توقيت القاهرة المحلي 08:21:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شائعة غضب الجيش

  مصر اليوم -

شائعة غضب الجيش

فهمي هويدي

ليس مفهوما، وأكاد أقول ليس بريئا، ذلك اللغط المثار حول غضب الجيش فى مصر، إذ منذ نشرت إحدى الصحف خبرا مكذوبا عن منع سفر والتحقيق مع بعض القيادات السابقة (المشير طنطاوى والفريق عنان واللواء بدين)، صرنا نقرأ أخبارا وتحليلات عن إهانة الجيش وغضبه، وكتابات أخرى حذرتنا من تداعيات ذلك الغضب، التى تكاد تلوح باحتملات حدوث انقلاب عسكرى فى البلاد. تعلمنا فى المهنة أن المرء حين يتلقى المعلومة ينبغى أن يتحقق من صحتها أولا وأن يتعرف على أطرافها بعد ذلك. لذلك فإن السؤال الأول الذى يخطر على البال هو: هل هناك غضب فعلا أم لا؟ الأمر الذى يستدعى عددا آخر من الأسئلة من قبيل: ما هى تجليات الغضب؟ ومن يكون الغاضب؟ وذلك الغضب موجه ضد من؟ هل هو ضد الرئيس أم ضد رفاق السلاح من القيادات العسكرية الجديدة، أم ضد وسائل الإعلام التى دأبت على نشر الأخبار الملتبسة والمكذوبة؟ حين حاولت تحرى الأمر من خلال طرح تلك الأسئلة على من أعرف من ذوى الصلة تلقيت الردود التالية: ● إن الحاصل الآن يتعذر وصفه بأنه غضب فى الجيش، وإنما هو شعور بالاستياء وعدم الارتياح إزاء تناول الأبواق الإعلامية للموضوع. خصوصا فى الشق المتعلق بالبلاغات التى يقدمها البعض ضد قيادات المجلس العسكرى السابق، التى يتعلق بعضها بالمسئولية عن قتل بعض المتظاهرين ويتعلق البعض الآخر ببلاغات التى تنسب إلى بعض القادة تصرفات تدخل فى عداد الكسب غير المشروع. وهذه البلاغات لا تعنى الإدانة أو ثبوت التهمة، ولكنها تعد مجرد ادعاءات تخضع للفحص إذا ثبتت جديتها، وقد تؤدى إلى تبرئة المدعى عليه وحفظ القضية، وقد تنتهى بإحالة الأمر إلى النيابة العامة والقضاء. ● إن قيادة القوات المسلحة ساءها تحويل الإدعاءات إلى الأخبار من ناحية، واختلاق الأخبار المتعلقة بقيادات المجلس العسكرى السابق من جهة ثانية. وقد نقلت ذلك الاستياء إلى رئاسة الجمهورية. وفى حالة الخبر المكذوب الخاص بمنع القادة الثلاثة من السفر والتحقيق معهم، فإن الرئاسة أحالت الأمر إلى مجلس الشورى الذى يفترض أنه المالك القانونى للصحف القومية باعتبار أن الخبر نشرته صحيفة الجمهورية، التى هى واهدة من تلك الصحف. (ملحوظة: بالغ رئيس مجلس الشورى دون مبرر فى الإجراء الذى اتخذه لتدارك الموقف، حين قرر إيقاف رئيس تحرير الجريدة وإحالته إلى التحقيق، علما بأن الأمر كان يمكن علاجه بصدور تصريح رسمى يكذب الخبر، وبإحالة الموضوع إلى نقابة الصحفيين لتبحث الموضوع إذا استلزم الأمر ذلك). ● ليس صحيحا أن الجيش طرف فى الموضوع. إذ من حسن الحظ أنه يقف خارج السياسة ويتصرف كمؤسسة محترفة مهمتها حماية حدود البلاد وأمنها. ولكن الاتصالات التى تمت معبرة عن الاستياء صدرت عن قيادة الجيش الراهنة الحريصة على سمعة القوات المسلحة وقياداتها، خصوصا أولئك الذين أدوا خدمات جليلة للبلد، وكان المجلس العسكرى ضمن هؤلاء. بأدائه الذى أمن فيه الثورة ووفى بما وعد به بخصوص المرحلة الانتقالية. ● هذا الحرص عبر عنه الرئيس محمد مرسى طوال الوقت، حين أصدر قراره بإقالة قادة المجلس العسكرى ثم كرمهم واحتفظ بهم كمستشارين. وقد دأب على إعلان تقديره لدور القوات المسلحة فى مختلف المناسبات الخاصة بالجيش والتى يحرص على حضورها. وأغلب الظن أن تشديد الرئيس على ضرورة الحفاظ على كرامة وسمعة القادة العسكريين هو الذى دفع رئيس مجلس الشورى إلى المبالغة فى محاسبة رئيس تحرير جريدة الجمهورية، فظلمه الرجل لكى يعدل مع قادة المجلس العسكرى(!). ●صحيح أن المشير طنطاوى والفريق عنان واللواء بدين لم يكونوا سعداء بإقالتهم، وليس مستبعدا أن يكون الحديث عن الغضب محصورا فى دائرتهم الضيقة، وفى كل الأحوال فإن تعميم مشاعرهم تلك على الجيش كله لا يخلو من تعسف وافتعال. علما بأن أولئك القادة كان ينبغى لهم أن يخرجوا من صدارة المشهد بعد تسلم الرئيس المنتخب لمنصبه. ثم انهم أخرجوا بطريقة مهذبة وكريمة، ولم تكن مهينة بأى حال كما ادعى البعض، ناهيك عن انه لم يكن هناك سبيل آخر لإخراجهم إلا بالصورة التى تمت، إلا إذا كان المطلوب الإبقاء عليهم طول الوقت. فى هذا الصدد لابد من الإشارة إلى أن القيادات التى حلت محلهم تحظى بتقدير كبير داخل القوات المسلحة، باعتبارهم من أكفأ الضباط وأكثرهم خبرة على الصعيد المهنى واستقامة على الصعيد الأخلاقى. إذا كان الأمر كذلك فمن حقنا أن نسأل: لمصلحة من الترويج لمقولة غضب الجيش، وشيوع الغليان فى داخله. وما الهدف من وراء تخويفنا بما يمكن أن يفعله الجيش إذا غضب؟ ثم ــ هل نبالغ إذا تشككنا فى براءة ومقاصد استمرار بث مثل تلك الشائعات؟ إننا إذا وسعنا الدائرة وتطلعنا إلى المشهد من علٍ فسنجد أن ثمة إلحالحا على تفريغ مصر من المؤسسات التى تم انتخابها بعد الثورة (بعد حل مجلس الشعب هناك مسعى يلح على حل مجلس الشورى وإلغاء الجمعية التأسيسية للدستور)، ثم هناك لغط يثار حول دور الجيش وموقفه، وهناك رموز تتحرك فى الداخل والخارج لهدم كل ما تم بناؤه إلى الآن، الأمر الذى يستدعى سؤالا كبيرا هو: إذا لم يصب ذلك فى صالح الثورة المضادة فأى مصلحة يتحراها إذن؟ نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شائعة غضب الجيش شائعة غضب الجيش



GMT 10:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 10:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 10:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 10:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 10:30 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تصادم الخرائط

GMT 10:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon