توقيت القاهرة المحلي 17:35:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حين اعتذرت إسرائيل لتركيا

  مصر اليوم -

حين اعتذرت إسرائيل لتركيا

فهمى هويدي

أبرزت بعض الصحف العربية خبر اعتذار إسرائيل لتركيا فى حين تجاهلت صحف أخرى خبر الاعتذار وركزت على العودة إلى تطبيع العلاقات بين البلدين. وحتى إذا كان ذلك التفاوت من قبيل المصادفة، إلا أنه يعبر عن التباين القائم فى قراءة مفردات السياسة الخارجية التركية. وهذا التباين أكثر وضوحا فى التعليقات التى تناولت الموضوع فى الصحف العربية، والتى عمد بعضها إلى الانتقاص من قيمة الخبر والتشكيك فى خلفياته. من جانبى أقر بأننى لست سعيدا بعودة العلاقات بين تركيا وإسرائيل (ولا بوجود أى علاقة من أى نوع بين مصر وإسرائيل). كما أنه لا يسرنى أن تبقى تركيا عضوا فى حلف الأطلنطى، مع ذلك فإننى أزعم أن الحكم على السياسة الخارجية التركية انطلاقات هذه المشاعر وحدها يعد تعسفا بجانب الصواب. ذلك أننا نعلم جيدا أن حكومة حزب العدالة والتنمية حين تسلمت السلطة وجدت البلاد تحت حكم العسكر الفعلى ولها ارتباطاتها الوثيقة والعميقة مع الحلف المذكور فضلا عن الولايات المتحدة وإسرائيل. وحالها فى ذلك لا يختلف كثيرا عن حال أى حكومة وطنية تتسلم السلطة فى مصر مثلا وتجد أنها مرتبطة بعلاقات وتعهدات كثيرة مع الولايات المتحدة، كما انها مكبلة بمعاهدة سلام مع إسرائيل وفى الوقت ذاته فان موازين القوة لا تمكنها من التحلل مما ورثته من تعهدات واتفاقات. الأمر الذى يضعها بإزاء ثلاثة خيارات. اما ان تسلم بالأمر الواقع وتسايره، واما أن ترفضه وتصطدم به. وإذا كان الاستسلام مرفوضا والصدام متعذرا فى الأجل المنظور فليس أمامها سوى ان تحاول ان تستخلص منه أفضل ما يمكن ان تنتزعه لصالح موقفها الوطنى والمستقل. لقد ورثت حكومة حزب العدالة ذلك الوضع المعقد الذى سبقت الإشارة إليه، وقد لا نبالغ إذا قلنا إن تركيا فى ذلك الحين (عام 2002) كانت مستسلمة للأحضان الأمريكية الإسرائيلية، ولم تكن معنية بالقضية الفلسطينية، ورغم أنها لم تغير كثيرا من طبيعة العلاقات الاقتصادية والعسكرية مع البلدين، إلا أنه ينبغى أن يحسب لها أنها ردت الاعتبار للقضية الفلسطينية فى أجندتها السياسية، وجددت علاقة الأتراك بها، بعد طول هجران وانقطاع. يشهد بذلك الغضب العارم والمظاهرات الصاخبة المعادية لإسرائيل التى انطلقت فى أنحاء تركيا أثناء اجتياحها لقطاع غزة فى عام 2008. ولم يعد سرا ان الدفاع عن القضية الفلسطينية والتنديد بالاحتلال الإسرائيلى أصبحا أحد محاور الخطاب السياسى التركى فى مختلف المحافل الدولية، ولا ينسى أحد لأردوغان اشتباكه مع شمعون بيريز ومقاطعته لمؤتمر دافوس بسبب الملف الفلسطينى، وكانت إدانته الأخيرة للصهيونية واعتبارها جريمة ضد الإنسانية تعبيرا مجددا عن ذات الموقف. منذ ثلاث سنوات حين قتلت إسرائيل تسعة من الأتراك كانوا ضمن ركاب الباخرة التركية «مرمرة» التى سعت إلى كسر حصار غزة، طرد السفير الإسرائيلى من أنقرة وجمدت العلاقات بين البلدين، وأعلن أردوغان ان بلاده لن تعيد تلك العلاقات إلا إذا استجابت إسرائيل لثلاثة شروط هى الاعتذار عن الجريمة وتعويض الضحايا ورفع حصار غزة. وطوال السنوات الثلاث رفضت إسرائيل تلك المطالب، وأصرت أنقرة على موقفها، وظلت علاقات البلدين فى تدهور مستمر. إلى ان زارها الرئيس الأمريكى باراك أوباما المنطقة فى الأسبوع الماضى، وفوجئنا بالإعلان الرسمى عن قبول إسرائيل للشروط التركية وعلى رأسها الاعتذار الذى لم تقدمه لأى دولة من قبل باستثاء الولايات المتحدة (حين أغرقت إسرائيل سفينة التجسس الأمريكية أثناء حرب 67 مما أدى إلى قتل 31 جنديا أمريكيا). وحسب معلوماتى فان أردوغان اتصل هاتفيا بالرئيس محمد مرسى وأبلغه بالنبأ قبل إعلانه، كما اتصل بالسيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحركة حماس وتحدث إليه فى الموضوع. منذ ذلك الحين والجدل مثار فى إسرائيل حول تراجع نتنياهو عن كبريائه، والضرورات الاستراتيجية التى استدعت ذلك خصوصا ما تعلق منها بتداعيات الموقف فى سوريا وموقف دول المنطقة منها. فى التعليق على ما جرى قال أردوغان ان بلاده ستراقب تصرفات إسرائيل على الطبيعة لكى ترى كيف سيكون موقفها من حصار غزة. وحسب معلوماتى فان الاتصالات بدأت لترتيب زيارة له للقطاع للتعرف على الموقف هناك خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة. إلا ان الدوائر السياسية التركية تعتبر انه بات من العسير للغاية ان تعود العلاقات بين أنقرة وتل أبيب إلى سابق عهدها، لأن الحاجز النفسى الذى تشكل لدى الأتراك خلال السنوات التى خلت بات من الصعب تجاوزه. عامدا تجنبت الحديث عن رد فعل القاهرة حين قتل الإسرائيليون ستة من رجال الشرطة المصريين فى شهر أغسطس عام 2011، واكتفى وزير الدفاع الإسرائيلى ايهود باراك بالإعراب للمجلس العسكرى الحاكم آنذاك عن الأسف لما جرى، ووعد بأن تحقيقا سيجرى حول الموضوع، ثم نسى الأمر بعد ذلك ولم يعد له ذكر. فقد وجدت ان المقارنة محرجة، إلا أننى أدركت ان الإشارة السريعة إلى الواقعة تساعدنا على فهم الموقف التركى وتقديره، لاننى لا استطيع أن اكتم خجلا من القول بأنه أكثر تقدما من مواقف بعض الدول العربية. إن الفهم والتقدير هو ما أدعو إليه، لاننا لا نستطيع ان نقبل بالحد الأدنى من بعض الدول العربية ثم نطالب تركيا بالحد الأقصى تقلاً عن جريدة الشروق .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين اعتذرت إسرائيل لتركيا حين اعتذرت إسرائيل لتركيا



GMT 15:22 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 15:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 15:17 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon