توقيت القاهرة المحلي 14:41:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ضد مرسى وليس إسرائيل

  مصر اليوم -

ضد مرسى وليس إسرائيل

فهمي هويدي

خلال الأسبوعين الأخيرين تلقت القاهرة رسالتين لهما دلالة خاصة، إحداهما من واشنطن والثانية من تل أبيب. الأولى بعث بها الرئيس باراك أوباما أثناء المناظرة الرئاسية الثالثة، وقال فيها صراحة ان إسرائيل تعد خطا أحمر بالنسبة للولايات المتحدة فى علاقتها بمصر. وان أى اهتزاز لمعاهدة السلام يضع أمن إسرائيل بل أمن الولايات المتحدة على المحك، الأمر الذى لابد له أن يؤثر على علاقة القاهرة وواشنطن. الرسالة الثانية وجهها رئيس الإدارة السياسية بوزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد، والتى قال فيها أثناء حديث له فى مؤتمر أقامته الوزارة انه لا يوجد حوار بين الرئيس محمد مرسى والقيادة الإسرائيلية، واعتقد انه لن يكون. وإذ أعرب عن تشاؤمه بالنسبة لمستقبل العلاقات بين البلدين، فإنه وصف النظام الحالى فى مصر بأنه «ديكتاتورى» وقال إنه أقصى الليبراليين وشباب الثورة... الخ. الرسالتان ليستا منفصلتين عن حالة البرود المخيمة على العلاقات المصرية الإسرائيلية منذ ثورة 25 يناير، حين فقدت إسرائيل «كنزها الاستراتيجى» بسقوط الرئيس السابق ونظامه. ورسالة البرود تلك تلقتها إسرائيل عبر قنوات وقرائن عدة. إذ لم تنجح الوساطات الأمريكية فى ترتيب لقاء الرئيس المصرى بالرئيس الإسرائيلى. وفى حدود علمى فإن أكثر من مسئول أمريكى عرض الأمر على الرئيس مرسى إلا أنه لم يتلق ردا إيجابيا، ولكن الرئيس سمع الكلام ولم يرد. ولاحظ المراقبون أن الرئيس المصرى لم يذكر إسرائيل فى أى من خطاباته. ولم تفتهم ملاحظة تعليق رئاسة الجمهورية على الخطاب الودى والحميم الذى قدم به السفير المصرى الجديد لدى إسرائيل أوراق اعتماده إلى رئيسها، وقول المتحدث باسم الرئاسة ان صيغة الخطاب كانت خطأ لن يتكرر. لاحظوا أيضا أنه لم يعقد حتى الآن أى اجتماع بين القيادة الجديدة فى مصر وبين نظرائهم الإسرائيليين. وان الاتصالات بين البلدين لا تتم إلا عند الضرورة وتجرى بين الموظفين المختصين على الجانبين. كما انهم قرأوا رسالة فى ذات الاتجاه من خلال امتناع وزير الدفاع المصرى الجديد اللواء عبدالفتاح السيسى عن الرد على الاتصالات الهاتفية التى تصل إلى مكتبه من نظيره الإسرائيلى إيهود باراك. هذه الإشارات جاءت كافية فى الدلالة على أن علاقات مصر وإسرائيل ــ فى حدها الأدنى ــ باتت مختلفة عما كانت عليه فى السابق، والقرائن السابقة تؤيد بوضوح هذا المعنى. عندى فى هذا الصدد أربع ملاحظات  هى:  أننى أتفهم الحذر المصرى إزاء ملفات السياسة الخارجية، وأدرك أن استقرار الأوضاع الداخلية وقوة تماسكها من الامور التى ينبغى أن تحظى بالأولوية. لأن قوة الداخل هى التى تفرض القوة فى الخارج وإذا وضعنا فى الاعتبار اننا نتحدث عن بلد يريد ان يستعيد دوره الريادى فى المنطقة، فإننا نتوقع على الأقل حدا أدنى من الوضوح فى سياساته الخارجية، لا يدع المجال للتخمين والاستنتاج والتقاط الإشارات التى تطلق فى الفضاء الإعلامى.  إن من حق مصر بعد الثورة أن يكون لها أيضا خطوطها الحمراء التى ينبغى أن يكون الآخرون على علم بها. وإذا أراد الرئيس الأمريكى ان يعلن للجميع أن إسرائيل خط أحمر بالنسبة لواشنطن، فلمصر أن تعلن أن استقلال قرارها الوطنى واحترام إرادة شعبها والدفاع عن أمنها القومى الذى يهدده الاحتلال والاستيطان الإسرائيلى وانتماءها إلى الأمة العربية، هذه بدورها خطوط حمراء لا تقبل من أى طرف أن يتخطاها.  إن إسرائيل نجحت فى ان تربط بين مصالحها وأمنها وبين مصالح الولايات المتحدة وأمنها، حتى وجدنا فى خطاب الرئيس أوباما إشارته إلى أن أى اهتزاز لمعاهدة السلام لا يمس أمن إسرائىل فحسب، وإنما يؤثر على أمن الولايات المتحدة أيضا. وحتى إذا كان لهذه اللغة هدفها الانتخابى الذى أريد به كسب أصوات اليهود الأمريكيين، إلا أن ذلك لا يلغى حقيقة ان مصر ومن ورائها الأمة العربية بما تملكه من ثروة نفطية تعد أحد شرايين الحياة للدول الصناعية لم ينجحوا فى اقناع واشنطن بأنهم أيضا طرف لا غنى عنه فى حسابات المصالح.  إن رسائل التحذير الموجهة إلى مصر من واشنطن وتل أبيب لم تلق ما تستحقه من اهتمام فى وسائل الإعلام المصرية، وباستثناء تحليل وتعليق لحكاية الخط الأحمر الأمريكى نشرته صحيفة «الشروق» لمراسلها فى واشنطن الزميل محمد الشناوى. فإن بقية الصحف المصرية التى وقعت عليها لم تكترث بالأمر. وحين يقارن المرء ذلك التجاهل بالضجة الكبرى التى أثارتها وسائل الإعلام المصرية عندما سربت إسرائيل خطاب الرئيس مرسى إلى الرئيس الإسرائيلى لاعتماد السفير المصرى الجديد، فإنه لا يستطيع أن يخفى حيرته ودهشته. بل لا يكاد يجد تفسيرا بريئا لتلك المفارقة. إذ حين نشر نص الخطاب فإن أغلب وسائل الإعلام وأغلب المعلقين تحدثوا عن «الصفقة» بين السلطة الجديدة فى مصر وبين واشنطن، التى تفتح الأبواب للتطبيع والمصالحة مع الإسرائيليين، وشنوا  هجوما قاسيا على الرئيس مرسى جراء ذلك. ولكن حين ثبت أن ذلك غير صحيح بدليل التحذير الأمريكى، والتقييم الإسرائيلى، فإن الجميع التزموا الصمت وتجاهلوا الإشارات القادمة من واشنطن وتل أبيب فى هذا الصدد. الأمر الذى يسوغ لنا أن نقول إن حرصهم على الاصطياد للرئيس مرسى وتشويه صورته يتجاوز بمراحل رغبتهم فى تصحيح العلاقة مع إسرائيل. كأن معركتهم الحقيقية ليست مع إسرائيل ولكنها مع الرئيس المنتخب. نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضد مرسى وليس إسرائيل ضد مرسى وليس إسرائيل



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon