توقيت القاهرة المحلي 18:32:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لزوم الإخراج لا أكثر

  مصر اليوم -

لزوم الإخراج لا أكثر

فهمي هويدي

هذه شائعة من الوزن الثقيل أطلقها من لا يصدقها فى مصر، وصدقها واحتفى بها من سمع بخبرها فى العالم العربى، الإعلام المصرى كان من أطلق الشائعة وروج لها، وهو ما عبرت عنه بعض الصحف الصادرة صباح يوم الخميس الماضى ٢/٣، فذكرت جريدة «الشروق» فى عناوينها «البرلمان يسقط نائب التطبيع، التطبيع مع إسرائيل أطاح بالنائب خارج البرلمان»، وكان عنوان جريدة «الوطن» التطبيع يسقط عضوية عكاشة، وتحدثت «اليوم السابع» عن الرجل بوصفه نائب التطبيع. وذكرت «الحياة» اللندنية، فى أحد عناوينها «لقاء السفير الإسرائيلى يطيح عكاشة من البرلمان»، وقالت وكالة الصحافة الفلسطينية إن الرجل أسقطت عضويته «على خلفية استقباله للسفير الإسرائيلى».

ما لاحظته فى الصحف المصرية التى صدرت صبيحة ذلك اليوم أن الربط بين إسقاط عضوية النائب وبين لقائه مع السفير الإسرائيلى لم تشر إليه الصحف القومية الثلاث «الأهرام والأخبار والجمهورية». أغلب الظن لأن تلك الصحف التى يفترض أنها أقرب إلى سياسة الدولة المصرية تعرف «البئر وغطاها»، كما يقال. ذلك أنها مملوكة لدولة يرتبط نظامها بمعاهدة مع إسرائيل فتحت باب التطبيع معها، كما أن السفير الذى التقى النائب فى بيته يعقد لقاءات مع المسئولين وغير المسئولين فى مصر دون حرج. وغاية ما ركزت عليه الصحف القومية الثلاث أن النائب أسقطت عضويته لأنه «أخل بمقتضيات الأمن القومى المصرى»، وكانت جريدة «الجمهورية» أكثر وضوحا حين أبرزت على صفحتها الأولى عنوانا اقتبسته من كلام رئيس مجلس النواب أثناء جلسة إسقاط العضوية وذكر فيه أنه لا علاقة بفصل النائب بمقابلته للسفير الإسرائيلى، وهو التعليق الذى نشرته مختلف الصحف فى تقاريرها وإن لم تبرزه فى العناوين.

تسوغ لنا تلك الخلفية أن تقرر أن التطبيع لم يكن السبب الحقيقى لفصل النائب، وأن لقاءه بالسفير الإسرائيلى هو الذى أطاح به. شائعة وذريعة جرى اختلاقهما ولا ظل لهما من الحقيقة. من ثم فإن تعليق رئيس البرلمان كان صحيحا ودقيقا، حين نفى الربط بين لقاء السفير الإسرائيلى مع النائب، وفصل الأخير من المجلس ، كما أن السفير المذكور لم يفوت الفرصة، لأنه أصدر شريطا مصورا دافع فيه عن النائب وقال إنه التقى أخيرا عددا من الصحفيين المصريين فى «لقاءات ناجحة» كما عبر عن تفهمه «لحال الجدل التى أثارها» اجتماعه مع النائب.

إذا لم يكن اللقاء مع السفير الإسرائيلى هو ما أدى إلى فصل صاحبنا، فما هو السبب الحقيقى وراء ذلك الإجراء الذى تم بسرعة مثيرة للانتباه؟، يساعدنا التلخيص الذى نشرته جريدة الأهرام يوم الخميس لوقائع الجلسة التى وصفتها بأنها «تاريخية» على أن نقترب من الإجابة، ذلك أن الجريدة نسبت فى عناوينها إلى النواب قولهم عن الرجل إنه: خان الوطن وأساء للشعب والبرلمان وتعدى على السلطة التنفيذية وأهان رئيس الدولة وعرض الأمن القومى للخطر، وهى اتهامات كبيرة تكفى لإعدام الرجل وليس لإسقاط العضوية عنه فقط، علما بأنها لم تتضمن أية إشارة إلى التطبيع ولقائه مع السفير الإسرائيلى.

فى التقرير المنشور خلاصة لأقوال بعض النواب، كان من بينهم مصطفى بكرى، الذى قال إن الرجل خان الوطن وإنه عميل رسمى ضرب الأمن القومى فى مقتل. وأضاف أن لقاءه مع السفير الإسرائيلى ليس وحده القضية، ولكن ما قاله أثناء اللقاء أساء إلى رئيس الجمهورية. وطالب الجهات الأمنية التى سجلت اللقاء بالكشف عما ورد بتلك التسجيلات، نواب آخرون رددوا الأفكار ذاتها، وحسب الأهرام فإن النائب محمد كمال مرعى قال فى تنديده بموقف الرجل إنه أساء إلى رموز الدولة وقياداتها وإنه أطلق لشيطانه العنان غير مراعٍ لمصلحة الشعب. نائب آخر هو جمال عبدالعال قال إن صاحبنا هاجم قيادات مصر وتاريخها وما فعله جريمة...إلخ.

يصعب الاقتناع بالاتهامات الكبيرة التى نسبت إلى الرجل فضلا عن أنها أطلقت فى سياق عبارات عامة وفضفاضة. لكن الشىء المحدد فيها أنه فى لقائه مع السفير الإسرائيلى أساء إلى مقام الرئاسة وإلى شخص الرئيس. وهو أمر جدير بالاستهجان لا ريب. ولذلك استحق الحساب والعقاب بإجراء سريع وحاسم. ولإخراج المسألة فقد كان النفخ فى مسألة التطبيع هى الصيغة الأنسب لتمريرها. آية ذلك أن جريدة الأهرام ذكرت أن قرار الفصل اتخذ «فى تجاوب سريع ومفاجئ مع الشارع المصرى.

فى إشارة ضمنية إلى مشاعرالمصريين الرافضة للتطبيع سيئ السمعة فى أوساطهم.

إذا صح ذلك التحليل فإنه يسلط الضوء على مسألتين؛ الأولى أن الرجل الذى كان طول الوقت بوقا للدولة العميقة لم يمارس أى بطولة أو شجاعة، لكنه لم يفهم حدود الدور وخرج بنزقه على النص فلقى جزاءه على الفور. الثانية أن المشهد الذى وظفت فيه المشاعر الرافضة للتطبيع كذريعة لفصل النائب كان بمثابة أول استفتاء عملى على موقف المصريين من معاهدة السلام. وذلك يتم لأول مرة منذ توقيع المعاهدة فى عام ١٩٧٩. وتلك هى الفضيلة الوحيدة التى تحسب للقصة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لزوم الإخراج لا أكثر لزوم الإخراج لا أكثر



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon