توقيت القاهرة المحلي 14:11:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نقد ذاتى نادر

  مصر اليوم -

نقد ذاتى نادر

بقلم فهمي هويدي

نادرا ما نسمع عن نقد ذاتى مارسه أحد المسئولين العرب، أندر منه أن يتم ذلك النقد فى العلن وعلى ملأ من الناس. لكن خالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فعلها. إذ مارس ذلك النقد بشجاعة فى جلسة حوارية بثتها قناة الجزيرة على الهواء يوم السبت الماضى (٢٤/٩) (دعا إليها مركز الجزيرة للأبحاث والدراسات وشهدها جمع من المثقفين العرب). ولم يقتصر نقده على تجربة حماس فى غزة فقط، ولكن النقد شمل أيضا سلوك وموقف الحركات الإسلامية أثناء الربيع العربى.

تحدث أبوالوليد فى أمور كثيرة تتعلق بالوضع الفلسطينى والعلاقة بين فتح وحماس وصمود الأخيرة وقدراتها. ولكن شق النقد الذاتى الذى مارسه لفت الأنظار واستأثر بالاهتمام، خصوصا أنه كان الأقرب إلى موضوع الحلقة الذى كان عنوانه «تحولات الحركات الإسلامية». عن تلك التحولات ذكر ما يلى: إن الإسلاميين وقعوا فى خطأين خلال مرحلة الربيع العربى أولهما المبالغة فى تقدير الموقف سواء بالنسبة لقدراتهم الذاتية أو بالنسبة لسلوك ورد فعل القوى المتضررة من الربيع على المستويين المحلى والإقليمى. وكانت تلك إشارة إلى أنهم بالغوا فى قدراتهم وهونوا من شأن قوى الثورة المضادة، وأرجع ذلك الخطأ إلى عوامل عدة بينها المبالغة فى الرهان على القوى الذاتية، فضلا عن قلة الخبرة وغياب المعلومات الدقيقة المتعلقة بالأجواء المحيطة، إلى جانب وقوعهم فى فخ التضليل من الجانب الآخر.

الخطأ الثانى الذى وقع فيه الإسلاميون تمثل فى ضعف كفاءة التعامل مع شركاء الوطن، حيث «ثبت بالتجربة العملية أن الأغلبية فى الصناديق مهمة، لكنها لا تكفى للانفراد بالقرار وبإدارة المؤسسات العامة».

فى حديثه عن أخطاء حماس فى غزة قال خالد مشعل إن أحد أعضاء مركزية فتح زاره أثناء تواجد الحركة فى دمشق فقال له: أخطأنا لما ظننا أن زمن فتح ولى وأننا البديل. وأنتم أخطأتم عندما تعاملتم مع حماس بأنها يمكن أن ترضى بنظام «الكوتة». وإنه لا حاجة للشراكة معها. وأضاف لقد استسهلنا أن نحكم وحدنا، وظننا أن ذلك أمر ميسور. واكتشفنا أن ذلك ليس سهلا، حيث تأكد لدينا أن نظرية البديل فكرة خاطئة، وأن المنهج الصحيح والمسار الأصوب يتمثل فى الشراكة والتوافق. لذلك فإنه بعد الاقتراع الحر ينبغى أن نذهب إلى الشراكة والتوافق الوطنى، ودعا إلى تطبيق الفكرة فى الساحة الفلسطينية بحيث لا تنفرد حماس بقرار الحرب ولا تنفرد فتح بقرار التسوية، حيث لا مفر من صياغة برنامج مشترك يعبر عن الجميع.

كلام أبوالوليد له أهمية خاصة لأنها المرة الأولى التى يفتح فيها ملف المراجعة من جانب قيادة على هذا المستوى. صحيح أن السيد راشد الغنوشى زعيم حركة النهضة التونسية أبدى ملاحظات حول الموضوع فى بعض أحاديثه، كما أن ثمة لغطا يدور حول نقد التجربة المصرية داخل السجون وبين القيادات المقيمة بالخارج، لكن الكلام المحدد الذى ذكره السيد خالد مشعل يبدو جديدا. ويفتح الباب لمناقشة جادة لتقييم ما جرى واستخلاص دروسه. وللأسف فإن تلك المناقشة الضرورية غير متاحة فى مصر فى الوقت الراهن، لأن المناخ العام معبأ بقراءة واحدة للتجربة وبكم هائل من المعلومات التى تحتاج إلى تدقيق وتصويب. ناهيك عن الموقف الرسمى مع إغلاق الملف وطى صفحته، وهو خيار يتبناه نفر من المثقفين وعناصر الطبقة السياسية، ويحبذه الخطاب الإعلامى المهيمن. ستظل تلك ثغرة لابد أن تعالج يوما ما، ليس فقط لكى نفهم ما جرى، ولكن أيضا لكى نتمكن من التوافق على صيغة لابد منها للتعايش فى المستقبل، وهو أمر مشروط بتحلى مختلف الأطراف بالشجاعة التى تمكنهم من الصدق فى نقد الذات، لأننا لا نستطيع أن نطمئن إلى مستقبل ينبنى على قاعدة عريضة من الأكاذيب والأغاليط والمكائد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نقد ذاتى نادر نقد ذاتى نادر



GMT 12:48 2016 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بشرى للاعبين المحليين

GMT 14:24 2016 الجمعة ,09 كانون الأول / ديسمبر

هل الكتابة خدعة؟

GMT 14:23 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحرجتنا ماليزيا

GMT 11:38 2016 الثلاثاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

الإصلاح السياسى مقدم على الإصلاح الدينى

GMT 12:04 2016 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

التغريبة الثالثة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon