توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سعوديون ضد التطبيع

  مصر اليوم -

سعوديون ضد التطبيع

فهمي هويدي

جيد أن نسمع صوت المجتمع السعودى، ومفرح أن يطلق بعضه شعار «سعوديون ضد التطبيع»، ومثير للإعجاب والتقدير أن يوجه السعوديون نداءهم إلى جميع الدول الخليجية أن توقف اختراق الطاعون الإسرائيلى لمحيطها بما يخل بالتزامها الوطنى والقومى، ويلوث صفاءها ونقاءها السياسى. ولئن حسب ذلك لصالح وعى السعوديين رجالا ونساء الذين نتابع من على البعد حراكهم النبيل، إلا أننا نادرا ما كنا نسمع أصواتهم. لكننا إذ أردنا أن ننسب الفضل لأهله فلابد أن نسجل أنه لولا شبكات التواصل الاجتماعى لما أتيح لنا أن نتعرف على المشاعر الحقيقية للنشطاء السعوديين وأضرابهم. ولا غرابة فى ذلك، لأن شوق السعوديين إلى إيصال أصواتهم لم يكن أقل من شوقنا نحن لسماع تلك الأصوات. وحين نعلم أن السعوديين أصبحوا الأكثر حضورا على شبكات التواصل على مستوى العالم، فإننا ندرك مدى عمق ذلك الشوق واتساع دائرته، ونفهم أن العلاقات بين المجتمع السعودى والعالم الخارجى انفتحت على مصارعها. ولئن كان بعضهم قد طاف أرجاء الكرة الأرضية، فإن مواقع التواصل جاءت بالكرة الأرضية إلى كل بيت فى الداخل.

إذا جاز لنا أن نتصارح أكثر فى رصد تلك العلاقة، فلابد أن نعترف بأن الواجهات السعودية ليست أفضل تعبير عن واقع شعب المملكة، إذ هى فى نهاية المطاف معبرة عن السلطة بأكثر من تعبيرها عن المجتمع. إزاء ذلك فربما جاز لنا أن نقول إن الإعلام التقليدى، المرئى والمكتوب والمسموع فى المملكة بات الأكثر تعبيرا عن توجهات السلطة فى حين أن الفضاء الإلكترونى غير الخاضع للسلطة بات الأكثر تعبيرا عن تفاعلات المجتمع. وأيا كانت الشرور التى تتخلل ذلك الفضاء. فالثابت أن فضائله غالبة ولا تكاد تحصى. إذ ليس هناك شىء يعادل ممارسة المجمع لحقه فى التنفس والتعبير الحر.

أدرى أن الفضاء الإلكترونى فى السعودية يعج بالمبادرات والحوارات الجادة والساخرة. وتلك لم تترك شيئا فى الداخل والخارج إلا وتناولته بصورة أو بأخرى. ومما له دلالته فى هذا الصدد أن جريدة «الرياض» نشرت فى التاسع من شهر أغسطس الحالى تقريرا ذكر أن موقع يوتيوب يبث يوميا ١٦٧ مليون مشاركة. منها تسعون مليونا من السعودية وحدها (عدد سكان المملكة ٣١ مليون نسمة حسب الإحصاء الرسمى). وللأسف فإن الإعلام العربى لا يسلط الضوء على تلك المبادرات التى تتفاوت فى الأهمية. أغلب الظن بسبب حذر الإعلام السعودى فى الداخل والخارج. أو تحسبا للنفوذ السعودى الذى يعمل له الكثيرون حسابا خاصا يتسم بالمجاملة إلى حد كبير.

مع ذلك فإن مبادرة «سعوديون ضد التطبيع» نجحت فى عبور الحدود، لأنها تتصل بالتطور المثير الأخير فى السياسة السعودية من ناحية، ومن ناحية أخرى لأن موضوعها يمس وترا حساسا فى الوعى والضمير العربى والإسلامى.

ما فهمته من حملة «سعوديون ضد التطبيع» أنها صدرت فى بيان تبناه عدد من المثقفين الوطنيين المستقلين فى السعودية ومختلف دول الخليج الأخرى باستثناء دولة الإمارات. وهؤلاء وصل عددهم إلى ١٥٠٠ شخص من الرجال والنساء. وقعوا بأسمائهم على البيان، فى بادرة شجاعة لها دولالتها القوية، ودعا البيان الذى أعلن فى ٧/٨ الحالى الحكومات الخليجية، إلى «منع أشكال التطبيع وعلى رأسها المقابلات الرسمية وغير الرسمية مع مسئولى العدو. وعدم إرسال وفود رسمية أو حتى السماح لوفود غير رسمية لا تمثل الدولة بزيارة الكيان الغاصب واللقاء مع مسئوليه». دعا البيان أيضا إلى «معاقبة كل من يقوم بمخالفة ذلك، التزاما بقوانين مقاطعة العدو الصهيونى فى دول الخليج العربى والقوانين التى تمنع السفر إلى الكيان الغاصب».

مجموعة «سعوديون ضد التطبيع» شددت على أن الخليج العربى يرفض التطبيع مع الكيان الصهيونى. ودعت إلى ضرورة «اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتشجيع مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها ضمن سياق حملة BDS العالمية». (حركة المقاطعة وسحب الاستثمار وفرض العقوبات) ولم يخف البيان أن إصداره صدى للأنباء التى تحدثت عن قيام وفد سعودى غير رسمى فى شهر يوليو الماضى بزيارة الأراضى المحتلة والاجتماع مع مسئولين من الكيان الصهيونى. وذكر معدوه أنهم أصيبوا جراء ذلك بالصدمة وخيبة الأمل، وأن الزيارة لا تعد تجاوزا لكل الأعراف والقوانين المتبعة فى المملكة العربية السعودية حيال مقاطعة الكيان الصهيونى وعدم الاعتراف بشرعيته فحسب، بل تمت فى وقت تتسارع فيه وتيرة الاستعمار الاستيطانى للأراضى الفلسطينية.

الموقف مهم للغاية، لكن الذى لا يقل أهمية عنه أننا سمعنا أخيرا صوتا شريفا يعبر عن حقيقة المجتمع الخليجى والسعودى الذى غاب عنا حتى انتظرناه طويلا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سعوديون ضد التطبيع سعوديون ضد التطبيع



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 08:35 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

دفاتر النكسة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon