توقيت القاهرة المحلي 16:43:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لنغلق أبواب الفتنة

  مصر اليوم -

لنغلق أبواب الفتنة

بقلم فهمي هويدي

أحذر من فتنة جديدة توقع بين الشعبين المصرى والسعودى بسبب قضية الجزيرتين تيران وصنافير. صحيح أن حدود الفتنة وتجلياتها محصورة حتى الآن فى نطاق مواقع التواصل الاجتماعى وبعض البرامج التليفزيونية، إلا أن الدعوة إلى «ضبط النفس» واجبة فى كل الأحوال، فى حين أن الدعوة إلى وأد الفتنة وسد منافذها تظل أوجب. وربما أفادنا فى هذا الصدد أن نلجأ إلى تحرير المشهد الذى أزعم أنه حافل بالمفارقات وربما التناقضات. ذلك أننا بصدد قضية اتفقت فيها حكومتا البلدين لكن التنازع والتجازب إزاءها انتقل إلى بعض شرائح المجتمع فى البلدين. ثم إن الغضب فيها لم يكن فى أصله موجها ضد الحكومة أو الشعب فى المملكة، ولكنه كان غضبا مصريا موجها نحو السلطة المصرية. وفى حين علت أغلبية الأصوات فى مصر متبنية موقف تبعية الجزيرتين للسيادة المصرية، فإن الحكومة المصرية هى التى بذلت الجهد لإثبات ملكية السعودية لهما. ورفع من وتيرة الغضب ان الطرف المصرى الذى يفترض تقليديا ووظيفيا أنه يتولى تأمين الحدود والحفاظ عليها. هو الذى تخلى عن الجزيرتين وقرر إلحاقهما بالسيادة السعودية. ثم ضاعف من الغضب أن الرأى العام المصرى اكتشف أن الحكومة الإسرائيلية علمت بالموضوع وحددت موقفا إزاءه، قبل أن يعلم به المجتمع المصرى ومؤسساته التمثيلية.

الشاهد أنه لم تكن هناك مشكلة ولا حساسية من أى نوع لا ضد الحكومة السعودية أو ضد الشعب السعودى، وان تفاعلاتها وأصداءها كانت مصرية خالصة. لذلك لم يكن هناك ما يبرر انتقاد الحكومة السعودية التى تحرت مصالحها، ولا انتقاد الشعب السعودى الذى لم يكن طرفا فى الموضوع. من ثم أزعم أن توجيه سهام النقد أو الغمز فى أى منهما يعد من قبيل الشطط غبر المبرر، فضلا عن أنه أخذ منحى لا يليق فى أحيان كثيرة. لا أتحدث هنا عن الاتفاق أو الاختلاف فى المواقف، لكننى أتحدث عن أدب الحوار والاحترام الذى ينبغى أن يتبادله أطرافه خلاله.

لدينا مشكلتان فى هذا الصدد، الأولى أنه فى ظل تطور تقنيات التواصل صارت منابر الرأى مفتوحة على مصارعها، بحيث أصبحت تتسع لمختلف درجات النزق والتجريح، جنبا إلى جنب مع الآراء الصائبة والرصينة. وهو مما يصعب ضبطه أو السيطرة عليه، الأمر الذى يفتح الباب لافتعال أزمات واحترار مرارات لغير سبب أو لأسباب تافهة. المشكلة الثانية ان المجتمعات العربية ضاقت فيها الصدور بحيث لم تعد تحتمل حوارا من أى نوع. وفى أحيان كثيرة يتطور الحوار ليصبح اشتباكا ومعركة حياة أو موت. إذ لم يعد طرفاها يتبادلان وجهات النظر ولكن صار كل منهما معنى إما بإقصاء الآخر أو إبادته. حتى إننا إذا ما انتقدنا الشطط فى الحوار ودعونا إلى ترشيده، فإننا صرنا نصاب بالحرج ولا نكاد نجد ردا على من يسأل: هل هناك أصلا حوار رشيد أو غير رشيد فى العالم العربى؟

لدينا مشكلة ثالثة عويصة سببها أزمة الديمقراطية فى العالم العربى، خلاصتها أن بلادنا يحكمها أفراد لا مؤسسات. بالتالى فإن القرار المصيرى سياسيا كان أم غير سياسى ينسب إلى رأس الدولة وليس إلى مؤسساتها. ولعلى لست بحاجة للتنويه إلى أن المؤسسات موجودة ووفيرة فى العالم العربى لكنها مفصلة بحيث تصنف ضمن الديكور السياسى ولا علاقة لها بالمشاركة السياسية. يشهد بذلك أن تاريخنا المعاصر بات ينسب إلى الحكام، من مصر الناصرية إلى مصر مبارك والسيسى، فضلا عن أن بعض الدول العربية تنسب إلى العائلات الحاكمة فيها.

شخصنة السلطة أبقتنا فى إطار زمن القبيلة الذى فى ظله يذوب المجتمع فى شيخها الذى يحكمها. بالتالى فإننا من الناحية العملية والسياسية لم ندخل بعد عصر الدولة الحديثة التى تقوم على تعدد المؤسسات والفصل بين السلطات. بالمناسبة أضيف هنا بين قوسين ان النصوص القرآنية التى تجاوزت ستة آلاف آية تستخدم فى وصف إدارة المجتمع مصطلح «أولو الأمر» بصيغته الجماعية ولم تشر إلى مصطلح ولى الأمر فى أى مرة.

بسبب هيمنة ثقافة القبلية فإن انتقاد ممارسات أى نظام حاكم أصبح يستنفر القبيلة التى تعد ذلك مساسا بكرامتها ونيلا من كبريائها و«ثوابتها»، فى حين أنها ليست الطرف الأساسى الذى يوجه إليها النقد. وهو ما حدث فى الموضوع الذى نحن بصدده حين أصاب التلاسن ممارسات الحكومة السعودية، فأدى ذلك إلى استنفار بعض الشباب السعودى الذين تبادلوا الغضب فى الفضاء الإلكترونى مع نظرائهم من المصريين. وسمعت أن رذاذ ذلك التلاسن أصاب بعض المصريين العاملين فى المملكة.

ثمة اعتبار أخير لا استطيع أن أتجاهله يتعلق بطبيعة المرحلة التى نمر بها. إذ سبق أن نوهت إلى أن مراحل الضعف بأجوائها غير الصحية والملوثة تستخرج من الناس أسوأ ما فيهم. أما مراحل العافية والثقة فهى تستخرج من الناس عادة أفضل ما فيهم. ولأن عالمنا العربى يعيش فى أجواء المرحلة الأولى فإنه صار مهيأ أكبر للاشتباك والتلاسن والاستسلام للفتنة، الأمر الذى يستلزم التنبيه والتحذير من الانجرار فى ذلك المسار. الذى يفسد ما بين المصريين والسعوديين من مودة واحترام. وهى رسالة موجهة إلى الإعلاميين والمدونين بالدرجة الأولى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لنغلق أبواب الفتنة لنغلق أبواب الفتنة



GMT 12:48 2016 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بشرى للاعبين المحليين

GMT 14:24 2016 الجمعة ,09 كانون الأول / ديسمبر

هل الكتابة خدعة؟

GMT 14:23 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحرجتنا ماليزيا

GMT 11:38 2016 الثلاثاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

الإصلاح السياسى مقدم على الإصلاح الدينى

GMT 12:04 2016 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

التغريبة الثالثة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon