توقيت القاهرة المحلي 08:21:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انكسر حصار غزة

  مصر اليوم -

انكسر حصار غزة

فهمي هويدي

قل ما شئت فى حق قطر وسياساتها. أو فى حق قناة الجزيرة وأدائها، إلا أنك لا تستطيع أن تنكر أن زيارة أمير قطر لقطاع غزة تعد خطوة شجاعة ونبيلة، تستحق الحفاوة والتقدير. ذلك أن الرجل فعل ما لم يفعله غيره من القادة أو حتى المسئولين العرب. سواء فى إقدامه على كسر حصار القطاع، أو فى قراره المساهمة فى تعمير ما دمرته أو خربته الغارات الإسرائيلية. فالرسالة السياسية غاية فى الأهمية، والمساندة العملية والمادية لا تقل أهمية. صحيح أن مدة الزيارة ست ساعات فقط، إلا أنها كافية فى توصيل الرسالة وإعلانها على الملأ. وعلى قصرها فإنها لم تخل من لفتة جديرة بالملاحظة، تمثلت فى اصطحاب الأمير لقرينته الشيخة موزة، التى ترعى مدرستين أقامتهما فى القطاع، إحداهما لذوى الاحتياجات الخاصة من ضحايا الاجتياح الإسرائيلى والغارات اللاحقة. لعلى لا أبالغ إذا قلت إن الدلالة السياسية للزيارة تتجاوز حدود غزة، لأنها بمثابة دعوة للدول والمنظمات العربية لكى تتحرك وتسهم فى إعمار القطاع، إلى جانب أنها تنبه الدول النفطية والخليجية منها بوجه أخص إلى أن ثمة نموذجا مشرفا يتعين احتذاءه وأن عليها واجبا ينبغى أن تبادر إلى أدائه، وليس لها عذر إن هى تقاعست عن ذلك. وإذا كان التقدير واجبا للمبادرة التى قام بها أمير قطر، فإن ذلك التقدير ينبغى أن ينسحب أيضا على السلطة صاحبة القرار فى مصر، من ناحية لأنها رعت الزيارة وتحمست لها ومن ناحية أخرى حين فهم أنها ستفتح معبر رفح لكى يستقبل مواد البناء اللازمة لخطة الإعمار التى قيل إنها ستتكلف مليارا ونصف المليار دولار. ومعروف أن مثل تلك الاحتياجات لم يكن يسمح بتوصيلها عبر المعبر، وكانت السلطات المصرية تصر فى السابق على توجيهها إلى معبر كرم أبوسالم الخاضع للسلطة الإسرائيلية، فى حين كان معبر رفح مفتوحا (إذا فتح) لمرور الأفراد والبضائع فقط. تبرز أهمية ترتيب زيارة أمير قطر لقطاع غزة من خلال معبر رفح، الذى يمثل نقطة الاتصال الوحيدة المباشرة مع فلسطين. حين نعلم أن السلطات المصرية لم تتحمس لمثل تلك الزيارات فى السابق. وكانت تبلغ الأطراف المعنية باعتذارها عن القيام بتلك الخطوة. وفى حدود علمى فإن ذلك حدث مرتين على الأقل مع رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان. مرة حين زار مصر فى عهد الرئيس السابق (سنة 2000) ومرة ثانية حين جاء إلى القاهرة فى شهر سبتمبر من العام الماضى. أثناء تولى المجلس العسكرى للسلطة. وكان الذهاب إلى غزة مقترحا ضمن جدول زيارة القاهرة. ولكن الرد السلبى وعدم الترحيب من السلطات المصرية أدى إلى إلغائها. وإذ علمت أن رئيس الوزراء التركى سيزور القاهرة يوم 17 نوفمبر القادم. فإننى سألت السفير التركى فى القاهرة ومن أعرف فى مكتب رئيس الوزراء بأنقرة عما إذا كان اقتراح زيارة غزة سيكون ضمن برنامج الزيارة القادمة، فقيل لى إن ذلك لم يتقرر بعد. لا ينسى أن أمير قطر كان قد دعا فى شهر يناير عام 2009 إلى عقد قمة عربية طارئة أثناء الاجتياح الإسرائيلى لقطاع غزة، ولكن دولا عربية أخرى قاومت الدعوة وأجهضتها. ولا ينسى أيضا أنه تعهد بإعمار القرى اللبنانية الجنوبية التى دمرها العدوان الإسرائيلى على لبنان عام 2006. وكانت تلك خطوة شجاعة وفريدة فى بابها. لأنه القائد العربى الوحيد الذى كان له إسهامه الكبير فى ذلك المضمار، ولذلك فإنه حين زار الجنوب فى عام 2010، بعد انتهاء عملية الإعمار، فإنه استقبل هناك من الجماهير استقبالا غير مسبوق لأى ضيف آخر فى تاريخ لبنان. ولا أستطيع أن أنسى ما قاله لى أحد المثقفين اللبنانيين آنذاك، حين أخبرنى بأن دولا عربية أخرى ضخت آنذاك أموالا طائلة فى لبنان، لكنها لم تخصص لإعمار ما دمرته الحرب، وإنما خصصت لشراء ولاءات بعض القوى السياسية.استطرادا ـ وللتاريخ ـ أشير إلى أن أمير قطر قام بزيارة سرية إلى دمشق بعد أشهر قليل من بداية الأحداث التى كان المتظاهرون فيها يطالبون بالإصلاحات الداخلية، وقبل أن ينفجر غضبهم ويطالبون بإسقاط النظام، وقتذاك ـ فى ربيع عام 2011 ـ حاول إقناع الرئيس بشار الأسد بالإقدام على الإصلاحات المطلوبة، متعهدا بأن يقدم إلى سوريا ما تحتاجه من تمويل واستثمارات لإنعاش اقتصادها، ولكن الرئيس السورى لم يتجاوب معه، رغم ما كان بينهما من علاقات شخصية قوية. أعرف أن البعض لهم ملاحظات يحسبونها على قطر. وهى ملاحظات تستوى فيها مع غيرها من دول منطقة الخليج المسكوت على ما يجرى فيها. لكننى أعرف أيضا أنه من الإنصاف أن نقول للمحسن أحسنت، ومن المروءة أن تسلط الأضواء على كل فعل شجاع وشريف يصدر من أى مسئول عربى، اتفقنا معه أم اختلفنا. وما فعله أمير قطر فى غزة ينطبق عليه ما قلت، وليته يكون بداية لربيع آخر بين الحكام العرب يلحق بربيع المحكومين. أدرى أن ذلك حلم بعيد المنال. لكننى أفهم أن حق الحلم لا يزال مكفولا، وقد فشلت حتى الآن كل محاولات حظره.   نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انكسر حصار غزة انكسر حصار غزة



GMT 10:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 10:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 10:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 10:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 10:30 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تصادم الخرائط

GMT 10:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon