توقيت القاهرة المحلي 17:35:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حلم أن نفكر جيدًا

  مصر اليوم -

حلم أن نفكر جيدًا

فهمي هويدي

وقعت على وصفة تسهم فى علاج أعقد مشكلاتنا، وهى: كيف نفكر على نحو أفضل. وقد ذكرتنى بالنكتة التى تقول إن متجرا كبيرا خصص جناحا لبيع العقول، ووضع أعلى سعر لنموذج للعقل المصرى، وحين سئل مديره عن السبب فى ذلك كان رده أن العقول الأخرى الأقل سعرا سبق استعمالها وتشغيلها. أما العقل المصرى المعروض من خامة جيدة حقا إلا أنه لم يستخدم قط من قبل، لذلك فإن عداده لا يزال «على الزيرو»! الوصفة تعتمد على منهج مستحدث لتعليم التفكير. وهو مستحدث عندنا فقط لأن مثل هذه المناهج بدأ تطبيقها فى عام 1967، عام «النكسة» عندنا الذى جسد أزمة الحاجة إلى التفكير والتدبير. إلا أن خطاها تسارعت منذ عام 1985 حتى أصبحت معتمدة ومطبقة فى 57 دولة، آخرها جمهورية الدومينيكان (إحدى دول البحر الكاريبى). الفكرة نقلها إلى مصر خبير حصل على شهادة من جامعة اكسفورد بإنجلترا، باعتماده مدربا فى مناهج تعليم التفكير، هو الدكتور مهندس شريف الهجان، الذى أشهر مؤسسة فى مصر لهذا الغرض. وعرض المشروع على وزير التربية والتعليم فى مصر، ورئيس الأكاديمية المهنية للمعلمين. وقد تحمس الاثنان له، وهو الآن بصدد ترجمة مادته العلمية إلى اللغة العربية. فكرة المشروع ترتكز على المنطلقات والمعطيات التالية: • هناك حاجة ملحة إلى تعليم التفكير الجيد. ذلك أن التفكير الذى نمارسه كل يوم كالمشى العادى الذى يقوم به كل فرد. أما التفكير الجيد فهو مثل الجرى لمسافة مائة متر أو مثل السباحة أو قيادة السيارات، بمعنى أنه إنجاز تقنى يتسم بالبراعة. صحيح أن التفكير غريزة فطرية لدى الناس جميعا، إلا أن ذلك لا يعنى بالضرورة أن كل تفكير جيد فى محصلته. علما بأن التفكير الجيد لا يتوافر للفرد بصورة تلقائية وإنما لابد من تعلمه واكتسابه المهارة فيه. وإذا كان كثيرون لا يحسنون التفكير فإن ذلك لا يرجع إلى أنهم يفتقرون إلى الذكاء. ولكن لأنهم لم يتعلموا التقنيات الخاصة بطرق التفكير الجيد. • إحدى أبرز أوجه القصور فى نظامنا التعليمى أنه لا يحرك عقول التلاميذ ولا ينمى لديهم ملكة التفكير. فهم غالبا ما يتخرجون، وهم لا يملكون سوى ما ادخل إلى عقولهم من أوامر وتعليمات. ولذلك فإنهم يظلون بحاجة إلى اكتساب مهارات التفكير من خلال إدخالها ضمن مناهج التعليم. • الأسباب التى تدفع إلى تعلم تحسين التفكير متعددة. أبرزها المنفعة الذاتية للمتعلم نفسه، حيث يزود بما يساعده على خوض مجالات التنافس بشكل فعال فى عصر ارتبط فيه التفوق بمدى القدرة على التفكير الجيد. منها أيضا المنفعة الاجتماعية العامة. ذلك أن اكتساب مهارات التفكير الجيد يجعلنا ننظر بعمق إلى مشاكل المجتمع، كما أنها تساعد على التقارب بين الأفراد والتفاعل معهم. كما أن التفكير الجيد يساعد على تحسن الصحة النفسية لأن الذين يكتسبون مهاراته تصبح لديهم قدرة أكبر على التكيف مع الأحداث والمتغيرات التى تحيط بهم. • البرنامج المعد يغطى مظاهر التفكير المختلفة، كالتفكير الإبداعى والنقدى، ويركز على التدريب على استخدام أدوات خاصة تساعد على تنمية القدرات الذهنية. وقد بينت الدراسات التى أجريت على نتائج تطبق فى المدارس أفاد المعلمون أنهم لاحظوا تطورات إيجابية فى حلقات المناقشة بين التلاميذ، منها: زيادة الرغبة فى الإصغاء للآخرين ــ نقص التمركز حول الذات ــ زيادة القبول التسامح مع الآخرين ــ تناقص الابتعاد عن صلب الموضوع ــ زيادة الرغبة فى التفكير فى الموضوعات الجيدة بدلا من رفضها ــ التوجه نحو الاستكشاف بدلا من نقص الأفكار أو الدفاع عنها. فى التقارير التى أعدت عن المشروع تبين أن الذين استفادوا منه أشخاص من مختلف درجات الذكاء، ومن مختلف الأعمار، من سن ست سنوات إلى 90 سنة. كما استفاد منه عمال أميون فى جنوب أفريقيا وعدد من مديرى الشركات العالمية الكبرى. وبعض من فازوا بجائزة نوبل، إضافة إلى فرق لكرة القدم وعازفون فى أوركسترا موسيقية. سألت الدكتور شريف الهجان عن الخطوات التنفيذية للمشروع، فقال إنه بعد الانتهاء من ترجمة المادة العلمية سيقوم بتدريب 40 مدرسا. وسيتولى هؤلاء تدريس المنهج فى 40 مدرسة، كما سيقوم كل منهم فى نفس الوقت بتدريب 30 مدرسا، ليصبح العدد الكلى فى نهاية العام الدراسى 2013 ــ 2014 حوالى 1200 مدرس. وفى هذه الحالة يفترض أن تدخل المناهج كل مدارس مصر فى غضون سنتين أو ثلاث. حتى إذا كان الرجل يحلم فلا غضاضة فى ذلك، لأن الكثير من حقائق العصر بدأت أحلاما. لا أستطيع أن أختم قبل أن أبوح بسؤالين يلحان علىّ هما: كيف يمكن أن نلزم بعض كبار المسئولين فى البلد بحضور دروس فى التفكير الجيد؟ ثم هل سيمتد بنا العمر حتى نشهد ثمار ذلك الجهد؟ نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلم أن نفكر جيدًا حلم أن نفكر جيدًا



GMT 15:22 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 15:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 15:17 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon