توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وأزمة معرفية أيضا!

  مصر اليوم -

وأزمة معرفية أيضا

بقلم فهمي هويدي

نقض مجلس الدولة قرار رئيس جامعة القاهرة بفصل الدكتور حسن الشافعى رئيس مجمع اللغة العربية ونائبه فى المجمع الدكتور محمد حماسة من عملهما كأستاذين غير متفرغين بكلية دار العلوم بحجة أنهما يجمعان بين وظيفتين، الأمر الذى أدعى فيه أنه يشكل مخالفة للقانون.

وكان رئيس الجامعة الدكتور جابر نصار قد أصدر قراره المفاجئ فى الصيف الماضى، متجاهلا أن بعض رؤساء الجامعات انتخبوا لرئاسة مجمع اللغة العربية واحتفظوا بأستاذيتهم فى الجامعة، ولم يخطر على بال أحد أن يتخذ بحقهم مثل ذلك الإجراء الشاذ.

ومن هؤلاء أعلام معروفون فى المقدمة منهم الدكاترة طه حسين وإبراهيم بيومى مدكور وشوقى ضيف، وكان قرار رئيس الجامعة قد أثار ضجة فى مصر ليس فقط لشذوذه. ولكنه أيضا لأنه استهدف اثنين من كبار العلماء فى الفلسفة والنحو، ممن شكل انتخابهم لعضوية المجلس إضافة لوزنه العلمى ولدوره المعرفى. إزاء ذلك أصبح الاستنتاج الراجح محصورا فى اعتبار قرار رئيس الجامعة إجراء أمنيا وسياسيا عمد به الدكتور جابر نصار إلى تصفية حساباته الخاصة التى التقت مع الضغوط الأمنية التى استهدفت الرجلين باعتبارهما من خارج مجموعة اللون الواحد التى تتصدر واجهات الوظائف العامة. وكنت أحد الذين وصفوا قرار رئيس الجامعة آنذاك عن أنه «أحدث فضائح البطش السياسى»، فيما نشر فى يوم 26 أغسطس الماضى.


ما يلفت النظر فى فتوى لجنة مجلس الدولة التى رأسها المستشار مهند محمود كامل عباس أنها رجعت إلى مختلف المصادر القانونية ذات الصلة بالموضوع من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات إلى قانون إعادة تنظيم مجمع اللغة العربية إلى فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع المتعلقة بنظام الأساتذة غير المتفرغين، ولم تجد فيها سندا قانونيا يدعم ادعاء رئيس جامعة القاهرة أو يبرر قراره فصل العالمين الجليلين. وفى استعراض تلك المصادر القانونية فإن اللجنة الثانية للفتوى أيدت ضمنا الانطباع القائل بأن رئيس الجامعة أصدر قراره للاعتبارات السياسية والأمنية وليس لاعتبارات قانونية. خصوصا أن الرجل كان أصلا أستاذا للقانون الدستورى، وما كان له أن يتجاهل العوار فى قراره. الأمر الذى يفسر بأحد احتمالين كل منهما أسوأ من الآخر. فإما أن يكون الرجل فعلها عامدا، وإما أنه أخطأ فى قراءته للموقف القانونى خطأ جسيما يرقى إلى مستوى العمد. وهو ما يدعونى إلى إعادة النظر فى صياغة العنوان الذى سبق أن تخيرته لتعليقى على قراره. إذ كان كالتالى: أزمة أعراف وأخلاق، حيث اعتبرت ذلك توصيفا يليق بما فعله رئيس الجامعة حين عمد إلى فصل أستاذ أساتذته بذلك الأسلوب الجارح وغير اللائق (الدكتور الشافعى عمره 85 عاما). وبعد التحليل الذى أورده رئيس لجنة الفتوى وكشف فيه عن خطأ التفسير والتأويل الذى وقع فيه رئيس الجامعة أستاذ القانون السابق، فإننا نصبح بصدد أزمة معرفية أيضا، إضافة إلى أزمة الأعراف والأخلاق.


بعد استعراض وتفنيد الأسانيد القانونية جاء قرار اللجنة الثانية لمجلس الدولة كالتالى: «إن الالتحاق بعضوية مجمع اللغة العربية ــ ومن ثم رئاسة ونيابة مجلس المجمع ــ لا يعد شغلا لوظيفة عامة لاختلاف طريقة شغلها عن الطرق القانونية المنظمة لشغل الوظائف العامة وكذا طرق إنهاء الخدمة، بالإضافة إلى عدم تقاضى أعضاء مجمع اللغة العربية راتبا عن القيام بمهامهم الملقاة على عاتقهم بل مكافآت تحدد من مجلس المجمع، وأن مدة رئاسة ونيابة مجمع اللغة العربية هى مدة مؤقتة وليست دائمة وهو ما يوضح بجلاء لا لبس فيه اختلاف النظام القانونى الحاكم لأعضاء مجمع اللغة العربية عن النظام القانونى لسائر العاملين المدنيين بالدولة وفقا لما أسلفناه بما مؤاده عدم اعتبار أعضاء مجمع اللغة العربية من الموظفين العموميين، ومن ثم انتهت هيئة اللجنة إلى عدم اعتبار الرئاسة والنيابة المعروضة حالتاهما لمجمع اللغة العربية إبان كونهما أستاذين متفرغين بجامعة القاهرة جمعا محظورا بين وظيفتين حكوميتين لانتفاء صفة الموظف العام عن أعضائه بحسبان أن كلا من هاتين الصفتين تتميز عن الأخرى وتستقل عنها سواء من حيث مجال ممارستها أو من حيث النظام القانونى الذى يحكم التصرفات التى تباشر استنادا إليها الأمر الذى لا يسوغ معه الخلط بينهما لمجرد أنهما خلعا على شخص واحد. والقول بغير ذلك يجافى مقتضيات التنظيم السليم وينبو عن الأصول الواجبة فى الإدارة فضلا عن مخالفته للقانون. بالإضافة إلى ما ينتج عنه من حظر شغل أساتذة الجامعات المتفرغين لعضوية مجمع اللغة العربية ــ ومن ثم رئاسة ونيابة مجلس المجمع ــ بغير مقتضى من الدستور والقانون سيما وأن المهام المنوطة بأعضاء مجمع اللغة العربية هى فى مجملها مهام بحثية فى المقام الأول أجدر من يقوم بها أساتذة الجامعات وفقا لاختصاصهم الأصيل.


فى ضوء هذا البيان انتهت لجنة مجلس الدولة إلى «عدم اعتبار رئاسة الدكتور حسن الشافعى لمجمع اللغة العربية وكذا شغل الدكتور محمد حماسة عبداللطيف لمنصب نائب رئيس المجمع إبان كونهما أستاذين متفرغين بجامعة القاهرة جمعا محظورا بين وظيفتين حكوميتين».
ثمة قضيتان مرفوعتان ضد رئيس الجامعة من الدكتورين الشافعى وحماسة، يمكن أن يتم التنازل عنهما إذا امتثل الدكتور نصار لفتوى لجنة مجلس الدولة، وإذا رفضها فإن النزاع سوف يستمر حتى يفصل فيه القضاء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وأزمة معرفية أيضا وأزمة معرفية أيضا



GMT 12:48 2016 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بشرى للاعبين المحليين

GMT 14:24 2016 الجمعة ,09 كانون الأول / ديسمبر

هل الكتابة خدعة؟

GMT 14:23 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحرجتنا ماليزيا

GMT 11:38 2016 الثلاثاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

الإصلاح السياسى مقدم على الإصلاح الدينى

GMT 12:04 2016 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

التغريبة الثالثة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon