توقيت القاهرة المحلي 06:10:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اقنعونا ولا تطربونا

  مصر اليوم -

اقنعونا ولا تطربونا

فهمي هويدي

حين وجه الرئيس محمد مرسى خطابه إلى الأمة فى أعقاب إعلان نتائج الاستفتاء على الدستور، (مساء الأربعاء 27/12) وتضمن من الإنشاء أكثر ما تضمن من الرؤية للمرحلة الجديدة، فضلت عدم التعليق على مضمونه، وقلت لابد أنه أجل الكلام المهم إلى خطبة افتتاح مجلس الشورى بعد انتقال سلطة التشريع كاملة إليه. لذلك انتظرت المناسبة، وحين قيل لى أن الرئيس بدأ خطبته قبل ظهر السبت 29/12 تركت  ما بين يدى من عمل وحرصت على أن أتابعه منذ اللحظة الأولى، متوقعا الكلام المهم الذى انتظرته. ولا أخفى أننى أصبت بالإحباط حين انتهى الخطاب الذى لم أجد فيه الكلام المنتظر، حتى أننى رفضت التعليق عليه حين سألتنى عنه زميلة صحفية فى جريدة الأخبار، وآثرت أن أسمعه مرة أخرى حين يعاد بثه حتى أكون عنه انطباعا غير متأثر بمشاعر الإحباط التى انتابتنى، وحين حدث ذلك سمحت لنفسى أن أسجل عليه أربع ملاحظات هى: • أنه حفل بالتعبيرات الإنشائية التى تحدثت عن الشعب العظيم والثورة العظيمة ومصر  التى لن تركع أبدا وعرفت الله منذ فجر التاريخ وعاشت فى تلاحم ضم كل مكونات الوطن، الذى هو بحاجة إلى كل السواعد وكل الأطياف...الخ. وهى المعانى التى كررها الرئيس فى أكثر من مناسبة. ولا أظن أنها أضافت كثيرا إلى معارف السامعين. •أنه مس بصورة مخففة لم تتجاوز عبارة الدعوة إلى الحوار حقيقة الأزمة السياسية التى تمر بها مصر، فى ظل الانقسام بين القوى السياسية والكتل الجماهيرية الذى اتضح فى التصويت على الاستفتاء، فى حين أن ذلك أمر كان يستحق منه اهتماما أكبر. • أنه ركز على المشهد الاقتصادى وكان جيدا أن أعلن عن تشكيل مجلس للتنمية الاقتصادية برئاسته لتأكيد اهتمامه بالموضوع، إلا أنه حرص على أن يقدمه بصورة وردية تبعث على التفاؤل والثقة فى المستقبل. وضرب لذلك أمثلة عدة كان واضحا أنها تقارير للجهات الاقتصادية المختصة التى حرصت على أن تبرز المؤشرات الإيجابية وتشرح معالم الجانب المضىء والمتفائل من المشهد. • أنه فى سعيه لإشاعة التفاؤل تحدث عن بعض المشروعات المستقبلية بعيدة المدى، التى من شأن تنفيذها أن يقلب المعادلة ويعيد إلى مصر مكانتها وريادتها و... و... و...إلخ. لم أسترح للخطاب الذى وجهه الرئيس، ونقلت انطباعى هذا لأحد مساعديه، فكان رده أنه أراد موازنة الصورة الكئيبة والقاتمة التى روجت لها وسائل الإعلام فى الآونة الأخيرة مدعية أن مصر على وشك الإفلاس ونظامها الاقتصادى موشك على الانهيار وثورة الجياع على الأبواب. لذلك فقد حرص الرئيس على أن يقول صراحة إن الذين يتحدثون عن إفلاس مصر هم المفلسون، وهى العبارة التى استقبلت بعاصفة من التصفيق. تفهمت الفكرة وتحفظت عليها. ذلك أن الرئيس أراد أن يواجه غلوا وإفراطا فى التشاؤم بإفراط مقابل فى التفاؤل. وكان ذلك خطأ كبيرا. ولم أكن وحدى الذى لاحظ ذلك، لأننى تلقيت اتصالات من أكثر من واحد لم يستريحوا إلى هذه اللغة، وقال لى أحدهم إن الرئيس فى تفاؤله بدا وكأنه يتحدث عن بلد آخر غير مصر. مشكلة اللغة التى أفرطت فى التفاؤل، ليس فقط أنها لا تقنع الناس ولا تنفذ إلى عقولهم وقلوبهم، ولكنها أيضا تفقد ثقة الناس فى شخص المتحدث، فى صدقه وشفافيته. لأنهم حين يسمعون كلاما متفائلا ويرون ــ ويعيشون ــ واقعا على النقيض مما سمعوا به، فإنهم سيصدقون واقعهم وسيكذبون آذانهم ولن يطمئنوا إلى ما يقال لهم فى المستقبل. لقد تمنيت أن يقدم الرئيس تصورا لحل الأزمة السياسية، مصحوبا بإجراءات وخطوات سوف يقدم عليها لإعادة اللحمة إلى الجماعة الوطنية. تمنيت أيضا أن يصارحنا بحقيقة الموقف الاقتصادى، الذى ليس على وشك الإفلاس حقا، لكنه يواجه أزمة ينبغى أن يصارح الشعب بحجمها الحقيقى، ليس فقط لتأكيد الشفافية وتعزيز الثقة، ولكن أيضا لكى يتهيأ الرأى العام لاستقبال القرارات الاقتصادية التى سوف تضطر الحكومة لاتخاذها فى المستقبل، والتى ستحمل الناس بأعباء لا ينبغى أن يفاجأوا بها. تمنيت أن يوجه الرئيس نداء إلى الناس بعد أن يصارحهم بالحقيقة يقول لهم فيه تعالوا نقتسم الهم أو الفقر، ثم يحدثهم عن تصوره لمواجهة الأزمة، لا أن يدغدغ مشاعرهم بمعلومات تخدرهم وتسرب إليهم شعورا مؤقتا بالسكينة والاطمئنان. إن الخطاب الإنشائى لم يعد يقنع الناس، الذين شبوا عن الطوق، وانخرطوا جميعا فى الشأن السياسى بعد ثورة 25 يناير، وحين استعادوا وعيهم وحضورهم بعد طول غياب فإنهم أصبحوا أكثر استعدادا للمشاركة وتحمل المسئولية، وباتوا بحاجة إلى خطاب يقنعهم وليس فقط يطربهم. نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اقنعونا ولا تطربونا اقنعونا ولا تطربونا



GMT 15:43 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أين الشرع (فاروق)؟

GMT 15:42 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد

GMT 15:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 15:40 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

سوريّا المسالمة ولبنان المحارب!

GMT 15:39 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 15:37 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة... والخوف الاصطناعي

GMT 15:36 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

اعترافات ومراجعات (87).. ذكريات إيرلندية

GMT 15:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم ــ غزة... «كريسماس» البهجة المفقودة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon