توقيت القاهرة المحلي 18:32:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى الدفاع عن الذاكرة

  مصر اليوم -

فى الدفاع عن الذاكرة

بقلم فهمي هويدي

فى الذكرى الأربعين ليوم الأرض الفلسطينى تلوح فى الأفق عوامل عدة تستحق الرصد، أبرزها المدى الذى بلغه تراجع أولوية القضية على الأجندة العربية. وهو ما اقترن باختراقات إسرائيلية كبيرة للنخب والأنظمة السياسية فى المشرق العربى بوجه أخص، حتى بدا وكأن ما يسمى بالتنسيق الأمنى الذى ظل وصمة فى جبين السلطة الفلسطينية جرى تعميمه بحيث وصل إلى دوائر السلطة فى أقطار عربية عدة، وذلك إنجاز إسرائيلى كبير خصوصا حين لامس التنسيق دوائر القرار العربى. ورغم أن تل أبيب تحيط ذلك الإنجاز بأستار من السرية والكتمان لا تفضح النخبة المتواطئة أمام شعوبها. إلا أنها ما برحت تتباهى به وتشير إليه بعبارات غامضة ومبهمة. وإلى جانب تواتر حديثها عن الانضمام إلى محور «الاعتدال العربى» فى مواجهة الإرهاب تارة وإيران تارة أخرى، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أعلن فى تصريحات عدة عن احتفاظه بعلاقات طيبة مع بعض القيادات العربية. كما أن الصحافة الإسرائيلية دأبت على الإشارة إلى دفء تلك العلاقات وعن الاتصالات الهاتفية المستمرة بين نتنياهو وعدد من قادة أهم الدول العربية. وما نشرته بعض الصحف الإسرائيلية عن العقبات التى تحول دون إتمام الاتفاق على عودة العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، يشكل مفارقة فى هذا الصدد، ذلك أن الأتراك فى التعبير عن تضامنهم مع قطاع غزة كانوا قد عرضوا فكرة إقامة محطة كهرباء فى البحر تغذى القطاع. ورغم أن الإسرائيليين لم يعترضوا على ذلك إلا أنهم ترددوا فى الموافقة على الفكرة بدعوى أن تنفيذ المشروع قد يثير حفيظة الأطراف العربية المشاركة فى محاصرة القطاع، وهى حريصة على تجنب ذلك الاحتمال!

اقترن تعميم التنسيق الأمنى بصورة نسبية بين بعض الأنظمة وإسرائيل باختراقاتها الواسعة لقطاع الأعمال العربى تحت لافتات ومسميات مختلفة. ولم يكن مستغربا والأمر كذلك أن يصبح لإسرائيل رأى فى الخرائط الجديدة التى يعاد رسمها للمشرق العربى. أتحدث هنا عن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى لموسكو التى سبقتها زيارة قام بها رئيس جمهورية الدولة العبرية، إذ الحديث متواتر عن أنه كانت على رأس أهداف الزيارتين مناقشة الضمانات التى تطلبها إسرائىل لإنهاء المباحثات الجارية حول مصير النظام السورى، الذى باتت موسكو ممسكة ببعض مفاتيحه.

إلى جانب تلك الصفحة القاتمة فإن الوضع الفلسطينى لا يخلو من قتامة تتمثل فى إفلاس السلطة وانهيارها وصراعات الرفاق حول خلافة أبومازن. مع ذلك فإن انتفاضة الشباب الفلسطينى ضد الاحتلال تمثل ضوءا يخترق القتامة ويخفف من وقعها. صحيح أن أحدا لم يراهن يوما ما على إنجاز تحققه السلطة التى ابتدعت حكاية التنسيق الأمنى لحساب الإسرائيليين. إلا أن الأنظار ظلت طول الوقت متجهة صوب منظمات المقاومة، التى أصبحت شوكة فى خاصرة إسرائيل، وإعلانا عن رفض الاستسلام للهزيمة.

صحيح أن غزة أصبحت رمزا للصمود والتحدى وفرضت عليها الحسابات السياسية والعربية أن تظل فى موقف الدفاع، إلا أن الشباب الفلسطينى تجاوز الحدود وتمرد على تلك الحسابات بانتفاضته الثالثة التى عرفت إعلاميا باسم «هبّة القدس» حتى أصبح أولئك الشبان والفتيات الشجعان يشكلون الآن مصدرا لانزعاج الإسرائيليين وخوفهم. من المفارقات ان الحكومة الإسرائيلية باتت أكثر قلقا إزاء تنامى ذلك التمرد الخارج عن سيطرة الجميع، فى حين أنها لا تستشعر القلق ذاته إزاء منظمة المقاومة.

فى حديثنا عن الضوء الذى يخترق القتامة، لا نستطيع أن نتجاهل التقدم الذى تحققه حملة مقاطعة إسرائيل فى العالم الخارجى، على الصعيدين الأكاديمى والاقتصادى فيما خص بضائع المستوطنات المقامة على الأراضى المحتلة، وسيظل من المفارقات التى تثير الانتباه أن يتزامن اختراق إسرائيل للمجتمعات العربية مع انفضاح أمرها وانكشاف سقوطها الأخلاقى والسياسى فى بعض الدوائر الغربية.

ذكرنا مركز الإحصاء الفلسطينى فى ذكرى يوم الأرض التى حلت فى ٣٠ مارس (اليوم الذى احتلت فيه إسرائيل ٢١ ألف دونم فى أراضى الجليل و النقب عام ١٩٧٦) أن الاحتلال اغتصب حتى الآن ٨٥٪ من مساحة فلسطين التاريخية «٢٧٠٠٠ كيلومتر مربع». ولم يبق للفلسطينين أصحاب الأرض سوى ١٥٪ فقط من بلادهم، وتمدد الاحتلال بحيث سيطر على ٢٤٪ من مساحة قطاع غزة الذى أصبح أكثر مناطق العالم ازدحاما بالسكان، كما سيطر على أكثر من ٩٠٪ من مساحة غور الأردن بما يشكل ما مساحته ٢٩٪ من مساحة الضفة الغربية.

فى إطار حملة تهويد القدس فإن سلطات الاحتلال دأبت على هدم منازل الفلسطينيين ومنع إصدار التراخيص لهم فى حين صادقت فى عام ٢٠١٥ على بناء أكثر من ١٢ ألف وحدة سكنية فى المستعمرات المقامة بالقدس الشرقية، كما صادقت على بناء ٢٥٠٠ غرفة فندقية، فى الوقت ذاته، فإن المستوطنين فى الضفة الغربية وصل عددم إلى ٦٠٠ ألف شخص، نصفهم تقريبا فى محافظة القدس.

فى تقرير مركز الاحصاء الفلسطينى معلومات أخرى غزيرة تحاول إحياء الذاكرة فى المناسبة باعتبار أن ذلك أضعف الإيمان. إذ طالما عجزنا عن الدفاع عن الأرض فى الواقع، فلا أقل من أن نبقى عليها فى الذاكرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى الدفاع عن الذاكرة فى الدفاع عن الذاكرة



GMT 12:48 2016 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بشرى للاعبين المحليين

GMT 14:24 2016 الجمعة ,09 كانون الأول / ديسمبر

هل الكتابة خدعة؟

GMT 14:23 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحرجتنا ماليزيا

GMT 11:38 2016 الثلاثاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

الإصلاح السياسى مقدم على الإصلاح الدينى

GMT 12:04 2016 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

التغريبة الثالثة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon