توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القمع والانتقام ليسا حلا

  مصر اليوم -

القمع والانتقام ليسا حلا

بقلم فهمي هويدي

لا يكفى أن نعرب عن الصدمة والحزن إزاء قتل ضابط كبير فى القاهرة. ولا يقدم أو يؤخر أن نصب لعناتنا على الإرهاب وسنينه، وأن نتوعد الإرهابيين ومن وراءهم. ولا بأس من أن نشدد الاحتياطات الأمنية التى يفترض أنها من لزوميات الظروف الطارئة التى نمر بها، ذلك إننا مطالبون فوق كل ذلك بأن نفكر فى الموضوع بعقولنا وليس فقط بغرائزنا وانفعالاتنا. لست ضد الانفعال، لكننى أقدره وأدعو فقط إلى ضبطه وعقلنته، كى لا يظل رد الفعل مقصورا على التنديد والتشنج والتحريض على الانتقام.

الأشرار فى إسرائيل يفكرون بهذه الطريقة. حين فوجئوا بانتفاضة القدس أو انتفاضة السكاكين فى العام الماضى (٢٠١٥) فإنهم تعاملوا مع الشبان الغاضبين على مستويين. من ناحية ألقوا القبض على الفاعلين والمتظاهرين لمعاقبتهم بما نعرف من أساليب. ومن ناحية ثانية فإنهم أطلقوا جماعات من باحثيهم للتعرف على خلفيات المعتقلين، من انتمائهم إلى دوافعهم لاستخدام السكاكين مرورا بتوزيعهم الجغرافى وظروفهم العائلية، كان من السهل وربما المفهوم أن يتهم هؤلاء الشبان بالانتماء إلى حركة حماس أو الجهاد الإسلامى، وهى الذريعة التى يمكن أن تسوقها وتستند إليها فى توجيه ضربات موجعة إلى أى من المجموعتين. ورغم أن ذلك أول ما خطر على بالهم. إلا أنهم لم يتعجلوا واعتمدوا نتائج جهد الباحثين، التى نفت علاقة هؤلاء بحركة حماس أو الجهاد، الأمر الذى دعاهم إلى تعديل مسار البحث للتعرف على الأسباب الأخرى التى دعتهم إلى الاشتراك فى الانتفاضة وحمل السكاكين، وهو ما ترتب عليه قاعدة بيانات مهمة ترتبت عليها إجراءات عدة لا مجال للاستفاضة فيها.

ما همنى فى التجربة أن المعالجة الإسرائيلية للحدث لم تكن أمنية فقط، وإنما تزامن مع ذلك مسار آخر، استهدف تعميق البحث لتفادى تكرار ما جرى فى المستقبل.

وإذ لا أخفى كراهية لكل ما هو إسرائيلى، فإننى أزعم أنهم وهم يمارسون شرورهم يلجأون إلى أساليب يمكن الإفادة منها فيما هو أفضل.

كنت قد أشرت فى مقام سابق مماثل إلى أن إدانة الجريمة أمر ضرورى، لكن من المهم أيضا أن نتعرف بدقة على من فعلها ولماذا. وهو ما أكرره الآن محذرا من التعجل فى تسجيل المواقف وإصدار البيانات. ومذكرا بواقعة تفجير مقر مديرية أمن الدقهلية فى أواخر شهر ديسمبر عام ٢٠١٣، التى أعلن آنذاك أن الإخوان من قاموا بها، وبناء على ذلك اعتبرت الجماعة إرهابية وجرى حظر جميع انشطتها. إلا أن جماعة أنصار بيت المقدس بثت شريط فيديو بعد ذلك بأربعة أشهر (فى شهر أبريل عام ٢٠١٤) أعلنت فيه أنها المسئولة عن عملية التفجير الذى سجل الشريط مراحل تنفيذها وصورة الشخص الذى قام بها.

حين أذيع خبر قتل الضابط الكبير ذكرت وسائل الإعلام أن الإخوان وراء العملية. وبعد ٢٤ ساعة أعلن أن الذين نفذوا الجريمة ثلاثة من الإخوان وجرى التعرف على أسمائهم، ينتمون إلى كيان غامض باسم «لواء الثورة»، وقد سبق لعناصر تلك المجموعة أنهم اشتبكوا مع كمين للشرطة فى المنوفية مما أسفر عن قتل اثنين وإصابة أربعة، وإزاء التعرف على أسمائهم فإن إلقاء القبض عليهم هم وشركاؤهم يصبح مسألة وقت لا أكثر. وفى هذه الحالة فإن التعامل الأمنى معهم يصبح مفهوما، ولكن الاكتفاء بأنهم إخوان ومعاقبتهم جراء ذلك لن يحول دون ظهور كيانات أخرى وتكرار الجريمة، لذلك من المهم للغاية أن يبذل جهد مواز سواء لتحرى انتمائهم الحقيقى أو دوافعهم لاستخدام العنف أو علاقتهم بجماعات العنف الأخرى. وسبب استهدافهم لضابط كبير فى القوات المسلحة، فى حين أن رجال الشرطة وبعض رجال القضاء هم الذين استهدفوا فى المرات السابقة.

لا أستبعد أن يكون القتلة من الإخوان، لأن الجماعة باتت متعددة التوجهات والأجيال. وسيكون مقلقا أن نكتشف أنهم من تلك الأجيال التى تشكل إدراكها فى السنوات الأخيرة أو من سلالة أناس عذبوا أو قتلوا. لأن ذلك يعنى أننا بصدد الدخول فى طور جديد أو دورة جديدة من العنف تتطلب دراسة خاصة، وربما مراجعة لكيفية احتواء ذلك التطور. وهو أمر لا يكفى فيه القمع أو الاكتفاء بتشديد القبضة الأمنية. حيث أزعم أنها مهمة تفوق طاقة وقدرات أجهزة الأمن ذاتها.

فى التفاصيل كلام كثير، لا جدوى من الخوض فيه طالما ظل التعويل على الأمن وحده هو الخيار المفضل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القمع والانتقام ليسا حلا القمع والانتقام ليسا حلا



GMT 12:48 2016 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بشرى للاعبين المحليين

GMT 14:24 2016 الجمعة ,09 كانون الأول / ديسمبر

هل الكتابة خدعة؟

GMT 14:23 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحرجتنا ماليزيا

GMT 11:38 2016 الثلاثاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

الإصلاح السياسى مقدم على الإصلاح الدينى

GMT 12:04 2016 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

التغريبة الثالثة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon