توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا وجه للمقارنة

  مصر اليوم -

لا وجه للمقارنة

فهمي هويدي

استغربت أن تتواجد فى العالم العربى هيئة رسمية تراقب أداء وسائل الإعلام وتدقق فى عدالة موقفها إزاء مختلف التجمعات والتيارات فى البلد، بحيث يكون للمعارضة الحضور الذى تستحقه جنبا إلى جنب مع السلطة وأحزاب الأغلبية التى تحكم.

 صحيح أن الهيئات التى تراقب الإعلام المرئى والمسموع موجودة فى عدة أقطار لكن ما أعرفه أنها تؤدى وظائف رقابية وأمنية فى خدمة الحكومات والأنظمة المختلفة. ودورها فى ذلك أقرب إلى دور «المكتوبجى» الذى كان يراقب المطبوعات فى أواخر عهد الدولة العثمانية. إلا أننى اكتشفت أن فى المملكة المغربية نموذجا استثنائيا ومختلفا تماما، بمقتضاه تتم المراقبة لصالح المجتمع وليس السلطة، ولرعاية التعددية السياسية وليس لتشديد قبضة السلطة وضمان الحفاظ على هيمنة الصوت الواحد.

الأمر بدا اكتشافا بالنسبة لى. إذ وقعت على تقرير نشرته صحيفة «الشرق الأوسط» فى ٣١/١٢ من الرباط كان خلاصة لحصيلة المسح الذى أجرته الهيئة المغربية للاتصال المسموع والمرئى لأداء وسائل الإعلام خلال الأشهر الستة الأخيرة من العام الفائت. وأسفر ذلك المسح عن النتائج التالية:

* مداخلات الشخصيات العامة فى نشرات أخبار وسائل الاتصال المرئى والمسموع توزعت على النحو التالى: مداخلات الحكومة وأحزاب الأغلبية (الأربعة) على القنوات التليفزيونية العمومية (الحكومية) تجاوزت مدتها ١١ ساعة و٦ دقائق، بالمقابل فإن حصة أحزاب المعارضة البرلمانية (أربعة) كانت فى حدود ٣ ساعات و٢٧ دقيقة. أما الأحزاب غير الممثلة فى البرلمان فقد كانت حصتها ٥٦ دقيقة.

* فى القنوات التليفزيونية العمومية تجاوزت حصة الحكومة وأحزاب الأغلبية البرلمانية ضعف مداخلات المعارضة البرلمانية، باستثناء قناة «العيون» الجهوية (فى الجنوب وتبث باللغة العربية واللهجة الحسانية التى هى بدوية تخص أهالى منطقة الصحراء). ذلك أن حصة المعارضة فى تلك القناة التى تبث من مدينة العيون تفوقت على حصة الحكومة والأغلبية. أضافت الهيئة أن مداخلات الأحزاب غير الممثلة فى البرلمان ظلت الأضعف طول الوقت. إذ ظلت دون حصص الحكومة والأغلبية البرلمانية والمعارضة البرلمانية ودون النسبة المقررة لتلك الأحزاب غير البرلمانية.

* فى بث القناة التليفزيونية الخاصة (ميدى آى.تى.فى) ظلت مداخلات الحكومة وأحزاب الأغلبية البرلمانية فى المقدمة بنسبة تجاوزت ٧٨٪ مقابل ٢١٪ للمعارضة البرلمانية.
* فى بث القناة التليفزيونية الخاصة «ميدى. آى. تى. فى» ظلت مداخلات الحكومة وأحزاب الأغلبية البرلمانية فى المقدمة بنسبة تجاوزت ٧٨٪ مقابل ٢١٪ للمعارضة البرلمانية.

* فيما خص الإذاعات العمومية كان نصيب الحكومة وأحزاب الأغلبية البرلمانية فى الأشهر المشار إليها ١٢ ساعة و٨ دقائق مقابل أزيد ساعة و٤٥ دقيقة لأحزاب المعارضة البرلمانية. وأقل من تسع دقائق للأحزاب غير الممثلة فى البرلمان.
* فى الإذاعات الخاصة كانت حصة الحكومة وأحزاب الأغلبية أقل (٤ ساعات و٤١ دقيقة) مقابل ساعة و١٢ دقيقة لأحزاب المعارضة وسبع دقائق لمداخلات الأحزاب غير الممثلة فى البرلمان.

* لم تكتف عملية المسح والرصد بمراجعة حصص الأحزاب السياسية باختلاف مواقعها (فى الحكومة أو المعارضة أو خارج البرلمان). ذلك أنها شملت المنظمات النقابية والمهنية. فأشارت إلى أربعة اتحادات عمالية كان لها النصيب الأكبر فى بث وسائل الاتصال المسموع والمرئى. فى حين استفاد الاتحاد العام للمقاولات من أكبر حيز زمنى مقارنة مع بقية المنظمات المهنية. واستفادت غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالرباط من أكبر حيز زمنى مقارنة مع الغرف المهنية الأخرى.
استوقفتنى الفقرة الأخيرة من التقرير التى ذكرت أن هذا البيان يندرج فى إطار المهمة التى تضطلع بها الهيئة العليا للاتصال المسموع والمرئى (الهاكا) فى تتبع مدى احترام وسائل الاتصال المسموع والمرئى لتعددية التعبير عن تيارات الفكر والرأى فى المجتمع المغربى.

أيا كان رأينا فى طبيعة وحدود الممارسة الديمقراطية فى المغرب. فإن أحدا لا يستطيع أن ينكر أن ذلك الجهد الذى عرضته من إفرازات تلك الممارسة التى تحترم التعددية وتشجعها. وقد شاءت المقادير أن أطالع التقرير فى الوقت الذى تحفل وسائل الإعلام المصرية بأخبار متابعة برلمان اللون الواحد الذى تتنافس فيه مختلف التجمعات السياسية على تأييد الرئيس، وباسم دعم الدولة يتبنى التجمع الأكبر فى البرلمان فكرة إطالة مدة الرئيس من أربع إلى ست سنوات. لم أستطع أن أمنع نفسى من المقارنة لكنى وجدت البون شاسعا بين التجربتين. إذ لديهم فى المغرب أحزاب حقيقية ومعارضة محترمة لها حقوق. كما أن لديهم مؤسسة مستقلة تراقب بحياد وسائل الإعلام، ثم تعلن نتيجة عملها على الملأ، لتثبيت حق كل فئة فى الحضور والتمثيل فى الفضاء الإعلامى. لديهم كل ذلك وليس لدينا منه شىء. حين تحققت من ذلك فإننى غيرت رأيى وصرفت النظر عن المقارنة.

نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا وجه للمقارنة لا وجه للمقارنة



GMT 15:22 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 15:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 15:17 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon