توقيت القاهرة المحلي 17:35:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

امسكوا الخشب

  مصر اليوم -

امسكوا الخشب

فهمي هويدي

يبدو أن حظ الدكتور هشام قنديل من الإنجار خارج مصر أفضل منه داخلها، وسواء أكان ذلك راجعا إلى أن صوت العراك السياسى فى مصر حجب كل ما عداه، أم لأن أغلب وسائل الإعلام عندنا انحازت إلى مخاصمة السلطة ولم تعد تتحدث إلا عن مثالبها وعوراتها، فالشاهد أننا ما عدنا نرى فى الحكومة إلا سلبياتها، وما عاد واحد مستعدًا لأن يرى فى آدائها شيئـًا إيجابيـًا، وقد سمعت منه مرة شكواه من أنه ذهب إلى الإسكندرية ذات يوم، وظل طول النهار ىتابع بعض الأنشطة فى المحافظة، وأثناء عودته فى المساء تعطل القطار الذى استقله إلى القاهرة ومعه بعض المرافقين، فلم تشر صحف اليوم التالى بكلمة إلى ما فعله الرجل على مدار اليوم، فى حين أبرزت شيئـًا واحدًا هو أن القطار تعطل برئيس الوزراء أثناء قدومه من الإسكندرية! لقد كنت أحد الذين دعوا الرجل إلى الاستقالة من منصبه، لا لعيب فيه، ولكن لأن العبء أكبر منه، فضلًا عن أن المرحلة بحاجة إلى رئيس حكومة وتشكيلة وزارية بمواصفات أخرى، ورغم أننى لم أغير رأيى إلا أننى لا أرى غضاضة فى أن نحتفى بأى إنجاز يحققه، وسوف يسرنى لا ريب أن تتعدد إنجازاته على نحو يقنعنى وغيرى بأننا تسرعنا فى الحكم عليه أو أخطأنا فى حيثيات الحكم. إننى أعترف بأن بيننا من يتمنى للرجل الفشل ــ وهو ما ينسحب على رئيس الجمهورية أيضـًا ــ إلا أننى لا أرى مصلحة وطنية أو أخلاقية فى ذلك، حيث أزعم أن نجاحهما هو نجاح للوطن والثورة، بقدر ما أزعم أن انتقادهما ضرورى لتصويب آدائهما الذى يفترض أن يصب فى صالح الوطن والثورة. لقد قام الدكتور هشام قنديل بزيارة مهمة وناجحة إلى العراق هذا الأسبوع ــ امسكوا الخشب! ــ اصطحب فيها ستة من الوزراء و70 من رجال الأعمال أغلبهم من المتخصصين فى التشييد والبناء، وفيما فهمت كان الهدف من الزيارة تحقيق التعاون الاقتصادى بين البلدين، وفتح السوق العراقية أمام الخبرات والصادرات المصرية، وللعلم فإن حجم الواردات العراقية السنوية يقدر بنحو 27 مليار يورو، نصيب الصادرات المصرية منها 1.3٪ فقط (نحو 600 مليون دولار)، فى حين أن نصيب صادرات تركيا 25٪. وللعلم أيضـًا فإن مجالات العمل فى العراق لا حدود لها، لأن سنوات الاحتلال والاقتتال خلفَّت دمارًا كبيرًا، ليس فى البنية التحتية وحسب، ولكن فى كل المشروعات الإنشائية الأخرى، بما فى ذلك الطرق والمدارس والمستشفيات والأحياء السكنية، وغير ذلك، وللأسف فإن شركات المقاولات المصرية ترددت فى دخول السوق العراقية بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة، الأمر الذى فتح المجال واسعا أمام الشركات التركية والكورية لكى تمد أنشطتها إلى مختلف أرجاء العراق، وللتذكرة فقط، فإن العمالة المصرية فى العراق فى عهد الرئيس السابق صدام حسين تراوحت ما بين مليونين وثلاثة ملايين شخص، فى حين أن العمال المصريين الآن يتراوح عددهم بين 50 ألفـًا و100 ألف شخص فقط. حين سألت عن حصيلة الزيارة، قيل لى إنه تم الاتفاق فيها على توريد 4 ملايين برميل نفط كل شهر إلى مصر ــ مد خط أنبوب للنفط من العراق إلى مصر عن طريق الأردن ــ إقامة منطقة صناعية مصرية عراقية فى داخل العراق ــ تكرير جزء من البترول العراقى فى مصر التى تتوافر لديها إمكانات للتكرير جيدة، فى حين أن إنتاجها ضعيف نسبيـًا بعكس العراق الذى يتوفر لديه إمكانات الإنتاج بأكبر من طاقة التكرير ــ استعادة 47 مليون دولار متأخرة لحساب استحقاقات ومعاشات العمال المصريين ــ وقعت شركة المقاولون العرب عقدًا لإنشاء 20 ألف وحدة سكنية هناك ــ إطلاق سراح 33 مصريـًا صدرت بحقهم أحكام بالسجن من جانب المحاكم العراقية ــ رفع حظر استيراد الألبان والأجبان المصرية إلى العراق ــ تنشيط الدور المصرى فى مجالات إنشاء وصيانة محطات الكهرباء. كانت تلك أهم حصيلة لرحلة الدكتور هشام قنديل واجتماعاته مع رئيس الوزراء العراقى السيد نورى المالكى، وكذلك مباحثات الوزراء الستة مع نظرائهم العراقيين، وفهمت أن الزيارة السابقة التى قام بها إلى الجزائر حققت تطورًا مهمـًا فى مجالات التعاون بين البلدين لم يحظ بالاهتمام الإعلامى، وستكون له زيارة أخرى إلى جنوب السودان خلال الأسبوع المقبل لبحث موضوع المياه الذى يوليه الدكتور قنديل عناية خاصة بحكم اختصاصه الأصلى. وحين سألت عن الوضع بالنسبة لليبيا التى لا تقل عن العراق فى حاجتها إلى الخبرات ومشروعات الإعمار، خصوصـًا أن رئيس وزرائها يفترض أن يكون قد وصل إلى القاهرة أمس (الأربعاء) ـ حينذاك قيل لى إن عدم استقرار الأوضاع الأمنية هناك يشكل العقبة الأكبر التى تحول دون تطور العلاقات بنفس القدر الذى حدث مع العراق. هممت أن أسأل محدثى القريب من الدكتور قنديل عن حصاد جهود الرجل فى الداخل لكننى أحجمت عن السؤال، لأن ذلك سيقودنا إلى معترك السياسة، وهذه ملفها عند الرئيس مرسى وليس عنده. ومن ثم اعتبرت أن توجيه السؤال إليه فى هذا الصدد من قبيل مخاطبة العنوان الغلط. نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

امسكوا الخشب امسكوا الخشب



GMT 15:22 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 15:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 15:17 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon