توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كى يريح مرسى ويستريح

  مصر اليوم -

كى يريح مرسى ويستريح

فهمي هويدي

تسوغ لنا الأجواء الدافئة التى تحيط بالعلاقات المصرية ــ التركية فى الوقت الراهن ان نقترح اقتباس بعض الفضائل التى تطبقها القيادة التركية، وأحدثها ما علمته فى زيارتى الأخيرة لأنقرة. ذلك أن هناك توجيها مبلغا إلى وسائل الإعلام يحظر عليها تصوير رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أثناء أداء صلاة الجمعة، ويعتبر ان أداء كل منهما للصلاة فى ذلك اليوم أمر عادى لا يستحق أن يذكر كخبر ولا ان يتابع كحدث. لذلك فإن الصحف هناك لا تشير إليه. فلا يعرف إن كان رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء قد أدى صلاة الجمعة أم لا، ولا يهتم أحد بمكان المسجد الذى قصده أى منهما. ويقولون إن من عادة رئيس الجمهورية عبدالله جول أن يذهب يوم الجمعة فى هدوء إلى مسجد قريب من بيته مصحوبا بسيارة حراسة ثم يعود دون أن يشعر به أحد. وحراسه لا يتولون تأمينه فقط، ولكنهم أيضا يمنعون المصورين الصحفيين من ملاحقته داخل المسجد. أما رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان فهو كثير الحركة والتنقل فى أنحاء البلاد، ولا أحد يعرف أين يؤدى صلاة الجمعة، وإنما يدخل أى مسجد يصادفه أثناء مروره، وعادة ما يفاجأ به المصلون بينهم. كل منهما يذهب بلا مواكب ولا إذاعة ولا تليفزيون ولا خطب أو تصريحات. أثير الموضوع فى جلسة ضمت بعض الأصدقاء الأتراك. فقال أحدهم إن رئيس الوزراء العراقى الأسبق إبراهيم الجعفرى كان فى زيارة للبلاد امتدت إلى يوم الجمعة. فدعاه السيد رجب طيب أردوغان لأن يذهب معه إلى أحد المساجد، لكنه واجه مأزقا صغيرا لأن الجعفرى كان مصحوبا ببعض الصحفيين العراقيين ومتابعا من قبل الإعلاميين الأتراك، وحين ذهبا إلى المسجد لم يجد رئيس الوزراء العراقى حرجا فى أن يتم تصويره داخل المسجد وأن يطلق التصريحات قبل الدخول وبعد الخروج. أما أردوغان فقد تم إبعاده عن أضواء الكاميرات والملاحقات الصحفية، ولم يظهر على شاشة التليفزيون سوى رئيس الوزراء العراقى، أما «صاحبنا» فلم يأت أحد على ذكره. صديقنا سفر توران مستشار الرئيس للشئون العربية روى قصة أخرى صادفته حين كان مديرا للقناة التركية التى تبث بالعربية، قال انهم كانوا قد أقروا برنامجا للبث كل يوم جمعة يعرف بتاريخ المساجد الكثيرة المنتشرة فى أنحاء البلاد. بمقتضاه كان فريق العمل يتخير مسجدا يقدمونه للناس فى ذلك اليوم، وينقلون منه خطبة الجمعة، ويصورون المسجد لمدة عشر دقائق بعد الصلاة ثم ينصرفون. وذات مرة كانوا على موعد لتقديم مسجد فى مدينة ارضروم التاريخية القريبة من الحدود الإيرانية. وبعد ان نقلوا المعدات ونصبوا الكاميرات، لاحظ طاقم العمل أن بعض مرافقى الرئيس ظهروا فى باحة المسجد قبل نصف ساعة من موعد الصلاة. الأمر الذى كان يعنى أنهم لن يتمكنوا من أن يقدموا البرنامج على النحو المخطط له. وبسبب ضيق الوقت فإنه لم يكن بمقدورهم أن ينتقلوا إلى مسجد آخر لبث الحلقة. أبلغ مدير المحطة بالخبر فأسقط فى يده بعدما بدا أن الحلقة مهددة بالإلغاء. وأجرى اتصالات مع المسئول عن مرافقى الرئيس الذين وصلوا إلى المسجد، وقد أخبره الرجل بأنه لا يستطيع مخالفة التعليمات المتفق عليها. ويبدو أن الصورة نقلت إلى المراجع العليا وتم حل الإشكال بقرار بسيط بمقتضاه أدى الرئيس صلاة الجمعة فى مسجد آخر. وكان ذلك ميسورا لأنه لم تكن هناك ترتيبات خاصة أعدت له. حين سمعت هذا الكلام قلت: لماذا لا نقتبس الفكرة ونقترح على الرئيس محمد مرسى أن يصدر تعليمات مماثلة بإلغاء أى ترتيبات تتعلق بأدائه صلاة الجمعة. فلا خبر ينشر ولا موكب يعد ولا سجاد يشترى ولا طلاء يتم أو طريق يعبد خصيصا ولا استنفار لأجهزة الإدارة والأمن، بل ولا خطب يضطر الرئيس لإلقائها بعد صلاة الجمعة فيوفق مرة ولا يحالفه التوفيق مرة أخرى. ولا يقل أهمية عما سبق أن من شأن خطوة من هذا القبيل أن تخفف من الهالات التى تضفيها الأجهزة المختصة بغير مبرر على حركاته وسكناته، ناهيك عن أنها تجنب الرئيس الانتقادات التى توجه إليه كل مرة سواء بسبب تعطيل موكبه لمصالح الناس، أو بسبب الإجراءات الأمنية التى تمنع كثيرين من ذوى الحاجات من دخول المسجد الذى يصلى فيه. أغلب الظن أن الرئيس مرسى سيوافق على الاقتراح، وأرجح أن يجىء الاعتراض من جانب الأجهزة المحيطة به التى عادة ما تلوح بكلمة «الأمن» السحرية، ناهيك عن أن تلك الأجهزة لها خبراتها الطويلة فى تضخيم شخصية أى رئيس وإقناعه بأنه ليس ككل البشر، وإنما هو فوق البشر. ولذلك لا ينبغى له أن يتصرف كإنسان عادى، حتى فى أدائه للصلوات ووقوفه بين يدى الله. لا استطيع أن أناقش طويلا مسألة الأمن، لكنى فقط أقول إن ما يتهدد الرئيس الحالى فى تركيا يمكن أن يكون أكبر وأخطر مما يتهدد الرئىس المصرى. ورغم أن حالة التربص قد تكون واحدة، إلا أنها فى المنظومة التركية لها مؤسساتها المرتبطة بمافيات الدولة العميقة ذات السجل الدموى المشهود. لماذا لا يجرب الرئىس المصرى أن يفعلها، فيؤدى صلاة الجمعة بلا مواكب ولا خطب ولا ضجيج، فيريح ويستريح؟ نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كى يريح مرسى ويستريح كى يريح مرسى ويستريح



GMT 15:43 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أين الشرع (فاروق)؟

GMT 15:42 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد

GMT 15:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 15:40 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

سوريّا المسالمة ولبنان المحارب!

GMT 15:39 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 15:37 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة... والخوف الاصطناعي

GMT 15:36 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

اعترافات ومراجعات (87).. ذكريات إيرلندية

GMT 15:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم ــ غزة... «كريسماس» البهجة المفقودة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon