توقيت القاهرة المحلي 06:52:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

للنخبة وليس المجتمع

  مصر اليوم -

للنخبة وليس المجتمع

فهمي هويدي

التصور الذى يمكن الاتفاق عليه فى قراءة أحداث الخروج الذى شهدته مصر يوم الجمعة الماضى يتمثل فى أن المتظاهرين كانوا من معارضى الرئيس مرسى، وحسنا فعل مؤيدوه لأنهم ظلوا خارج الصورة، بعدما تعلموا الدرس من تجربة العراك الذى حدث فى محيط قصر الاتحادية من جراء الاشتباك بين جموع المعارضين والمؤيدين، وتلك خلاصة تعنى أن فكرة الإجماع الوطنى تراجعت فى مصر. وأن أجواء الانقسام مرشحة للاستمرار إلى مدى لا يعلمه إلى الله. فيما عدا هذه الخلفية فإن القراءات والاجتهادات يمكن أن تختلف فى تكييف بقية وقائع اليوم. فقارئ الصحف التى صدرت أمس (السبت 26/1) يلاحظ أنها ركزت على الجوانب التى تهم تحيزها وموقفها السياسى. وهو ما تجلى مثلا فى الإشارات المتعددة إلى نداءات إسقاط الرئيس مرسى والتنديد بحكم المرشد. واستبعاد الحكومة الحالية وإسقاط الدستور وإلغاء مجلس الشورى وقانون الانتخابات. وهى شعارات إذا وضعت جنبا إلى جنب فهى تعنى العودة إلى نقطة الصفر، وهدم كل ما تم بناؤه هو الهدف الأساسى للجموع التى خرجت وظلت فى الميادين طوال النهار. وهو انطباع غير صحيح لأن أعدادا لا يستهان بها خرجت لأنها ضائقة بأعباء الحياة المتزايدة، ولأنها لم تلمس بعد أن ثمة تقدما حقيقيا يقنعها بأن مطالب الثورة يجرى الاستجابة لها. وكان ذلك ملاحظا فى تحفظ بعض الناشطين البارزين على فكرة الإسقاط، وتأكيدهم على أهمية استعادة روح البناء ومبادراته التى تقنع الرأى العام بأن ثمة تقدما على الطريق الصحيح. من ناحية أخرى فإن بعض الذين تصدروا الواجهات الإعلامية تصوروا أن الجماهير خرجت استجابة لنداءاتهم ودعواتهم التى ظلوا يبثونها عبر وسائل الإعلام طوال الأسابيع الأخيرة. ومن ثم تصرفوا وكأن تلك الجموع من جماهيرهم، ورأينا ان بعضهم صدق ذلك فراحوا يلوحون مسرورين لتلك الجماهير، معتبرين أن مجرد ظهورهم على الشاشات وسط الزحام يؤكد قيادتهم السياسية فى الساحة المصرية، وذلك وهم كبير من آثار فتنة الظهور التليفزيونى، التى لا تفرق بين الحضور فى الفضاء أو عبر مواقع العالم الافتراضى، وبين الحضور على الأرض. وغاية ما يمكن أن نقوله بحق تلك القيادات ــ إلى جانب احترامنا للجميع ــ أنها لم تختبر بعد على أرض الواقع. وحتى إذا كان بعضها قد نال حظا من التصويت فى الانتخابات السابقة، فينبغى ألا ننسى أن التصويت لا يكون بالضرورة تأييدا لذات المرشح، ولكن تعبيرا عن رفض واستنكار مرشح آخر. من ثم فإنه فى هذه الحالة يكون الأفضل، ولكنه الأقل سوءا. وسوف يحرم من ذلك الصوت بمجرد ظهور من يظن أنه الأفضل حقا. إذا صح ذلك التحليل فهو يعنى أن الكتل البشرية التى رأينها فى الصور لا تقف بالضرورة فى مربع أولئك القادة المفترضين، وإنما هناك مسافة فى الرؤية والهدف بين الواقفين على المنصات والمحتشدين فى الميدان. أما الأمر الذى لم يكن مفهوما فهو موقف القوى السياسية من قضية العنف الذى بدا عبثيا فى بعض الأحيان. ذلك أننى لم أفهم لماذا يحاول البعض إحراق مبنى هيئة السكك الحديدية الجديد فى (محطة مصر) أو محاولة اقتحام مبنى الإذاعة والتليفزيون أو دفع الجماهير إلى الاشتباك مع الشرطة لمحاصرة مجلس الشورى أو الوصول إلى وزارة الداخلية. ورغم أن هناك ممارسات وقعت لا يمكن نسبتها إلى الثوار، فإن تطوع بعض المثقفين للدفاع عنها أو تبريرها على شاشات التليفزيون واعتبارها أعمالا «ثورية» بدا محيرا وباعثا على سوء الظن، لأن كلامهم المؤيد لتلك الممارسات أو المبرر لها بدا فى حقيقة الأمر دعوة إلى الفوضى التى لا تحمد عقباها. ومما يبعث على الدهشة والحيرة اننا لم نلمس استنكارا سواء من القوى السياسية أو المثقفين الذين ظهروا على شاشات التليفزيون لظهور مجموعات من لابسى الأقنعة والثياب السوداء الذين لا يشك أحد فى أن خروجهم بتلك الهيئة كان من قرائن التوجه إلى العنف واستثمار خروج الجماهير لإشاعة البلبلة والفوضى. وهو ما طمس وميَّع الفوارق بين الثوار وبين البلطجية. أخيرا فإننى لم أفهم لماذا غابت السلطة السياسية عن المشهد. وتركت الأمر كله للشرطة. إذ لم استرح للأخبار التى دأبت على تذكيرنا بأن رئيس الوزراء يتابع الموقف هاتفيا من مدينة دافوس السويسرية، ولم أستسغ الرسالة التى وجهها الرئيس مرسى على «تويتر» قبل منتصف الليل وعزى فيها أسر الشهداء والضحايا الذين سقطوا فى بعض المواجهات. وتمنيت أن يخاطبنا الرئيس بنفسه فى هذه المناسبة. لأننا مازلنا نريد أن نسمع منه الكثير عما يحدث فى البلد الآن. وما نتمنى له أن يحدث فى المستقبل القريب. وهو ما يسوغ لى أن أقول إن أحداث ذلك اليوم من أوله إلى آخره خاطبت الغرائز والانفعالات ولم تخاطب مداركنا وعقولنا، فضلا عن ان الخروج وظف لصالح حسابات النخبة وليس تطلعات المجتمع. نقلاً عن جريدة "الأيام"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للنخبة وليس المجتمع للنخبة وليس المجتمع



GMT 15:43 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أين الشرع (فاروق)؟

GMT 15:42 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد

GMT 15:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 15:40 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

سوريّا المسالمة ولبنان المحارب!

GMT 15:39 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 15:37 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة... والخوف الاصطناعي

GMT 15:36 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

اعترافات ومراجعات (87).. ذكريات إيرلندية

GMT 15:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم ــ غزة... «كريسماس» البهجة المفقودة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon