطروح على كل الزعماء العرب، خصوصا الذين يمثلون دولا لها علاقة بإسرائيل، حيث لم يعد مقبولا منهم أن يكتفوا بالشجب والاستنكار، ولديهم فرصة أوسع بكثير للتعبير عن غضبهم وغيرتهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عارنا فى الأقصى عارنا فى الأقصى



GMT 18:32 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

فنّانو سوريا

GMT 18:31 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

المشهد اللبناني والاستحقاقات المتكاثرة

GMT 18:31 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 18:30 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

2024: البندول يتأرجح باتجاه جديد

GMT 18:29 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

جنوب لبنان... اتفاق غير آمن

GMT 18:27 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

رائحة في دمشق

GMT 18:26 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

«هشام وعز والعريان وليلى ونور وكزبرة ومنى ومنة وأسماء»

GMT 16:40 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

الوطن هو المواطن

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon