توقيت القاهرة المحلي 07:15:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«مؤامرة» السيول

  مصر اليوم -

«مؤامرة» السيول

بقلم فهمي هويدي

هل هناك مؤامرة وراء هجوم السيول التى أغرقت وخربت ست محافظات فى مصر، فى توقيت متزامن مع ختام مؤتمر الشباب فى شرم الشيخ؟ لا أستبعد أن يكون البعض قد طرح السؤال، بعدما درجنا على إرجاع العديد من النوازل التى حلت بنا إلى مؤامرات «أهل الشر» الذين يتربصون بمصر ولا يرجون لها خيرا. لا تستغرب، فقد حدث ذلك حين أغرقت الأمطار مدينة الإسكندرية. وقيل إنهم (أهل الشر) سدوا البلاعات، وحين شح الدولار وانفلت عياره، وحين اختفت أسطوانات البوتاجاز، وحين تكرر انقطاع التيار الكهربائى وتم تسريب أسئلة الامتحانات. وأخيرا حين شاعت البلبلة فى البلد وخيم عليها «التشاؤم».

فى كل ذلك كانت الأبواق تسارع إلى رفع العتب والإشارة إلى مخططات أهل الشر. وكانت خيوط المؤامرة تسرب إلى وسائل الإعلام ووراءها أجهزة التوجيه المعنوى وتحريات الأمن الجاهزة، التى لم تقصر فى التعبئة والشحن لتصفية الحسابات والتساوق مع الريح السياسية.

مشكلة السيول أنه رغم توفر بعض شواهد التآمر فيها، إلا أنه ثمة صعوبة جمّة فى التوظيف السياسى لها. ذلك أن إغراق ست محافظات وترويع سكانها شهادة على أن مصر «مستهدفة». كما يثير الانتباه ويرفع من وتيرة الشك أن يتزامن انطلاق السيول فى أجواء السخط العام الذى يعم البلد بسبب الغلاء الفاحش ومع ختام مؤتمر الشباب الذى كان بمثابة عرس نظمته الرئاسة وكان الرئيس أبرز نجومه. كما يثير التساؤل أن تجتاح السيول محافظتى البحر الأحمر وجنوب سيناء الواقعتين فى محيط شرم الشيخ فتحدث ما أحدثته من دمار وغضب ثم تقطع طريق عودة المشاركين فى المؤتمر. من ثم فإن حبك التهمة لن يستعصى على جهات الاختصاص، لكن المشكلة الكبرى تكمن فى الجهة أو الجهات التى يمكن أن ينسب إليها التآمر ويتم بناء على ذلك إلقاء القبض على «الخلية» التى افتعلت الأزمة.

لا أستبعد أن يستشهد أحد خبراء مكتب نسج المؤامرات بفكرة «مجلس إدارة العالم» التى أطلقها أحد الخبراء من زملائه فى العام الماضى، وأعلن على شاشة التليفزيون أن المجلس المذكور بمقدوره أن يطلق الأعاصير ويفجر البراكين ويحرك الزلازل. ذلك أن من يدبر كل ذلك سيكون بوسعه أن يسلط السيول الجارفة نحو أى هدف يراد إغراقه وتخريبه. وهى فكرة لا تخلو من جاذبية، رغم أنها لم تؤخذ على محمل الجد حينذاك وصارت مثيرة للتندر والسخرية. إلا أن التوظيف السياسى لها قد يحدث مفعولا عكسيا، لأن الحديث عن «أخونة» مجلس إدارة العالم يجهض الفكرة ويحولها من خرافة إلى كذبة أو نكتة كبرى.

إزاء انسداد أبواب الافتعال والتلفيق، لم يكن هناك مفر من الكف عن دفن الرءوس فى الرمال والاعتراف بأن الكارثة منتج محلى صرف، وأنه إذا كانت هناك مؤامرة، فإن أيدينا هى التى نسجتها من خلال الإهمال الجسيم وسوء التدبير. ذلك أن السيول لها موعد سنوى، ولها طرق تسلكها، ولم يتحسب أحد للموعد (رغم أن مصلحة الأرصاد نبهت إليه قبل شهر من الكارثة) ولا عولجت أو روعيت الطرق بما يحول دون تحول السيول إلى كارثة سنوية.

قرأنا عن انعدام التنسيق بين الجهات الحكومية التى تقسم الأراضى والطرق. وعن تعثر إعداد أطلس للسيول، وعن خطة قومية لمواجهة السيول أعلن عنها فى عام ٢٠١٤، ثم تبين أنها «كلام جرايد» يحدث أثره فى حينه ثم ينسى آخر النهار، الشاهد أن جهاز الإدارة لم يتخل عن موقفه التقليدى، الذى بمقتضاه لا يتم التعامل مع الأزمات قبل وقوعها ولكن الانتباه من الغفلة والاستيقاظ من النوم لا يحدثان إلا حين تقع الواقعة وتحدث الكارثة. وليست تلك هى المشكلة الوحيدة، لأن هناك مشكلة أخرى تتمثل فى أن أحدا لا يحاسب على الإهمال والاستهتار. لأن كل الجهد منصرف إلى الأمن السياسى. أما الأمن الاجتماعى فهو فى مرتبة تالية، رغم أن إغراق ست محافظات بالسيول ومقتل ٢٥ شخصا وإصابة ٧٠ آخرين عمل إرهابى بامتياز. ومشكلة هؤلاء أنهم من الغلابة أبناء البطة السوداء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«مؤامرة» السيول «مؤامرة» السيول



GMT 12:48 2016 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بشرى للاعبين المحليين

GMT 14:24 2016 الجمعة ,09 كانون الأول / ديسمبر

هل الكتابة خدعة؟

GMT 14:23 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحرجتنا ماليزيا

GMT 11:38 2016 الثلاثاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

الإصلاح السياسى مقدم على الإصلاح الدينى

GMT 12:04 2016 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

التغريبة الثالثة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon