توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شرارة الغضب فى المغرب

  مصر اليوم -

شرارة الغضب فى المغرب

فهمي هويدي

شرارات الغضب والتمرد تناثرت فى الفضاء المغربى منذ بداية الأسبوع، حين روِّع المغاربة بحادث طحن بائع للسمك فى عربة للنفايات، بعدما صودرت حصته منها وألقيت فى العربة، فسارع من جانبه بإلقاء نفسه لاستعادتها، ولكن تم تشغيل آلة الشفط الضاغطة التى فرمته ضمن النفايات وأجهزت عليه. حدث ذلك يوم الجمعة الماضى فى بلدة الحسيمة الواقعة فى منطقة الريف الأمازيغية شمالى البلاد. صدم المغاربة حين ذاع الخبر، وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعى صورة الشاب (محسن فكرى ٣١ سنة) وهو يصارع الموت بين فكى آلة الشفط. حيث ظهر وجهه وذراعه قبل أن يختفى تماما. وانتشر هاشتاج على المواقع يحمل عنوان (طحن ــ مو) وتعنى اقتل أمة، للدلالة على ما يصفه المغاربة بـ«الحكرة»، أى هدر بعض رجال السلطة كرامة الباعة من الفقراء ومتوسطى الحال. وتناقلت الصحافة المحلية تصريحات لشهود أفادوا بأن شرطيا أمر سائق شاحنة النفايات بتشغيل آلة الشفط بعدما ألقى الشاب بنفسه وسطها لاستعادة أسماكه ونقل عنه قوله «طحن ــ مو». وهو ما نفته الشرطة فى وقت لاحق. الشاهد أن الحادث الذى صدم الجميع أطلق احتجاجات عارمة خرجت فى بلدة الحسيمة ثم عمت مختلف المدن المغربية. ذلك أن مواقع التواصل تناقلت دعوات للتظاهر إعرابا عن الغضب والاحتجاج على سلوك الشرطة والمطالبة بمعاقبة المسئولين عن الجريمة، من ثم انتقلت المظاهرات من الحسيمة إلى طنجة ومراكش أكادير ووجنة والرباط والدار البيضاء.

احتلت القصة عناوين الصحف المغربية، فكتبت صحيفة «أخبار اليوم» على صفحتها الأولى أن «المغرب فى صدمة ــ موت بائع السمك المروع يبكى الريف ويغضب المغاربة»، وتساءلت صحيفة «الأحداث» المستقلة «من طحن بائع السمك».. إلخ. فى الوقت ذاته كان للحادث صداه فى أوساط الطبقة السياسية، التى أدانت الحادث ودعت منتسبيها إلى المشاركة فى مظاهرات الغضب والاحتجاج. ورغم أن رئيس الوزراء عبدالإله بن كيران أعرب عن أسفه لوقوع الحادث المأساوى، إلا أنه طالب أعضاء حزبه (العدالة والتنمية) بعدم الاستجابة لدعوات التظاهر، غير أن آخرين من قادة الحزب طالبوا بفتح تحقيق جدى فى ملابسات الحادث لمحاسبة المسئولين عنه.

أعاد حادث طحن بائع السمك فى عربة النفايات إلى الأذهان قصة التونسى محمد البوعزيزى الذى أشعل النار فى نفسه فى شهر ديسمبر عام ٢٠١٠. وكانت تلك هى الشرارة الأولى للربيع العربى فى عام ٢٠١١. فالحادثان وقع فى يوم الجمعة، وكانت وراءهما مصادرة الشرطة لبضاعة الرجلين، كما أن الرئيس التونسى زار البوعزيزى قبل وفاته لامتصاص الغضب الجماهيرى، أما ملك المغرب الذى كان فى زيارة خارج البلاد فقد أوفد مبعوثا إلى أسرة الشاب محسن فكرى نقل إليها تعازيه ومساندته لأسرته ماديا وحقوقيا.

شاءت المقادير أن تقع جريمة طحن محسن فكرى يوم الجمعة ٣٠/١٠، بعد يومين من إلقاء القبض على المطرب المغربى الشهير سعد لمجرد فى باريس إثر اتهامه باغتصاب واحتجاز فتاة فرنسية. وهو الحادث الذى ترددت أصداؤه فى الوسطين الفنى والثقافى. وكان من أبرز تلك الأصداء أن ملك المغرب كلف محاميه الفرنسى بالدفاع عنه لتبرئة ساحته أمام القضاء. إلا أن ذلك أثار موجة من التعليقات التى أعربت عن الاستياء فى أجواء التوتر السائد. من ذلك ما نشره موقع «بديل» المغربى فى ٣١/١٠ للكاتب حميد مهدوى تحت عنوان «كلنا مغاربة يا ملك البلاد». إذ تساءل الكاتب مستنكرا، أى مصلحة للمؤسسة الملكية فى تعمد تعميم نشر ذلك الخبر والبلد فى حالة غليان واحتقان وغضب شعبى عارم وحداد غير مسبوق بسبب طحن مواطن مغربى داخل عربة نفايات؟ ثم هل سعد لمجرد مخصوص حتى يتكفل الملك بمصاريف دفاعه؟ وهل هذه المصاريف من المال الخاص للملك أم من المال العام؟ وهل سيتكلف الملك بمصاريف دفاع عائلة بائع السمك فى الحسيمة مثلما فعل مع سعد لمجرد؟ هل يمكن للملك أن يتكفل بمصاريف دفاع المتهمين المغاربة متى تورطوا فى جرائم خارج الوطن؟ وهل يمكن للملك أن يتكفل بمصاريف دفاع المغربيات المحتجزات فى السعودية.

مات محمد البوعزيزى بعد ١٨ يوما من إحراق نفسه، فانفجر الغضب فى تونس وأفضى إلى ما نعرف، أما محسن فكرى فقد طحن على الفور، وليس بوسعنا أن نعرف مصير الغضب الذى ستحدثه الفاجعة فى المغرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شرارة الغضب فى المغرب شرارة الغضب فى المغرب



GMT 00:13 2023 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بيننا وبين المغرب

GMT 00:01 2023 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

أبعد من استضافة المغرب لكأس أفريقيا.

GMT 01:09 2023 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

دبلوماسية الكوارث الطبيعية

GMT 00:06 2023 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

في المغرب... أمل يولد من المأساة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon