توقيت القاهرة المحلي 15:59:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

للنخبة وليس المجتمع

  مصر اليوم -

للنخبة وليس المجتمع

فهمي هويدي

التصور الذى يمكن الاتفاق عليه فى قراءة أحداث الخروج الذى شهدته مصر يوم الجمعة الماضى يتمثل فى أن المتظاهرين كانوا من معارضى الرئيس مرسى، وحسنا فعل مؤيدوه لأنهم ظلوا خارج الصورة، بعدما تعلموا الدرس من تجربة العراك الذى حدث فى محيط قصر الاتحادية من جراء الاشتباك بين جموع المعارضين والمؤيدين، وتلك خلاصة تعنى أن فكرة الإجماع الوطنى تراجعت فى مصر. وأن أجواء الانقسام مرشحة للاستمرار إلى مدى لا يعلمه إلى الله. فيما عدا هذه الخلفية فإن القراءات والاجتهادات يمكن أن تختلف فى تكييف بقية وقائع اليوم. فقارئ الصحف التى صدرت أمس (السبت 26/1) يلاحظ أنها ركزت على الجوانب التى تهم تحيزها وموقفها السياسى. وهو ما تجلى مثلا فى الإشارات المتعددة إلى نداءات إسقاط الرئيس مرسى والتنديد بحكم المرشد. واستبعاد الحكومة الحالية وإسقاط الدستور وإلغاء مجلس الشورى وقانون الانتخابات. وهى شعارات إذا وضعت جنبا إلى جنب فهى تعنى العودة إلى نقطة الصفر، وهدم كل ما تم بناؤه هو الهدف الأساسى للجموع التى خرجت وظلت فى الميادين طوال النهار. وهو انطباع غير صحيح لأن أعدادا لا يستهان بها خرجت لأنها ضائقة بأعباء الحياة المتزايدة، ولأنها لم تلمس بعد أن ثمة تقدما حقيقيا يقنعها بأن مطالب الثورة يجرى الاستجابة لها. وكان ذلك ملاحظا فى تحفظ بعض الناشطين البارزين على فكرة الإسقاط، وتأكيدهم على أهمية استعادة روح البناء ومبادراته التى تقنع الرأى العام بأن ثمة تقدما على الطريق الصحيح. من ناحية أخرى فإن بعض الذين تصدروا الواجهات الإعلامية تصوروا أن الجماهير خرجت استجابة لنداءاتهم ودعواتهم التى ظلوا يبثونها عبر وسائل الإعلام طوال الأسابيع الأخيرة. ومن ثم تصرفوا وكأن تلك الجموع من جماهيرهم، ورأينا ان بعضهم صدق ذلك فراحوا يلوحون مسرورين لتلك الجماهير، معتبرين أن مجرد ظهورهم على الشاشات وسط الزحام يؤكد قيادتهم السياسية فى الساحة المصرية، وذلك وهم كبير من آثار فتنة الظهور التليفزيونى، التى لا تفرق بين الحضور فى الفضاء أو عبر مواقع العالم الافتراضى، وبين الحضور على الأرض. وغاية ما يمكن أن نقوله بحق تلك القيادات ــ إلى جانب احترامنا للجميع ــ أنها لم تختبر بعد على أرض الواقع. وحتى إذا كان بعضها قد نال حظا من التصويت فى الانتخابات السابقة، فينبغى ألا ننسى أن التصويت لا يكون بالضرورة تأييدا لذات المرشح، ولكن تعبيرا عن رفض واستنكار مرشح آخر. من ثم فإنه فى هذه الحالة يكون الأفضل، ولكنه الأقل سوءا. وسوف يحرم من ذلك الصوت بمجرد ظهور من يظن أنه الأفضل حقا. إذا صح ذلك التحليل فهو يعنى أن الكتل البشرية التى رأينها فى الصور لا تقف بالضرورة فى مربع أولئك القادة المفترضين، وإنما هناك مسافة فى الرؤية والهدف بين الواقفين على المنصات والمحتشدين فى الميدان. أما الأمر الذى لم يكن مفهوما فهو موقف القوى السياسية من قضية العنف الذى بدا عبثيا فى بعض الأحيان. ذلك أننى لم أفهم لماذا يحاول البعض إحراق مبنى هيئة السكك الحديدية الجديد فى (محطة مصر) أو محاولة اقتحام مبنى الإذاعة والتليفزيون أو دفع الجماهير إلى الاشتباك مع الشرطة لمحاصرة مجلس الشورى أو الوصول إلى وزارة الداخلية. ورغم أن هناك ممارسات وقعت لا يمكن نسبتها إلى الثوار، فإن تطوع بعض المثقفين للدفاع عنها أو تبريرها على شاشات التليفزيون واعتبارها أعمالا «ثورية» بدا محيرا وباعثا على سوء الظن، لأن كلامهم المؤيد لتلك الممارسات أو المبرر لها بدا فى حقيقة الأمر دعوة إلى الفوضى التى لا تحمد عقباها. ومما يبعث على الدهشة والحيرة اننا لم نلمس استنكارا سواء من القوى السياسية أو المثقفين الذين ظهروا على شاشات التليفزيون لظهور مجموعات من لابسى الأقنعة والثياب السوداء الذين لا يشك أحد فى أن خروجهم بتلك الهيئة كان من قرائن التوجه إلى العنف واستثمار خروج الجماهير لإشاعة البلبلة والفوضى. وهو ما طمس وميَّع الفوارق بين الثوار وبين البلطجية. أخيرا فإننى لم أفهم لماذا غابت السلطة السياسية عن المشهد. وتركت الأمر كله للشرطة. إذ لم استرح للأخبار التى دأبت على تذكيرنا بأن رئيس الوزراء يتابع الموقف هاتفيا من مدينة دافوس السويسرية، ولم أستسغ الرسالة التى وجهها الرئيس مرسى على «تويتر» قبل منتصف الليل وعزى فيها أسر الشهداء والضحايا الذين سقطوا فى بعض المواجهات. وتمنيت أن يخاطبنا الرئيس بنفسه فى هذه المناسبة. لأننا مازلنا نريد أن نسمع منه الكثير عما يحدث فى البلد الآن. وما نتمنى له أن يحدث فى المستقبل القريب. وهو ما يسوغ لى أن أقول إن أحداث ذلك اليوم من أوله إلى آخره خاطبت الغرائز والانفعالات ولم تخاطب مداركنا وعقولنا، فضلا عن ان الخروج وظف لصالح حسابات النخبة وليس تطلعات المجتمع. نقلاً عن جريدة "الأيام"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للنخبة وليس المجتمع للنخبة وليس المجتمع



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 08:11 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

المدرب الإسباني أوناي إيمري يغازل بيته القديم

GMT 01:04 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

جالاتا سراي التركي يفعل عقد مصطفى محمد من الزمالك

GMT 05:34 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

تعرف على السيرة الذاتية للمصرية دينا داش

GMT 20:42 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل جاتوه خطوة بخطوة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon