توقيت القاهرة المحلي 10:37:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شرارة الغضب فى المغرب

  مصر اليوم -

شرارة الغضب فى المغرب

فهمي هويدي

شرارات الغضب والتمرد تناثرت فى الفضاء المغربى منذ بداية الأسبوع، حين روِّع المغاربة بحادث طحن بائع للسمك فى عربة للنفايات، بعدما صودرت حصته منها وألقيت فى العربة، فسارع من جانبه بإلقاء نفسه لاستعادتها، ولكن تم تشغيل آلة الشفط الضاغطة التى فرمته ضمن النفايات وأجهزت عليه. حدث ذلك يوم الجمعة الماضى فى بلدة الحسيمة الواقعة فى منطقة الريف الأمازيغية شمالى البلاد. صدم المغاربة حين ذاع الخبر، وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعى صورة الشاب (محسن فكرى ٣١ سنة) وهو يصارع الموت بين فكى آلة الشفط. حيث ظهر وجهه وذراعه قبل أن يختفى تماما. وانتشر هاشتاج على المواقع يحمل عنوان (طحن ــ مو) وتعنى اقتل أمة، للدلالة على ما يصفه المغاربة بـ«الحكرة»، أى هدر بعض رجال السلطة كرامة الباعة من الفقراء ومتوسطى الحال. وتناقلت الصحافة المحلية تصريحات لشهود أفادوا بأن شرطيا أمر سائق شاحنة النفايات بتشغيل آلة الشفط بعدما ألقى الشاب بنفسه وسطها لاستعادة أسماكه ونقل عنه قوله «طحن ــ مو». وهو ما نفته الشرطة فى وقت لاحق. الشاهد أن الحادث الذى صدم الجميع أطلق احتجاجات عارمة خرجت فى بلدة الحسيمة ثم عمت مختلف المدن المغربية. ذلك أن مواقع التواصل تناقلت دعوات للتظاهر إعرابا عن الغضب والاحتجاج على سلوك الشرطة والمطالبة بمعاقبة المسئولين عن الجريمة، من ثم انتقلت المظاهرات من الحسيمة إلى طنجة ومراكش أكادير ووجنة والرباط والدار البيضاء.

احتلت القصة عناوين الصحف المغربية، فكتبت صحيفة «أخبار اليوم» على صفحتها الأولى أن «المغرب فى صدمة ــ موت بائع السمك المروع يبكى الريف ويغضب المغاربة»، وتساءلت صحيفة «الأحداث» المستقلة «من طحن بائع السمك».. إلخ. فى الوقت ذاته كان للحادث صداه فى أوساط الطبقة السياسية، التى أدانت الحادث ودعت منتسبيها إلى المشاركة فى مظاهرات الغضب والاحتجاج. ورغم أن رئيس الوزراء عبدالإله بن كيران أعرب عن أسفه لوقوع الحادث المأساوى، إلا أنه طالب أعضاء حزبه (العدالة والتنمية) بعدم الاستجابة لدعوات التظاهر، غير أن آخرين من قادة الحزب طالبوا بفتح تحقيق جدى فى ملابسات الحادث لمحاسبة المسئولين عنه.

أعاد حادث طحن بائع السمك فى عربة النفايات إلى الأذهان قصة التونسى محمد البوعزيزى الذى أشعل النار فى نفسه فى شهر ديسمبر عام ٢٠١٠. وكانت تلك هى الشرارة الأولى للربيع العربى فى عام ٢٠١١. فالحادثان وقع فى يوم الجمعة، وكانت وراءهما مصادرة الشرطة لبضاعة الرجلين، كما أن الرئيس التونسى زار البوعزيزى قبل وفاته لامتصاص الغضب الجماهيرى، أما ملك المغرب الذى كان فى زيارة خارج البلاد فقد أوفد مبعوثا إلى أسرة الشاب محسن فكرى نقل إليها تعازيه ومساندته لأسرته ماديا وحقوقيا.

شاءت المقادير أن تقع جريمة طحن محسن فكرى يوم الجمعة ٣٠/١٠، بعد يومين من إلقاء القبض على المطرب المغربى الشهير سعد لمجرد فى باريس إثر اتهامه باغتصاب واحتجاز فتاة فرنسية. وهو الحادث الذى ترددت أصداؤه فى الوسطين الفنى والثقافى. وكان من أبرز تلك الأصداء أن ملك المغرب كلف محاميه الفرنسى بالدفاع عنه لتبرئة ساحته أمام القضاء. إلا أن ذلك أثار موجة من التعليقات التى أعربت عن الاستياء فى أجواء التوتر السائد. من ذلك ما نشره موقع «بديل» المغربى فى ٣١/١٠ للكاتب حميد مهدوى تحت عنوان «كلنا مغاربة يا ملك البلاد». إذ تساءل الكاتب مستنكرا، أى مصلحة للمؤسسة الملكية فى تعمد تعميم نشر ذلك الخبر والبلد فى حالة غليان واحتقان وغضب شعبى عارم وحداد غير مسبوق بسبب طحن مواطن مغربى داخل عربة نفايات؟ ثم هل سعد لمجرد مخصوص حتى يتكفل الملك بمصاريف دفاعه؟ وهل هذه المصاريف من المال الخاص للملك أم من المال العام؟ وهل سيتكلف الملك بمصاريف دفاع عائلة بائع السمك فى الحسيمة مثلما فعل مع سعد لمجرد؟ هل يمكن للملك أن يتكفل بمصاريف دفاع المتهمين المغاربة متى تورطوا فى جرائم خارج الوطن؟ وهل يمكن للملك أن يتكفل بمصاريف دفاع المغربيات المحتجزات فى السعودية.

مات محمد البوعزيزى بعد ١٨ يوما من إحراق نفسه، فانفجر الغضب فى تونس وأفضى إلى ما نعرف، أما محسن فكرى فقد طحن على الفور، وليس بوسعنا أن نعرف مصير الغضب الذى ستحدثه الفاجعة فى المغرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شرارة الغضب فى المغرب شرارة الغضب فى المغرب



GMT 00:13 2023 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بيننا وبين المغرب

GMT 00:01 2023 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

أبعد من استضافة المغرب لكأس أفريقيا.

GMT 01:09 2023 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

دبلوماسية الكوارث الطبيعية

GMT 00:06 2023 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

في المغرب... أمل يولد من المأساة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:14 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
  مصر اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon