توقيت القاهرة المحلي 18:32:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السياسة وليس القضاء

  مصر اليوم -

السياسة وليس القضاء

فهمى هويدي

فى عالم السياسة لا يكفى ان تكون صاحب قضية عادلة، لأنك لكى تكسبها ينبغى أن تختار الوقت المناسب لإثارتها، والأسلوب المناسب لعرضها، أقول ذلك بمناسبة الضجة المثارة فى مصر هذه الأيام بسبب مناقشة مشروع قانون السلطة القضائية أمام مجلس الشورى. وهو ما اعتبره البعض مذبحة للقضاة تارة وأخونة للقضاء تارة أخرى وهدما لصرح العدالة فى مصر عند فريق ثالث. كنا خارجين لتونا من أزمة بلدة الخصوص والتوتر الطائفى الذى عاشته مصر عقبها، وكانت تلك مجرد حلقة فى مسلسل الأزمات التى عبرت عنها ممارسات جماعات «الألتراس» والمليونيات التى كادت تتحول إلى طقس أسبوعى. وبموازاة ذلك عشنا مشاهد أزمة النائب العام وتبرئة مبارك من بعض القضايا المرفوعة ضده. وفى حين انشغل البعض بإعادة مبارك إلى سجن طرة بعد ظهوره متعافيا ومبتسما وملوحا لأنصاره، فإن آخرين انشغلوا بالأزمة التى حدثت بين السلفيين والإخوان والجفوة التى نشأت بين الطرفين. فى هذه الأجواء عرض مشروع قانون السلطة القضائية على مجلس الشورى، وأحدث ما أحدثه من فرقعة وضجيج، حتى تحول إلى عنوان رئيسى للصحف اليومية، الأمر الذى أثار غضب رجال القضاء والنيابة فتجمعوا وأدانوا وهددوا. من ثم دخلنا فى معركة جديدة جعلت المشهد المصرى أكثر سخونة وتعقيدا. اشتباك بعض الزعامات القضائية مع النظام لم يكن جديدا. ذلك أنه لم يعد سرا ان العلاقة بين الطرفين ليست على ما يرام على الأقل منذ أعلن رئيس نادى القضاة فى ٧ يونيو الماضى صراحة مخاصمته للنظام القائم ورفضه التعامل معه وقبول أى شىء منه، كما لم يعد سرا ان بعض أحكام القضاء جرى تسييسها تأثرا بتلك الجفوة أو الخصومة. إلى جانب ذلك فإن مطلب إصلاح القضاء من خلال إصدار قانون جديد للسلطة القضائية يزيل آثار عدوان السلطة وتطويعها لذلك المرفق المهم كان مطلبا ملحا للقضاة أنفسهم منذ ستينيات القرن الماضى، لوقف عمليات الالحاق والإفساد التى مارستها الأنظمة منذ ذلك الوقت. ورغم أن مطلب إصدار قانون جديد للسلطة القضائية له مبرراته المقنعة، فإننى اعتبرت أن طرح الموضوع أمام مجلس الشورى فى الوقت الراهن لم يكن مناسبا، على الأقل لأن من شأنه ان يعمق الأزمة بين السلطة والقضاء، فضلا عن أنه يضيف حريقا جديدا إلى حملة الحرائق المشتعلة فعلا فى الساحة السياسية، فى حين ان التهدئة هى المطلوبة لإعادة الأوضاع إلى طبيعتها قدر الإمكان فى مصر، ثم اننى اعتبرت ان ملف القضاء مهم حقا، لكنه لا يشكل أولوية ملحة فى الوقت الراهن لأن ملفى الأمن والاقتصاد يتقدمان عليه. لذلك قلت إن إشغالنا بملف القضاء سبب لنا تعثرا نحن فى غنى عنه، ثم انه جاء دليلا على أن ثمة خللا فى ترتيب أولويات الهم العام كان يتعين علينا أن نتجنبه. حين تحريت الأمر تبين ما يلى: • أن الحكومة لم تكن طرفا فى الموضوع، خصوصا أنها اختارت من البداية أن نترك الأمور السياسية للرئاسة.  • أن الرئاسة كانت مترددة بشأنه، كما أن حزب الحرية والعدالة اختار أن يقف بعيدا عنه، فى حين أن حزب الوسط هو الذى أثار الموضوع أمام مجلس الشورى ووضع الجميع أمام الأمر الواقع. • اتصلت هاتفيا بالمهندس أبوالعلا ماضى رئيس حزب الوسط فأيد المعلومتين، وقال إن فكرة المشروع ليست جديدة، لأن الحزب كان قد قدمها إلى مجلس الشعب (أو النواب) قبل حله بحكم الدستورية العليا، ولكن التطورات شهدتها مصر أخيرا اقتضت تطويره وتقديمه مختصرا إلى مجلس الشورى. وقد أسىء تصويره وتعمد البعض تشويهه. فليس صحيحا مثلا انه يعرض القضاة لمذبحة لأن المذبحة تعتمد على الانتقاء فى حين أن المشروع يؤسس لقواعد عامة تصحح أوضاعا وتسرى على الجميع. ومسألة خفض التقاعد التى اتخذها البعض ذريعة لتحريض القضاة وتعبئتهم ضد المشروع ليست أهم ما فيه وإنما هى آخر نقطة فيه، وهى بمثابة اجتهاد أيده البعض ورفضه البعض الآخر. • قال المهندس أبوالعلا ماضى أيضا إن المسألة فى جوهرها أكبر من حكاية السن، ذلك أن الأطراف التى تقود تحريض القضاة لها موقفها المبدئى الرافض للنظام ومؤسساته المنتخبة، فضلا عن أن لها حساباتها الخاصة التى لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية العليا. خلاصة ما خرجت به من محاولة تحرى الموضوع أن القضية باتت جزءا من الصراع السياسى الدائر فى مصر وأن المشكلة فى الاستقطاب الراهن وليست فى سن القضاة أو غيره، وأن المجنى عليه فى القضية هو الثورة والوطن. نقلاً عن جريدة الشروق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السياسة وليس القضاء السياسة وليس القضاء



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon