توقيت القاهرة المحلي 11:42:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من الحفرة إلى البئر

  مصر اليوم -

من الحفرة إلى البئر

بقلم فهمي هويدي

لست أشك فى أنها محض مصادفة أن يتزامن تنديد المفوض الأعلى لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتزايد أعداد الدول غير المتعاونة فى مراقبة حقوق الإنسان ــ مع المذبحة المرتقبة فى القاهرة اليوم لنشطاء حقوق الإنسان من خلال قضية التمويل الأجنبى. ذلك أن المفوض الدولى زيد رعد الحسين ألقى فى جنيف كلمة أمام الدورة الـ٣٣ لاجتماع المجلس العالمى لحقوق الإنسان أثار فيها الموضوع، وقال إن تلك الدول يمكن أن تعوق أعمالنا أو تغلق مكاتبنا، لكنها لن تستطيع أن تخرسنا بأى حال.

كانت جريدة «الأهرام» قد أبرزت الخبر فى عدد الأربعاء ١٤ سبتمبر الحالى، قبل أربعة أيام من نظر قضية تأميم المنظمات الحقوقية المصرية التى تنظر اليوم (السبت ١٧/٩). لم تشر الجريدة إلى اسم مصر بطبيعة الحال لكنها أشارت إلى بعض الدول التى ذكرها الأمير زيد الحسين، التى كان منها تركيا والصين والفلبين. إذ انتقد تركيا لرفضها المراقبة فى الأقاليم الكردية المضطربة. كما أنه أشار إلى أن الصين تجرى مباحثات مع مكتبه منذ أحد عشر عاما حول مهمة مفوضية حقوق الإنسان. كذلك طالب بإتاحة الفرصة للعمل فى الفلبين التى شهدت مقتل المئات من تجار المخدرات المشتبه بهم فى إطار الحرب التى تشنها السلطة ضد المخدرات. أشار أيضا إلى رفض الحكومة الأمريكية التحقيق فى الانتهاكات الخطيرة التى وقعت فى معتقل جوانتانامو الشهير.

فى حين تم تجاهل حصة مصر من العملية، فإن بيان مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الذى تحدث عن معاناة المنظمات الحقوقية وما ينتظرها خلال محاكمة اليوم وفَّى الموضوع حقه. إذ ذكر أن القضية المنظورة تشكل نموذجا لحلقات التنكيل والانتقام التى تمارس بحق منظمات حقوق الإنسان ونشطائها، من خلال توجيه الاتهام إليهم فى قضية «التمويل الأجنبى». ومن المتهمين فى القضية التى صادرت أموالهم ومنعوا من السفر خارج البلاد مدير مركز القاهرة وزوجته وبناته، بالإضافة إلى اثنين من العاملين فيه. فضلا عن التحفظ على أموال مركز هشام مبارك للقانون ومديره مصطفى الحسن، والمركز المصرى للحق فى التعليم ومديره عبدالحفيظ طايل، وتضمنت القرارات الإدارية منع كل من جمال عيد مؤسس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان وزوجته وابنته القاصر، وكذلك حسام بهجت مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية من التصرف فى أموالهم.

ذكر البيان أن النشطاء الحقوقيين ما برحوا يتلقون منذ ثلاث سنوات إنذارات بالإغلاق، شملت المنظمات المسجلة بمقتضى قوانين مصرية أخرى غير قانون الجمعيات القمعى. أعقبت ذلك محاولة تمرير قانون جديد لتأميم المجتمع المدنى أشد قمعا من القانون المعمول به. وذلك بعد دفن مشروع قانون كانت المنظمات المدنية قد توافقت عليه مع الحكومة فى عام ٢٠١٤. وتتابعت بعد ذلك الضغوط بإحياء مسألة التمويل الأجنبى والتوظيف السياسى والأمنى لبعض الاجهزة الرسمية للتخلص من المنظمات ذات الباع الطويل ــ الذى تجاوز ربع قرن ــ فى الدفاع عن حقوق الإنسان فى مصر.

هذا الحاصل مع المنظمات الحقوقية ــ ولا ننسى إغلاق مركز النديم لمساعدة ضحايا التعذيب ــ يمثل فصلا واحدا فى سجل الانتهاكات التى تجاوزت تلك المنظمات وطالت أعدادا غفيرة من المصريين لا يعرف أعدادهم بالضبط ــ وإن تراوحت أرقامهم الشائعة بين ٤٠ و٦٠ ألفا ــ تعانى أعداد منهم من مرارات السجون المعروفة وغير المعروفة (هناك تجمع يدافع عن نزلاء سجن العقرب)، وذلك بخلاف المختفين قسريا الذين يدافع عنهم تجمع آخر يوجه نداءات شبه يومية للكشف عن مصير ذويهم.

إن معاناة المنظمات الحقوقية المستقلة لها منابرها التى تنقلها بين الحين والآخر، فى داخل مصر وخارجها، وهى أفضل حظا من آخرين منسيين يقبعون فى السجون منذ شهور أو عدة سنوات ولم يسمع لهم صوت ولا رأينا لهم صورا. الأمر الذى يعنى أن مشكلة المنظمات الحقوقية رمز لمشكلة الإنسان فى مصر، الذى خرج من حفرة بعد ٢٥ يناير عام ٢٠١١، ليقع فى بئر بعد ذلك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من الحفرة إلى البئر من الحفرة إلى البئر



GMT 12:48 2016 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بشرى للاعبين المحليين

GMT 14:24 2016 الجمعة ,09 كانون الأول / ديسمبر

هل الكتابة خدعة؟

GMT 14:23 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحرجتنا ماليزيا

GMT 11:38 2016 الثلاثاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

الإصلاح السياسى مقدم على الإصلاح الدينى

GMT 12:04 2016 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

التغريبة الثالثة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:14 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
  مصر اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon