توقيت القاهرة المحلي 11:24:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تركنا للحيرة والبلبلة

  مصر اليوم -

تركنا للحيرة والبلبلة

بقلم فهمي هويدي

لم نفهم شيئًا مما نشرته وسائل الإعلام المصرية عن الشبهات المثارة حول فساد المعلبات والمنتجات الغذائية التى تصدر إلى الخارج. وهى التى أشار إليها تقرير منظمة الغذاء والدواء الأمريكية، ورغم أن سمعة الصادرات المصرية تهمنا، وكذلك صحة الأوروبيين والأمريكيين الذين يتداولون تلك السلع، إلا أن الذى يهمنا بدرجة أكبر هو صحة ملايين المصريين، الذين يستهلكون تلك المنتجات فى صمت وصبر، ولا يجدون من يبصرهم بحقيقة ما يتناولونه.

كل ما قرأناه أن المنظمة الأمريكية تحدثت عن شبهات طالت سلامة تلك المنتجات فى تقرير لها تحدث عن دول عدة بينها مصر. أما رد الفعل المصرى فقد تراوح، بين التشكيك فى دقة تلك المعلومات، والتشكيك فى مقاصدها، حيث اعتبرها البعض ضمن الجهود التى تبذل لتشويه سمعة مصر والحرب الإعلامية التى تشن ضدها.

أيًا كان رأينا فى الاتهامات فإنها لم توضح للمواطن المصرى أوجه الخطأ أو الصواب فى التقدير العلمى. وكل ما تلقيناه كان تعليقات واجتهادات شخصية فى الموضوع. لكننا لم نسمع عن تصريح رسمى أو بيان شافٍ من وزارة الصحة مثلًا يصوب ما قيل أو ينفيه. وبذلك تركنا نهبًا للحيرة والبلبلة.

لا أخفى أن الصدى عندى أضاف الشك إلى جانب الحيرة والبلبلة. إذ لم أستبعد صحة بعض المعلومات التى وردت فى التقرير الأمريكى لثلاثة أسباب هى: الأول أن الفساد فى مصر أصبح متفشيًا بصورة لا يستبعد معها أن يتخلل عمليات التصدير والتعليب. حيث لا يعقل مثلًا أن يشيع الفساد فى مختلف المجالات، فى حين يستثنى قطاع تصدير المعلبات والمنتجات الزراعية. السبب الثانى أن أجهزة الدولة معنية بالأمن السياسى بحيث لم يعد الأمن الاجتماعى واردًا ضمن أولوياتها. ذلك أن شغلها الشاغل أصبح محصورًا فى مراقبة النشطاء السياسيين، أما رقابة الأسواق أو التدقيق فى عمليات الإنتاج السلعى فهو من اختصاص الأجهزة البيروقراطية عديمة الهمة وضعيفة الفاعلية. ورغم أن انتشار الفساد فى قطاع المنتجات الغذائية يعد إرهابًا حقيقيًا، إلا أنه يهدد المجتمع ولا شأن له بالنظام أو السلطة. السبب الثالث أن قيمة المساءلة والمحاسبة لم تترسخ بعد فى مجتمعنا. وتجربتنا مع مجلس النواب أقنعتنا بأننا لا نستطيع أن نعول عليه فى مساءلة الحكومة فى مثل هذه الأمور أو غيرها. كما أن ما جرى لرئيس جهاز المحاسبات السابق، المستشار هشام جنينة، كان درسًا قويًا يحذر أجهزة الرقابة على الفساد من ملاحقته فى جميع مصادره، لأننا رأينا كيف عوقب المستشار جنينة حين فضح حجم الفساد، فعزل من منصبه وحكم عليه بالسجن وفصلت ابنته من وظيفتها.

لأن الحوار حول موضوع فساد الأغذية غاب عن وسائل الإعلام المقروءة والمرئية، فإن القضية باتت حية عبر مواقع التواصل الاجتماعى. حينئذ وجدت بعض أبواق السلطة أن الحل لا أن يؤخذ الأمر على محمل الجد، بحيث تشكل لجنة أو فريق عمل ــ مثلًا ــ لتحرى الحقيقة وطمأنة الرأى العام. وإنما فضلوا فتح ملف تلك المواقع، وإثارة الشبهات حول دورها فى ترويج الشائعات والأكاذيب. حتى بدا وكأن الحل أن توقف تلك المواقع وتحظر أنشطتها، إعمالًا للقاعدة التى تقول بأن «الباب الذى يأتيك منه الريح أغلقه لتستريح». وهو ذاته نمط التفكير الذى برز حين تم تصوير التعذيب فى أحد أقسام الشرطة من خلال جهاز المحمول، فعالج بعض الجهابذة الأمر بحظر دخول تلك الأجهزة الشريرة إلى مقار أقسام الشرطة وأماكن احتجاز المعتقلين!

وإلى أن نسمع كلامًا محددًا يوضح لنا الحقيقة فيما نتناوله من أغذية سنظل فريسة للحرية والبلبلة والشك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركنا للحيرة والبلبلة تركنا للحيرة والبلبلة



GMT 12:48 2016 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بشرى للاعبين المحليين

GMT 14:24 2016 الجمعة ,09 كانون الأول / ديسمبر

هل الكتابة خدعة؟

GMT 14:23 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحرجتنا ماليزيا

GMT 11:38 2016 الثلاثاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

الإصلاح السياسى مقدم على الإصلاح الدينى

GMT 12:04 2016 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

التغريبة الثالثة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:14 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
  مصر اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon