توقيت القاهرة المحلي 13:19:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فرقعة ١١-١١

  مصر اليوم -

فرقعة ١١١١

بقلم فهمي هويدي

لا أستغرب أن تنطلق الدعوة من مصدر مجهول لثورة الغلابة أو ثورة الجياع فى مصر ١١/١١ المقبل. كما أننى لا أستغرب الدوى الذى أحدثته الدعوة فى المجتمع، إلا أننى فوجئت بالقلق الذى أشاعته فى دوائر السلطة وعبرت عنه منابرها وأبواقها. فمثل تلك الدعوة قد تكون مفهومة فى الظروف الدقيقة والحرجة التى تمر بها مصر، خصوصا فى ظل الغلاء الذى انفلت عياره وأصبح يزداد توحشا يوما بعد يوم. وإزاء البلبلة المخيمة وفقدان الثقة فى السياسات المتبعة وانسداد الأفق فى المستقبل فإن الدعوة مست وترا حساسا فى المجتمع، وعكست حالة السخط العام التى انتشرت فى الشارع المصرى. وهو ما يفسر سرعة انتشار الخبر. لكن ذلك كله كفه وأصداء الدعوة فى دوائر السلطة فى كفة أخرى. ذلك أن ثمة قرائن عدة دلت على أن الدعوة كان لها صداها الذى أزعج السلطة واستنفرها، حتى بدا وكأنها أخذت الأمر على محمل الجد، فقرأنا أخبارا عن استعدادات الشرطة لذلك اليوم وطالعنا مقالات وبيانات تحدثت عن «سيناريوهات» الثورة المزعومة، وشددت على أن الدعوة جزء من مؤامرة إخوانية، كما دعت الناس إلى الحذر من الخروج إلى الشوارع فى ذلك اليوم.. إلخ.


حدث ذلك رغم أننا لم نعرف مصدر الدعوة، ولم تتبناها أى قوة سياسية فى داخل مصر. حتى الإخوان لم يصدر عنهم بيان يؤيدها. بالتالى فإننا لم نعرف حقيقة حجم الموضوع وهوية «القوى» التى تقف وراءه. وهو الأمر الذى يفترض أن أجهزة السلطة أقدر على قياسه. إذ لا أتصور أنها تحدد موقفها فى ضوء ما تنشره الصحف أو تتناقله مواقع التواصل الاجتماعى. وكلها مصادر لا يعتد بها خصوصا حين يتعلق الأمر بثورة فى بلد كبير يسكنه أكثر من ٩٠ مليونا من البشر.

تحضرنى فى هذا الصدد قصة عميقة الدلالة قرأتها هذا الأسبوع للكاتب المغربى عبدالحق الريكى. إذ نشر الرجل على صفحته مقالا تحت عنوان «ثورة العدسيين» خلاصتها أنه حين لاحظ شدة الاهتمام فى المواقع الاجتماعية بأزمة ارتفاع أسعار العدس، الذى يشكل وجبة متميزة ومهمة فى المطبخ المغربى، وإزاء الغليان الذى ترتب على ذلك فى الأوساط الشعبية فإنه قرر أن يدلى بدلوه فى الموضوع وكتب على صفحته تغريدة فى ١٨ ثانية تندر فيها على الأزمة قائلا: يا شعب الفيسبوك العظيم، موعدنا جميعا يوم الأحد الساعة العاشرة صباحا بساحة باب الأحد بالرباط، لرفع شعار واحد هو سْوّا اليوم سْوّا غدا، العدس لابُدَّا.

كان ذلك بعد ظهر يوم الخميس. إلا أنه فوجئ حين فتح هاتفه صباح الجمعة بمئات التعليقات التى تجاوبت مع الدعوة وأبدت استعدادا للنزول إلى الشارع من أجل العدس فى الموعد المقترح. واستغرب أن رسائل المتضامنين انهالت عليه ليس من الرباط وحدها ولكن من مختلف أنحاء المغرب. كما أنه وجد أن بعض الفاعليات طلبت ترتيب لقاء معه لترتيب مسيرة العدس يوم الأحد. وحين فرغ من أداء صلاة الجمعة التقاه أحد رجال الأجهزة الأمنية يسأله حول الموضوع ويقترح عليه أن يلتقى أحد رؤسائه لمناقشته. اندهش الرجل إزاء تطور الأمر على ذلك النحو الذى لم يتوقعه، أنه سخريته أوقعته فى حيص بيص، وعبر عن ذلك قائلا: لعنت العدس وأهل العدس وثوار العدس والفيسبوك، وفى ختام مقاله قال إنه فى الحلقات القادمة سيروى «تطورات ثورة العدسيين من لقائى بالثوار العدسيين وقضية التفاوض مع حكومة تصريف الأعمال من رئيسيها إلى بعض وزرائها. ثم عن المسيرة وقمعها واعتقال ثوار العدس وإطلاق سراحهم بعد تدخل الأمريكان». وفى السطر الأخير من المقالة ذكر الكاتب أن الأحداث من وحى خياله، وأن أى تشابه بينها وبين ما يجرى فى المغرب هو من قبيل المصادفة ليس إلا.

لا أعرف ما إذا كنا إزاء فرقعة من ذلك القبيل أن لا. لكن لدى علامات استفهام عديدة بخصوص مصدر الدعوة. وفى أجواء الغموض التى نعيشها لا أستبعد أن تكون العملية مفتعلة لتسخين الأجواء ومضاعفة القلق لتبرير لجوء السلطة إلى اتخاذ إجراءات استثنائية لإجهاض العملية ومواجهة «المؤامرة». وفى هذا الصدد سمعت من بعض الخبثاء أن الفرقعة يمكن أن تحدث دخانا فى الفضاء المصرى يسمح بتمرير بعض الإجراءات التى تتردد الحكومة فى اتخاذها مثل تعويم الجنيه أو رفع الدعم عن البترول. وهى النميمة التى تستند إلى أن اللوثة الحاصلة الآن يتعذر أن تستمر وأن الحكومة لابد أن تفعل شيئا لوضع حد لها. وخياراتها فى ذلك عديدة. ربما كانت فكرة الثورة المذكورة من بينها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرقعة ١١١١ فرقعة ١١١١



GMT 12:48 2016 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بشرى للاعبين المحليين

GMT 14:24 2016 الجمعة ,09 كانون الأول / ديسمبر

هل الكتابة خدعة؟

GMT 14:23 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحرجتنا ماليزيا

GMT 11:38 2016 الثلاثاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

الإصلاح السياسى مقدم على الإصلاح الدينى

GMT 12:04 2016 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

التغريبة الثالثة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon