توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شكرا نتنياهو

  مصر اليوم -

شكرا نتنياهو

فهمي هويدي

يستحق رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو شكرا منا لم يسع إليه، رغم كل الأهداف الشريرة التى أراد أن يحققها بغاراته على غزة، بما استصحبته من ترويع وقتل وتدمير. أتفق مع كل من يرى فى الرجل مجرم حرب لا محل لأن تذكر له فضيلة أو يسبغ عليه شكر. بل ينبغى أن يلاحق باللعنات والاستهجان لكل ما يصدر عنه. وأزعم أن ذلك هو التقييم الحقيقى للشخص ودوره. وقبل أن أعرض حيثيات الفكرة التى أدعو إليها أنبه إلى ثلاثة أمور: الأول أن الشكر الذى أتحدث عنه مغموس بالدم وخارج من رحم الاحتقار والكراهية. والثانى أننى أدرك جيدا أن الشعب الفلسطينى الذى لايزال ينزف دما منذ أربعينيات القرن الماضى هو الذى يدفع ثمن العربدة الإسرائيلية. الأمر الثالث أننى حين أتحدث عن الشكر للسيد نتنياهو فذلك لا يعنى أننى فرح لما حدث، ولكننى أردت أن أقول إن الجريمة التى وقعت بحق الشعب الفلسطينى فى القطاع أبرزت إيجابيات تستحق الاهتمام والرصد. فأى مراقب للأحداث فى المنطقة العربية لا بد أن يلاحظ أن ثورات الربيع التى شهدتها المنطقة منذ بداية العام الماضى (2011) خطفت أبصار الجميع، وصرفت انتباه الأغلبية عن القضية الفلسطينية، الأمر الذى حولها فى وسائل الإعلام إلى خبر من الدرجة الثانية أو الثالثة. وفى هذه الأجواء ارتفعت أصوات البعض بأحاديث ركزت على الخطر الإيرانى والعدو الإيرانى، كما شغل آخرون بالحدث السورى وإسقاط النظام القائم فى دمشق.. ووصل بالبعض أن بدأوا يشيرون إلى إيران باعتبارها العدو الأكبر والأخطر مما تمثله إسرائيل. وقد تكفل العدوان الوحشى الأخير على غزة بتصحيح الصورة المختلة والشائهة. ذلك أنه دفع العنوان الفلسطينى إلى المقدمة وأعاده إلى مكانه خبرا أول فى وسائل الإعلام العربية. وفى نفس الوقت فإنه ذكّر الجميع بأن العدو الحقيقى والخطر الحقيقى يتمثل فى إسرائيل قبل أى شىء آخر. وأكثر من ذلك فإن العدوان استنفر الجماهير العربية التى ظلت طوال الأشهر الماضية تخرج معبرة عن مطالبها واحتجاجاتها. وإذا بنا نراها بعد الغارات الإسرائيلية تعلن عن غضبها وتستعيد رفضها وخصومتها للسياسات الإسرائيلية، وتضامنها مع الشعب الفلسطينى. وما كان لكل ذلك أن يحدث لولا إقدام إسرائيل على جريمتها التى أرادوا بها تركيع الفلسطينيين، فأراد ربك أن تصحح الوجدان العربى وتصوب مواقف الإعلام العربى، بل وتستثير حماس الجماهير العربية. بالتوازى مع ذلك نلاحظ أن القيادة المصرية حرصت منذ تولى الرئيس محمد مرسى منصبه على أن تتعامل بحذر مع الإسرائيليين، وأن تتجنب التصعيد إزاءها بناء على اجتهادات أو تحليلات دعت إلى التهدئة فى الفترة الماضية، إلا أن العدوان الإسرائيلى اضطر القيادة المصرية لأن تتبنى موقفا أكثر حزما، وألا تتردد فى التصعيد السياسى. وهو ما تجلى فى الزيارة التى قام للمرة الأولى بها رئيس الوزراء لقطاع غزة، وفى تصريحات رئيس الجمهورية التى أعلن فيها أن مصر لن تترك غزة وحدها فى مواجهة إسرائيل، كما تجلى فى فتح معبر رفح لاستقبال الجرحى والمصابين وغيرهم من العالقين. بالتالى فإنه إذا صح أن إسرائيل أرادت أن تحرج القيادة المصرية وأن تختبر موقفها، فالذى حدث أن مصر لم تستجب للضغط، واضطرت للتخلى عن حذرها فى التعامل مع الموقف. النقطة الثالثة الجديرة بالتسجيل فى هذا السياق أن الغارات الإسرائيلية شكلت عاملا ضاغطا على الحكومة المصرية لكسر الحصار المفروض على القطاع. وقد تجلى ذلك فى فتح المعبر لزيارات المسئولين المصريين والعرب، الأمر الذى قد يستثمر ــ إذا استمر ــ فى طى صفحة الحصار «وتطبيع» العلاقات مع القطاع. النقطة الرابعة المهمة أن رد الفعل الفلسطينى كشف عن تفوق القدرة العسكرية لمنظمات المقاومة، الأمر الذى يمكن أن يعد نقطة تحول فى الصراع ضد الاحتلال. ذلك أن إسقاط المقاومة لطائرة إف 16 كذلك إسقاط الطائرة الإسرائيلية بغير طيار، وتوجيه صاروخ بعيد المدى وصل إلى مشارف تلك أبيب، ذلك كله يؤشر على أن ثمة جديدا فى قدرة المقاومة يجب أن يحسب حسابه، الأمر الذى لا بد أن يكون له صداه فى أوساط الإسرائيليين، وحين يترتب على ذلك أن يندفع أكثر من مليون إسرائيلى إلى الملاجئ هربا من الصواريخ الفلسطينية، فمعنى ذلك أن الرسالة وصلت، وأن الإسرائيليين لن يستشعروا أمانا حقيقيا طالما استمر الاحتلال. فى عام 1982 حين اجتاحت إسرائيل لبنان فإن هذه كانت اللحظة التى ولد فيها حزب الله، الذى أهان إسرائيل وهزمها بعد سنوات قليلة. وفى سنة 1955 حين قامت وحدة إسرائيلية بقيادة إرييل شارون بنسف بير الصفا فى ضواحى غزة، وقتلت 39 مصريا وسودانيا وفلسطينيا، وقد رد الرئيس عبدالناصر على ذلك بتشكيل كتيبة الفدائيين المصرية بقيادة المقدم مصطفى حافظ، التى قامت بعمليات فدائية داخل إسرائيل أدت إلى قتل نحو 1400 شخص. وبذلك ارتد السهم إلى الصدر الإسرائيلى بما لم تتوقعه ــ ما الذى سيحدث هذه المرة؟ السؤال يستحق أن يطرح، والإجابة تستحق الانتظار. نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شكرا نتنياهو شكرا نتنياهو



GMT 15:43 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أين الشرع (فاروق)؟

GMT 15:42 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد

GMT 15:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 15:40 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

سوريّا المسالمة ولبنان المحارب!

GMT 15:39 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 15:37 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة... والخوف الاصطناعي

GMT 15:36 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

اعترافات ومراجعات (87).. ذكريات إيرلندية

GMT 15:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم ــ غزة... «كريسماس» البهجة المفقودة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon