توقيت القاهرة المحلي 23:56:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هاجس إعمار القطاع وتدمير القضية

  مصر اليوم -

هاجس إعمار القطاع وتدمير القضية

فهمي هويدي

حفاوتنا بانعقاد مؤتمر إعمار غزة. ينبغى ألا تصرفنا عن مضمون الكلام الذى قيل فى المؤتمر. وفهم انه المقابل الذى يتعين دفعه للإعمار المنشود. ذلك ان الإشارات التى عرضت لذلك المقابل لا توحى بالاطمئنان، وتفتح الباب للظن بأن رقبة المقاومة هى الثمن المطلوب لإتمام عملية الاعمار. صحيح ان أحدا لم يقلها صراحة، لكن الإشارات التى وردت فى الخطب الرسمية التى ألقيت تستدعى ذلك الاحتمال.

إننا إذا دققنا فى الخطب التى قيلت فى المؤتمر سنلتمس العذر للذين تحركت لديهم مشاعر القلق وذهبوا إلى ما ذهبوا إليه فى إساءة الظن. بالعبارات والاشارات التى وردت فيها.

لقد تم التركيز فى الكلمات التى قيلت على 3 محاور أساسية هى: التهدئة الدائمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ــ التعويل على الحل السلمى الذى يقوم على استمرار المفاوضات بين الطرفين ــ بسط السيطرة الكاملة للسلطة الوطنية المتمركزة فى رام الله على كل نواحى الحياة فى قطاع غزة. وقبل ان اعرض ما عندى فى النقاط الثلاث فإننى استأذن فى التذكير بموقف الحكومة الإسرائيلية وتصريحات رئيس وزرائها قبل وبعد الاتفاق على وقف إطلاق النار فى 26 أغسطس الماضى، عقب العدوان الإسرائيلى الأخير على غزة. ذلك ان إسرائيل كانت قد أعلنت على لسان رئيس وزرائها رفضها للمصالحة بين حركة فتح وحماس، ومقاطعتها لحكومة الوفاق الوطنى، وإصرارها على عدم السماح لأعضاء الحكومة لعبور «أراضيها» والتوجه من الضفة إلى القطاع. وأثناء العدوان أعلن نتنياهو أكثر من مرة ان بلاده لن توافق على وقف إطلاق النار وإعمار القطاع إلا إذا قبل الفلسطينيون بنزع سلاح المقاومة (الذى أزعج إسرائىل كثيرا أثناء القتال الذى استمر 51 يوما).

رغم ان إسرائيل كررت هذين الشرطين أكثر من مرة. فإننا فوجئنا بأن موقفها تغير فى هدوء ودون إعلان. فقد سمحت بزيارة رئيس وزراء حكومة الوفاق لغزة، كما انها لم تصر على مسألة نزع سلاح المقاومة فى الاتفاق الذى تم توقيعه بين الطرفين.

وقتذاك قيل إن مسألة الاعتراف بحكومة الوفاق وانهاء مقاطعتها تم بناء على نصيحة أمريكية، فى إطار تفاهمات لم يعلن عنها. كما لم يفسر لنا أحد لماذا سكتت إسرائيل على مطلبها نزع سلاح المقاومة، لكننا وجدنا رائحة الإجابة عن ذلك التساؤل فى الكلمات التى ألقيت فى مؤتمر الإعمار الذى شهدته القاهرة فى الأسبوع الماضى (انعقد فى 12/10).

إذ رغم ان المؤتمر لم يكن ليعقد لولا التغيير المثير فى موازين القوى الذى فرضته المقومة بصمودها وبسالتها وابداعاتها، فإن الكلمات التى قيلت لم تشر إلى هذه الخلفية ولا إلى نضالات الشعب الفلسطينى التى أبقت على حيوية القضية رغم محاولات طمسها وتصفيتها. فى الوقت ذاته جرى الحديث عن ضرورة التهدئة الدائمة (كأنما كل المشاكل العالقة تم حلها)، والالتزام بالاتفاقيات الموقعة بين الطرفين، كما جرى احياء مبادرة السلام العربية التى أطلقت قبل 12 عاما ثم ماتت ودفنت ولم يعد يأتى أحد لها على ذكر، إلا فى سياق الحديث عن فشل المراهنة على مبادرات السلام مع إسرائيل. وكان مثيرا للانتباه والدهشة ان هذا الكلام اطلق فى توقيت أدرك فيه الجميع ان مفاوضات الحل السلمى ظلت طول الوقت بابا للمراوغة والتسويف، وأجلا مجانيا يقدم لإسرائيل لكى تنجز مخططاتها للتهويد وتوسيع الاستيطان. ليس ذلك فحسب، وانما قيل هذا الكلام فى لحظة انتصار المقاومة والثقة المتزايدة فى قدرتها على الصمود والتصدى ومواصلة النضال لتحصيل الحق المسلوب.

النقطة الثالثة التى تمثلت فى بسط السيطرة الكاملة لسلطة رام الله على القطاع كانت غامضة على نحو فتح الباب للظن بأنها صيغة تستجيب للمطلب الإسرائيلى الداعى إلى نزع سلاح المقاومة، وكانت القرينة الدالة على ذلك ما فعلته السلطة المذكورة إبان سيطرتها على الضفة، حين قضت تماما على المقاومة ليس فقط من جانب حماس والجهاد، وإنما أيضا فيما خص كتائب الأقصى الجناح العسكرى لحركة فتح ذاتها. ليس ذلك فحسب، وإنما دخلت السلطة فى التنسيق الأمنى مع الإسرائيلى، الذى لم يكن سوى ملاحقة لعناصر المقاومة وإجهاض عملياتها.

إن الحديث الذى تردد حول قرار واحد وسلاح واحد وسيطرة للسلطة على الانفاق ومنصات الصواريخ ومعامل تصنيع السلاح وصيانته مقبول فى ظل دولة حقيقية لها استقلالها وحدودها ووضعها القانونى المعترف به. وهو ما لابد ان يختلف حين نكون بصدد دولة افتراضية يتحكم الأمن الإسرائيلى فى مفاصلها، وبوسح أى ضابط مخابرات ان يحتجز رئيس السلطة أو وزراءه بعد ان يسحب منهم تصاريح الخروج والدخول.

إن التحدى الذى يواجه المقاومة الفلسطينية والسلطة الوطنية يتمثل الآن فى كيفية التوصل إلى صيغة تفتح الباب لممارسة سلطة إدارة القطاع والإشراف على إعماره، فى الوقت الذى يبقى على المقاومة كقوة دفاعية مستقلة تنسق مع السلطة لكنها لا تذوب فيها. ولا بأس من تعهدها بوقف عملياتها طالما بقى الإعمار مستمرا، على أن تتحلل من ذلك إذا ما تعرض القطاع للاجتياح أو أى عدوان إسرائيلى. وصياغة هذا الموقف متروكة لتفاهم الطرفين الفلسطينى الذى ينبغى أن ينطلق من رفض مقايضة الإعمار برقبة المقاومة، التى هى الأمل الوحيد الباقى للدفاع عن القضية ووقف تصفيتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هاجس إعمار القطاع وتدمير القضية هاجس إعمار القطاع وتدمير القضية



GMT 20:18 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مع ابن بجاد حول الفلسفة والحضارة

GMT 00:00 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

هل نحتاج حزبا جديدا؟

GMT 09:08 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

7 فرق و11 لاعبًا نجوم البريمييرليج!

GMT 08:51 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 08:49 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

دمامة الشقيقة

GMT 08:48 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

GMT 08:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هجمات رأس السنة الإرهابية... ما الرسالة؟

GMT 08:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط الجديد: الفيل في الغرفة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 00:00 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon