توقيت القاهرة المحلي 12:45:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يسألونك عن المعتقلين

  مصر اليوم -

يسألونك عن المعتقلين

فهمي هويدي


هل فى مصر معتقلون سياسيون؟ حين أثير الموضوع فى المؤتمر الصحفى الذى عقده وزير الداخلية يوم الأحد الماضى، كان رد اللواء محمد إبراهيم بالنفى، وفى هذا الصدد ذكر ان المحبوسين احتياطيا يحاكمون وفق القانون، وان القبض عليهم تم بقرار من النيابة العامة. وهو كلام أبرزته صحف اليوم التالى ورددته القنوات التليفزيونية أكثر من مرة. إلا أن شباب الثورة كان لهم رأى آخر فيما ذكره، أعلنوه فى بيان أصدروه فى اليوم التالى مباشرة (الاثنين 15/9) ناقشوا فيه كلام الوزير وأوردوا شواهد وأدلة أيدوا بها وجهة نظرهم. لكن الذى حدث أن وسائل الإعلام التى أبرزت كلام اللواء إبراهيم تجاهلت بيان الشباب. ولم يتح لمثلى أن يطلع عليه إلا من خلال وسائل التواصل الاجتماعى التى لم تمتد إليها حتى الآن يد التوجيه السياسى. ونظرا لأهميته، ولتوضيح وجهتى النظر فى الموضوع، فإننى أستأذن فى نشر نصه الذى جاء على النحو التالى:

«منذ بدأت حملتا «الحرية للجدعان» و«جبنا آخرنا» نشاطهما فى دعم المحبوسين احتياطيا والمحكوم عليهم فى قضايا التظاهر والتجمهر، اختار نشطاء الحملتين وصف المحبوسين والسجناء بـ«المعتقلين». نعلم تماما أن «الاعتقال الإدارى» بأمر وزير الداخلية قد توقف مع إنهاء حالة الطوارئ، وكذلك بعد صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا فى ٢ يونيو ٢٠١٣ ببطلان الفقرة الأولى من المادة الثالثة فى القانون رقم ١٦٢ لسنة ١٩٥٨ والتى تعطى الحق لرئيس الجمهورية، أو من يفوضه، أن يضع قيودا على حرية الأشخاص فى الاجتماع والانتقال والإقامة، واعتقال المشتبه بهم والخطرين على الأمن العام، وتفتيش الأشخاص والأماكن دون تقيد بأحكام قانون الإجراءات، متى أُعلنت حالة الطوارئ.

نعلم ذلك كله، لكننا مازلنا نصر على تسمية المحبوسين بـ«المعتقلين». فالتجربة أثبتت على مدار سنوات، وليس فقط فى السنة الأخيرة، أن حرفية القانون لا تعنى شيئا للسلطات فى مصر، وأن مواد الدستور لا تساوى الحبر المكتوبة به.

وبدلا من استهلاك وقت الوزير وقياداته الأمنية فى جدل عبثى عن حقيقة وجود معتقلين من عدمه، فليفسروا لنا وللرأى العام فى مصر كيف أمضى شريف فرج، معيد كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، عاما كاملا فى السجن محبوسا احتياطيا قبل أن يتم استبعاده من القضية المحبوس على ذمتها. فليفسروا لنا وللرأى العام قضاء ٤٠ طالبا من جامعة القاهرة ٨ أشهر محبوسين احتياطيا قبل أن يتم استبعادهم أيضا من القضية المحبوسين على ذمتها، وليفسروا لنا أيضا استمرار «اختطاف» هؤلاء الطلبة رغم مرور ٣ أسابيع على صدور قرار النيابة باستبعادهم.

وقبل أن يخرج علينا من يقول إن كل ما سبق يتم بقرارات من النيابة وقضاة تجديد الحبس ولا علاقة للداخلية بها، نقول «ومن المسئول عن القبض على هؤلاء الأبرياء أصلا؟!»، كيف ألقت الشرطة عشوائيا على ٤٠ طالبا وأحالتهم للنيابة دون دليل؟ ومن ألقى القبض على شريف فرج من بيته دون دليل؟!.

وضمن الأسئلة المسكوت عنها من قِبل الوزير ومساعديه ونيابته وقضائه، نتساءل أيضا، لماذا تمتنع الداخلية عن نقل المحبوسين احتياطيا لجلسات تجديد حبسهم الذى صار يُجدد تلقائيا دون متهمين أو محامين. حالة ياسين صبرى مثل جيد هنا، فهو الطالب بجامعة الأزهر والمعتقل عشوائيا منذ يناير الماضى، والذى امتنعت الداخلية ٤ مرات عن نقله لجلسات تجديد حبسه، ثم امتنعت عن نقله لحضور جلسات محاكمته، ألا يهدر ذلك العدالة؟! الأمر نفسه يتكرر مع محمود محمد، الشاب ذو الـ١٨ عاما، المقبوض عليه بسبب ارتدائه قميصا يحمل شعار «وطن بلا تعذيب» والذى تمتنع الداخلية عن نقله لجلسات محاكمته أيضا، ألا تمثل كل تلك الإجراءات تعنتا يؤدى بالضرورة لمد فترات «اعتقال» هؤلاء.

تدفعنا حالة محمود محمد إلى الحديث عن الأنواع الجديدة المضحكة المبكية للاعتقال فى مصر، فخلال الشهور الماضية أصبح لدينا معتقلو القهوة ومعتقلو الجنينة ومعتقلو دبوس رابعة ومعتقلو السحور ومعتقلو العزاء وغيرهم. من يلقى القبض عليهم وهم لم يكونوا مشاركين فى مظاهرات أو تخريب؟! فقط حملوا دبوسا يمثل شعارا ما، أو ارتدوا قمصانا تحمل أحد شعارات ثورة ٢٥ يناير، أو ذهبوا لعزاء والدة شهيد فى ذكراه السنوية.

واقع الأمر أننا باستخدامنا لفظ «معتقلين» نوسع دائرة اتهامنا لتشمل الداخلية التى تقوم بأبشع حملة الانتقام من المجتمع الذى ثار ضدها منذ أكثر من ٣ سنوات، وكذلك بعض الجهات الحقوقية الأخرى التى صارت أدوات لتجديد معاناة المحبوسين على ذمة أى قضايا باستثناء رجال نظام مبارك، فأصبح لدينا ما هو أسوأ من الاعتقال الإدارى، اعتقال بأمر القضاء. يا وزير الداخلية، لدينا معتقلون بل أسرى ظلمكم وقوانينكم الجائرة وعدالتكم الانتقامية. فلا تغالط، يكفى أن تكون سجانا ــ (انتهى).

هذا البيان، رغم أنه ينطلق من موقف ناقد ومعارض، يعبر عن حالة ايجابية تستحق التقدير. فالذين كتبوه يعبرون عن جيل متمرد توفرت له شجاعة ليتنا ننميها ولا نقمعها، ثم انهم لم يردوا كلام الوزير بالمولوتوف ولا بالاشتباك مع الشرطة، وانما استخدموا فى ذلك الحجة والأدلة والقرائن. وهم لم يختفوا وراء لافتات غامضة وانما أعلنوا عن أنفسهم باعتبارهم يمارسون عملا قانونيا يدافعون من خلاله عن قضية نبيلة تهم مستقبل الوطن بأسره. وقد أفهم ان يكتفى موقع وزارة الداخلية بنشر كلام الوزير وتجاهل بيان الشباب، لكنى لم أفهم تجاهل مختلف وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية له. لمجرد انه يعبر عن وجهة نظر أخرى نقضت كلام الوزير بأسلوب سلمى ومتحضر. صحيح أن ذلك التجاهل لم يحاصر البيان تماما، إلا أنه فى حده الأدنى جاء كاشفا للمدى الذى بلغه نفوذ وزارة الداخلية والسلطان الذى تمارسه فى المحيط الإعلامى. وكيف انه يخدم فى النهاية وجهة النظر الحكومية دون غيرها.

لأن الحكومة سمعها ثقيل، فلست أظن أن بيان شباب «الحرية للجدعان» سيغير شيئا من الواقع، ولكن نشره وتعميمه يتيح للرأى العام أن يطلع على الوجه الآخر للحقيقة. وليس مطلوبا من الإعلام أن يفعل أكثر من ذلك. إذ ما علينا إلا البلاغ.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يسألونك عن المعتقلين يسألونك عن المعتقلين



GMT 07:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سيد... والملّا... والخاتون

GMT 07:10 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيارة محمّد بن زايد للكويت.. حيث الزمن تغيّر

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

غلق مدرسة المستقبل

GMT 07:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّ الكِرَامَ قليلُ

GMT 07:08 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني... وقبائل الصحافة والفنّ

GMT 07:07 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مع ترمب... هل العالم أكثر استقراراً؟

GMT 07:06 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... ومآلات الشرق الأوسط

GMT 07:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اللغة التى يفهمها ترامب

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon