توقيت القاهرة المحلي 18:32:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انتصار الأمعاء الخاوية!

  مصر اليوم -

انتصار الأمعاء الخاوية

مصر اليوم

  انتصر الأسير سامر العيساوى على سجانيه الإسرائيليين، حين أجبرهم على تحديد موعد إطلاق سراحه. وبذلك أنهى أطول إضراب فى التاريخ. إذ ظل ممتنعا عن الطعام طوال تسعة أشهر، احتجاجا على إعادة اعتقاله بغير وجه حق. أمس نشر القرار الإسرائيلى بعدما قرر سامر أن يمتنع حتى عن شرب الماء أيضا لكى لا يرى سجانيه، وتحول إلى هيكل عظمى قعيد، لا يملك سوى إرادة جبارة ظل يتحدى بها الاحتلال بكل سلطاته وهيلمانه. وكانت التقارير الطبية قد ذكرت أن صحته دخلت طور الخطر الشديد. كان العيساوى (33 سنة) قد اعتقل أول مرة فى سنة 2002 لمجرد أنه عضو فى الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين. وبسبب نشاطه السياسى حكم عليه بالسجن لمدة ثلاثين عاما. أمضى منها عشر سنوات فى السجن ثم أطلق سراحه ضمن صفقة استعادة الجندى الإسرائيلى الأسير جلعاد شاليط. ولكن السلطات الإسرائيلية ظلت تتربص به طوال الوقت، إذ ظل يتم إيقافه كل شهر عدة مرات فى القدس، ويحتجز فى مراكز الشرطة لساعات طويلة قد تصل إلى عشر، ثم يسمح له بالعودة إلى بيته بعد ذلك. لم يتخل سامر عن كبريائه وعناده. ولا غرابة فى ذلك. فهو ابن أسرة فلسطينية دفعت ثمن بقائها تحت الاحتلال. فجدَّه كان من الرعيل الأول الذى انضم إلى منظمة التحرير، وجدته استشهدت فى الانتفاضة الأولى. وأبوه وأمه جربا الاعتقال. وله شقيق قتل فى مذبحة الحرم الإبراهيمى، وشقيق آخر حكم عليه بالسجن 19 عاما، أما شقيقته المحامية فإنها أمضت عاما تحت الاعتقال. لم يبال سامر بالملاحقات الأمنية التى ظل يتعرض لها بعد إطلاق سراحه إذ كان يعتبر أنه أخرج من السجن الصغير ليدفع ثمن بقائه فى السجن الكبير. بعد عام من إطلاق سراحه تم اعتقاله وهو فى طريق عودته من رام الله، وكانت تهمته أنه خرق بنود إطلاق سراحه التى تمنعه من دخول الضفة الغربية. كان ذلك فى السابع من شهر يوليو عام 2012. قدموه إلى محاكمة عسكرية قضت بأن يستكمل عقوبته الأصلية التى كانت 30 عاما. بمعنى أن يقضى العشرين سنة الأخرى فى السجن، وبنت المحكمة قرارها بناء على شبهات ومعلومات سرية لم يتح له أو لمحاميه  الاطلاع عليها. فى أول أغسطس، بعد المحاكمة مباشرة أعلن إضرابه عن الطعام احتجاجا على إعادة اعتقاله وإعادة محاكمته استنادا إلى معلومات سرية. فشلت محاولات إثنائه عن الإضراب، ورفض بعناد شديد كل المساومات التى عرضت عليه. وظل مصرا على أن يتحدى سجانيه وحكام إسرائيل بمعدته الخاوية، وهى السلاح الوحيد الذى بقى له، بعدما تخلت عنه السلطة الفلسطينية، التى كان غاية ما فعلته أنها نصحته بالإقلاع عن الإضراب عن الطعام. إذ كان ذلك هو الرد الذى سمعته أمه حين ذهبت إلى مكتب أبومازن وطلبت منه أن يتدخل لإنقاذ ابنها البرئ. وكان رد الرجل ـ كما ذكرت الأم ـ أنه نصحها بدعوة سامر لفض الإضراب حتى يسمح لأبومازن بتسوية الموقف! رفض العيساوى اقتراحا إسرائيليا بتخفيض مدة العقوبة من 20 إلى 16 عاما. ورفض أيضا عرضا أن يخفف السجن إلى 5 سنوات. وحين فشلت مثل هذه العروض فإنهم عرضوا عليه إبعاده إلى قطاع غزة لمدة عشر سنوات ثم إلى إحدى الدول الأوروبية بعد ذلك. لكنه رفض ذلك العرض أيضا وأصر على أن يعود إلى قريته العيساوية فى شمال شرقى القدس. إزاء ذلك العناد الأسطورى لم تملك الحكومة الإسرائيلية سوى أن تقرر إطلاق سراحه بعد ثمانية أشهر، مشترطة أن يبقى فى القدس الشرقية ولا يغادرها، وألا يدخل إلى الضفة الغربية وأن يمتنع عن الاتصال بعناصر المقاومة الفلسطينية. وهى الصفقة التى قبل بها سامر. واعتبرتها الحكومة الإسرائيلية صيغة تسمح لها بتجنب الآثار المحلية الدولية التى يمكن أن تترتب على وفاته التى باتت محتملة فى ظل استمرار إضرابه عن الطعام والشراب، علما بأن قضيته وصلت إلى الساحة الدولية حتى طالب الاتحاد الأوروبى إسرائيل بإطلاق سراحه. لايزال فى السجون الإسرائيلية نحو 5 آلاف فلسطينى آخر بعضهم أمضى أكثر من عشرين عاما تحت الاعتقال التعسفى، وبعضهم يعانى من أمراض مزمنة وخطيرة، وقد مات أحدهم أخيرا (ميسرة أبوحمدية) الأمر الذى فجر احتجاجات محلية ودولية واسعة ضد إسرائيل. واضطرت إسرائيل لإطلاق سراح آخر (محمد التاج) بسبب تدهور حالته الصحية وخشية تعرضه للموت وهو وراء القضبان. وجميعهم يشكلون ملفا مسكوتا عليه لم يعد لأصحابه من سلاح للدفاع عنه سوى أمعائهم الخاوية.  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتصار الأمعاء الخاوية انتصار الأمعاء الخاوية



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon