توقيت القاهرة المحلي 17:35:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مهنة في خطر

  مصر اليوم -

مهنة في خطر

مصر اليوم

  يشكو لى بعض الشباب الصحفيين والصحفيات من الضغوط التى تمارس عليهم من جانب رؤسائهم فى الصحف الخاصة التى يعملون بها، حين يطالبونهم بالانحياز إلى طرف دون آخر فى تغطيتهم الإخبارية للأحداث التى تشهدها مصر. وهى ضغوط بدأت بالتلميح والإيحاء فى مرحلة، ثم أصبحت تمارس صراحة وعلنا فى الأشهر الأخيرة. فى الأسبوع الماضى وحده زارنى سبعة من المحررين والمحررات، لا لكى يبثوا شكواهم فقط. ويسألونى رأيى فيما عليهم أن يفعلوه، ولكن أيضا لكى يعبروا عن حيرتهم ويبحثوا عن حل لمشكلة اتهامهم بأنهم من الإخوان لمجرد أنهم يحاولون أداء عملهم المهنى بصورة متوازنة وغير منحازة. وقد أكدوا إلى وأقسم أحدهم بالثلاثة على أنه لا علاقة له بالإخوان ولم يلتق أحدا منهم فى حياته. سجلت خلاصة التوجهات التى تحدثوا عنها، ووجدت أنها تطالبهم بما يلى: التركيز على أن الإخوان معتدون وأن الآخرين ضحايا ــ تصوير اللافتات التى تندد بالرئيس مرسى وتتحدث عن حكم المرشد ــ التأكيد على عدم شرعية الرئيس وبطلان تعيين النائب العام ــ الإشارة المستمرة إلى بطلان الجمعية التأسيسية والتركيز على أن الدستور وضعه فصيل واحد ــ المبالغة فى نطاق مظاهرات الأقاليم وفى تقدير أعداد المشاركين فيها ــ التركيز على استحواذ الإخوان على السلطة وتغلغلهم فى مفاصل الدولة ــ اضطهاد الإخوان للأقباط وعداؤهم للمرأة ــ الإلحاح على وجود أزمة بين الرئاسة والجيش والمطالبة بنزول الجيش إلى الشوارع وتوليه للسلطة ــ وجود أزمة بين الإخوان والسلفيين ــ اتهام حماس بالتآمر على مصر والإعداد لتخريب المنشآت العامة فيها ــ الإلحاح على أن الأنفاق تمثل خطرا على مصر ومصدرا لتهريب السلاح إليها ــ الإصرار على أن حماس هى المسئولة عن قتل الـ16 ضابطا وجنديا مصريا فى رفح ــ تلميع قيادات جبهة الإنقاذ ومقاطعة قيادات الإخوان ــ إلى غير ذلك من الإشارات التى تصب فى مجرى تسييس الأخبار وتلوينها بحيث تعبئ القارئ لصالح اتجاه وتحرضه ضد اتجاه آخر. حدثونى عن مناقشات أجروها مع بعض المسئولين عن الصحف حول أهمية التوازن فى عرض الرؤى والحياد فى تقديم الأخبار، ونقلوا لى قول أحد رؤساء التحرير إن الحياد ليس ممكنا فى المواجهة الراهنة،  وادعاؤه بأن ذلك موقف مثالى أكثر من اللازم يمكن احتماله فى بلد آخر وفى ظروف أخرى. وقد استغربت ما سمعت واعتبرته تقويضا لبديهيات نزاهة المهنة التى تؤكد على أهمية الحياد فى صياغة الأخبار وتقبل بالاجتهاد والاختلاف حين يتعلق الأمر بالرأى. حدثونى أيضا عن أجيال المتدربين الذين يلتحقون بالصحف على أمل التعيين فيها، وكيف أنهم الأسرع فى الاستجابة للتعليمات لإرضاء المسئولين وإقناعهم بجدارتهم بالتعيين. الأمر الذى يعنى تشويه وتدمير تلك الأجيال وهى فى المراحل الأولى للعمل. أوقعنى الكلام الذى سمعت فى مأزق، لأننى أعرف ما يجب عمله فى هذه الحالة، على الأقل فيما خص ضرورة الانحياز إلى مبادئ المهنة وقيمها التى تحترم الخبر وترفض تسييسه والعبث فيه. إلا أننى أعرف أيضا أن ذلك له ثمنه الذى قد يكون باهظا. لذلك ظل السؤال الذى ظل يحيرنى هو ما إذا كان هؤلاء الشبان والفتيات الحالمون بصحافة نظيفة مستعدين لتحمل الثمن أم لا. إذا ما استمروا فى التمرد على تعليمات رؤسائهم. وقد صارحتهم بحيرتى وبموقفى الذى التزمت به وبخبرتى فى الأثمان التى يتعين على المرء أن يدفعها إذا أصر على أن يتمسك بقيم المهنة فضلا عن استقلال الرأى. أشفقت عليهم من ضراوة الاستقطاب وتحول الصحف إلى منشورات سياسية تتبنى موقفا واحدا وتقول كلاما واحدا كل يوم. وكانت فى ذهنى طول الوقت التجربة الأخيرة لزميلنا الأستاذ أسامة غريب الكاتب المتميز الذى منع عموده اليومى فى إحدى الصحف «الليبرالية» لأنه لم يكن منحازا مائة فى المائة مع خط الجريدة التحريضى التى يعمل بها، فتوقف عن الكتابة ثم انتقل إلى منبر آخر احتمله مرة واحدة فى الأسبوع. إننا لسنا بصدد محنة يعانى منها الجيل الجديد من الصحفيين فحسب، ولكننا بصدد خطر يهدد المهنة فى وطن تتناوشه المخاطر من كل صوب ويتراجع حلم ثورته يوما بعد يوم.  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مهنة في خطر مهنة في خطر



GMT 15:22 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 15:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 15:17 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon