توقيت القاهرة المحلي 07:37:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أهلاً وسحلاً

  مصر اليوم -

أهلاً وسحلاً

مصر اليوم

  الحدث فى الإعلام المصرى هذه الأيام هو قصة المواطن المصرى الذى تم سحله بواسطة الشرطة بعد تعريته فى فضيحة مدوية هزت المجتمع المصرى وترددت أصداؤها قوية فى أنحاء الكرة الأرضية. ولأن الحدث كان جسيما ومشينا فقد صار محورا لسيل من التعليقات فى جميع منابر التعبير من جانب الذين استفزهم وأهانهم ما جرى. وتنافس فى ذلك المدونون الذين كتب أحدهم قائلا إن شعار وزارة الداخلية الآن هو: أهلا وسحلا! لا مفر من الاعتراف بأن الداخلية صارت إحدى الوزارات سيئة السمعة، منذ جرى توظيفها لعدة عقود لكى تصبح السوط الذى يلهب ظهور المصريين، والمختبر الذى تمارس فيه أساليب قمعهم وإذلالهم. باسم التأديب والتهذيب والإصلاح. ولا مفر من الاعتراف أيضا بأن التخلص من ذلك الميراث من خلال تهذيب وإصلاح الداخلية ذاتها بعد الثورة صار مهمة مستعصية إلى حد كبير، لسبب أساسى هو أن دورها القمعى تحول من مهمة مؤقتة إلى ثقافة مستقرة لا تقيم وزنا للقانون أو كرامة المواطن، وتتعامل مع إهدار الاثنين باعتباره من بديهيات ومستلزمات الأداء الشرطى. ولأن أجيالا عدة من رجال الشرطة التحقوا بالخدمة فى ظل قانون الطوارئ الذى أطلق يدهم بغير ضابط ولا رابط، ومنهم من أحيل إلى التقاعد فى ظل الطوارئ أيضا، فقد غدت مهمة تغيير «عقيدتهم» الشرطية أمرا بالغ الصعوبة. وإذا لاحظت أنه خلال السنتين اللتين أعقبتا الثورة تم تغيير أربعة وزراء للداخلية والحالى خامسهم، فى حين أنه خلال الثلاثين سنة التى أمضاها الرئيس السابق تعاقب على الوزارة سبعة وزراء فقط، فإن ذلك يصور لك مدى حيرة الثورة فى أمر إصلاح وزارة الداخلية واستعصاء محاولة إقناع جهازها بأن الدنيا تغيرت فى مصر، وأن القانون ينبغى أن يحترم كما أن كرامة المواطنين يجب أن تصان. أدرى أن ثمة أجواء خانقة وضاغطة بشدة على رجال الشرطة، وأن هناك انفلاتا وبلطجة متنامية فى الشارع المصرى، إلا أن ذلك لا ينبغى بأى حال أن يبرر للشرطى إهدار القانون واستباحة كرامة المواطنين. وإذا عجز جهاز الشرطة على حل هذه المعادلة، فإن ذلك ينبغى أن يعد فشلا من جانبها، وفى هذه الحالة فإنه ينبغى البحث عن حل آخر أبعد من تغيير وزير الداخلية. إلا أننا ينبغى أن نرصد أمرا له دلالته فى حادث تعرية المواطن وسحله أمام قصر الاتحادية، ذلك أنه خلال ساعة بعد بث الشريط على التليفزيون قدم المتحدث باسم وزارة الداخلية اعتذارا إلى المجتمع عن الحادث. وهذا تصرف يحدث لأول مرة، لأننا لم نعهد ذلك السلوك من جانبها فى كل التجارب السابقة. إلا أننا فوجئنا بعد ذلك بكلام آخر على لسان المواطن المجنى عليه يبرئ الشرطة ويتهم المتظاهرين بالمسئولية عما جرى له. وبدا أن ذلك كان بمثابة «تلقين» من جانب بعض عناصر الشرطة التى تنتمى إلى مدرسة القمع القديمة (غير أقواله لاحقا واعترف بمسئولية الشرطة). من جانبى قرأت المشهد باعتباره تجسيدا للصراع فى الداخلية بين رجالها الذين ينتمون إلى المدرستين القديمة والجديدة. فالأولون يصرون على الإنكار، كما حدث فى جريمتى قتل خالد سعيد وسيد بلال، والآخرون يقاومون هذا السلوك ويستنكرونه على النحو الذى تجلى فى المسارعة إلى الاعتذار عما جرى. وهو تحليل إذا صح فإنه ينبهنا إلى حقيقة أن نفوذ مدرسة القمع لايزال قائما، وهو ما لمسناه فى عمليات التعذيب التى يتعرض لها النشطاء مما أدى إلى مقتل بعضهم فى الآونة الأخيرة. لا أعرف أى التيارين أقوى فى الداخلية، ولا أستبعد أن يكون للصراع نظيره فى الأجهزة الأمنية الأخرى، لكن ما أعرفه أن التيار الإصلاحى يستحق التشجيع والترحيب، الذى لم يكترث به كثيرون. أفهم أن الاعتذار ليس كافيا، وسوف يكون أكثر جدية وحزما إذا ما ترتب عليه محاسبة المسئولين عما جرى، لكننى لا أريد أن أقلل من شأنه، وأعتبره نقلة مهمة، زاعما فى هذا الصدد أننا ينبغى ألا يكون خيارنا بين الحد الأقصى أو لا شىء على الإطلاق. الملاحظة الثانية التى قد تكون وثيقة الصلة باعتذار وزارة الداخلية هى أن بعض الجماعات السياسية والأبواق الإعلامية بدا أن حماسها أكبر للتوظيف السياسى للحدث، حين تلقفته وحولته من قضية لها وجه سلبى وإشارة ايجابية إلى قذيفة ملتهبة جرى إلقاؤها فى فناء الاتحادية وواقعة استخدمت للتشهير بالرئيس محمد مرسى وتلطيخ صورته. وبدلا من أن تشد من أزر وزير الداخلية وتدعوه إلى مواصلة مهمته فى إعادة هيكلة جهاز الشرطة من خلال اتخاذ المزيد من المبادرات الإصلاحية الشجاعة، فإن أصوات المهيجين والمحرضين شغلت بتكثيف القصف ضد الرئيس وحكومته ووزير الداخلية. وقرأنا لأحدهم أمس ادعاءه بأن المعتصمين فى الميدان لن يغادروا قبل أن يسقط المعبد فوق رأس الجميع. ولأن أصوات المعارضة التحريضية وظفت تعرية الرجل لفضح النظام وفعلت نفس الشىء مع حوادث التعذيب التى قيل إنها أفضت أخيرا إلى موت ثلاثة من المتظاهرين، فإنها تجاهلت حوادث التحرش المخزى التى تعرضت لها نحو عشرين فتاة وسيدة فى ميدان التحرير أثناء مظاهرات ذكرى الثورة. وكان السبب فى ذلك أن الفضيحة الأخيرة لا تصلح للاستخدام ضمن القذائف الملتهبة التى يدعون إلى إلقائها فى فناء الاتحادية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أهلاً وسحلاً أهلاً وسحلاً



GMT 15:43 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

أين الشرع (فاروق)؟

GMT 15:42 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد

GMT 15:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 15:40 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

سوريّا المسالمة ولبنان المحارب!

GMT 15:39 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 15:37 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة... والخوف الاصطناعي

GMT 15:36 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

اعترافات ومراجعات (87).. ذكريات إيرلندية

GMT 15:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم ــ غزة... «كريسماس» البهجة المفقودة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon