بقلم فهمي هويدي
هل يمكن أن تتحالف إسرائيل وحماس ومصر فى مواجهة داعش فى سيناء؟ «الواشنطن بوست» ردت على السؤال بالإيجاب، ونشرت تقريرا تحت عنوان أعلن مضمونه إقامة ذلك التحالف، فى عددها الصادر فى يوم السبت ٣٠ أبريل الذى غادرناه توا. ومما ذكرته الصحيفة الأمريكية أن الهجمات التى شنتها عناصر تنظيم الدولة اتسمت بدرجة من الكثافة والتعقيد، استدعت إجراء تفاهمات بين الأطراف الثلاثة لمحاولة احتواء نفوذ «داعش» قبل أن يستفحل ويشكل خطرا على الجميع. ذلك أن مصر إذا كان يؤرقها نشاط داعش فى سيناء. فإن إسرائيل تراقب الموقف بحذر أشد. معتبرة أنها يمكن أن تصبح هدفا للتنظيم فى طور لاحق. ومما أشار إليه تقرير الواشنطن بوست أنه بعدما حدثت عدة إصابات بين أربعة من جنود قوات المراقبة الدولية فى سيناء، وبعدما استهدفت «الولاية» بعض آلياتها فإن الولايات المتحدة التى لها ٧٠٠ جندى ضمن تلك القوات ومعهم آخرون من بلدان أخرى أعربت عن قلقها إزاء تطورات الموقف فى سيناء. وهو ما دفع قائد المنطقة المركزية الأمريكى الجنرال جوزيف واتفورد لزيارة القاهرة مرتين فى الشهر الماضى والذى سبقه لمناقشة الوضع هناك إضافة إلى بحث ملف الأمن الإقليمى. وكان التطور فى عمليات داعش قد أثار اهتمام المخابرات الأمريكية فى الآونة الأخيرة، وبوجه أخص فى أعقاب تفجيرها لطائرة الركاب الروسية الذى أسفر عن مقتل ٢٢٤ شخصا هم كل ركابها. وكانت تلك العملية إضافة إلى قرائن أخرى قد دلت على ما تتمتع به داعش من قدرات خاصة، سواء فى التسليح أو التخطيط من بين العوامل التى حركت التفاهمات التى حدثت بين مختلف الأطراف لمحاولة وضع حد لتنامى أنشطة التنظيم فى سيناء، تجنبا لتداعياته المستقبلية التى اهتمت بها مصر وإسرائيل فى الوقت نفسه.
القلق المصرى والإسرائيلى استدعى إشراك حماس فى مخطط المواجهة، كى تقوم بدور فى تشديد ضبط الحدود والأنفاق بما يضيق من مجال حركة داعش ويحد من استثمارهم للأنفاق وتواصلهم مع أقرانهم فى غزة. ويبدو أن حماس لم تمانع فى أن تقوم بالمهمة من ناحية للتأكيد على أنها لم تكن يوما ما طرفا فى الأحداث التى شهدتها مصر فى سيناء أو فى غيرها. رغم أن أصابع الاتهام إشارت إليها مرارا فى ذلك. ومن ناحية ثانية لأن العلاقة يشوبها التوتر التقليدى بين حماس وحركة السلفية الجهادية التى هى الأساس فى فكر داعش التى حكمت عليها بالردة. ومعروف أن زعيم السلفية الجهادية فى رفح عبداللطيف موسى الملقب بـ«أبى النور المقدسى» كان قد أعلن قيام «الإمارة الإسلامية فى أكناف بيت المقدس عقب صلاة الجمعة فى مسجد ابن تيمية برفح (فى ١٤/٨/٢٠٠٩)، الأمر الذى دفع حماس إلى محاصرة المسجد والاشتباك مع المقدسى وجماعته، مما أدى إلى مقتله مع عشرة من أنصاره واعتقال عشرات آخرين.
تحدث التقرير عن أن حماس اتخذت أخيرا عدة إجراءات تنفيذية لإحكام ضبط الحدود التزاما بالاتفاق الذى تم. إذ شوهد عدة مئات من جنودها قد انتشروا على حدود القطاع.
أغلب الظن أن الموضوع أثير أثناء زيارات وفد حماس الأخيرة للقاهرة، التى بدأت وتكررت بعدما أعلن وزير الداخلية اتهامها بالضلوع فى اغتيال المستشار هشام بركات النائب العام المصرى السابق، ورغم أن وفد حماس وكذلك المصادر المصرية تكتمت أمر المباحثات التى جرت بين الطرفين، إلا أن تقرير الواشنطن بوست يسلط الضوء على بعض جوانبها على الأقل. خصوصا أن قادة حماس وفى مقدمتهم نائب رئيس المكتب السياسى الدكتور موسى أبومرزوق دأبوا على الحديث عن تطلعاتهم لتوثيق العلاقات مع القاهرة وإزالة الشوائب التى أثيرت حولها فى وسائل الإعلام وروجتها أطراف حريصة على استمرار تأزيم العلاقة مع مصر، لتثبيت إغلاق معبر رفح ومن ثم ممارسة الضغط على حماس فى الداخل.
إزاء ذلك فلعلى أذهب إلى أن حديث الواشنطن بوست عن «تحالف» بين إسرائيل وحماس ومصر على مواجهة جماعة «داعش» اتسم بالمبالغة، لأن التفاهم الحقيقى تم بين حماس والقاهرة، فى حين تولت القاهرة من جانبها الاتفاق مع الإسرائيليين. ومن ثم لم يكن هناك تفاهم حول الموضوع بين حماس وإسرائيل، لأن الفجوة بين الطرفين أعمق من أن يتم تجاوزها والصراع بينها لايزال على أشده ــ والله أعلم.