توقيت القاهرة المحلي 18:32:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تاريخ الثورة الجديد

  مصر اليوم -

تاريخ الثورة الجديد

فهمى هويدي

الآن تعاد كتابة تاريخ الثورة المصرية من جديد. فأحدث طبعة من ذلك التاريخ تقول إن مبارك كان بريئا ومظلوما. وأنه لم يكن متجها لتوريث السلطة لابنه، ثم إنه كان متفهما ومتعاطفا مع الشباب الذين خرجوا إلى ميدان التحرير، أما العادلى ومعاونوه فهم أبرياء من دماء الثوار الذين قتلوا فى الميدان، لأن الإخوان هم الذين اعتلوا الأبنية وميليشياتهم هى التى قتلت الثوار، وهى التى دبرت ما سمى بموقعة الجمل. أما المعلومة الأهم التى طالعناها أخيرا فى الطبعة الجديدة فهى أن الذين خرجوا إلى ميدان التحرير وأسقطوا النظام لم يكونوا كلهم من الثوار المصريين، ولكن رجال حماس كانوا هناك أيضا، بل إن لهم الفضل فيما تحقق. والدليل على ذلك أنهم تمترسوا وراء المتحف المطل على الميدان وجهزوا «مقلاعا» كان له دوره فى حسم الموقف. هذا الكلام ليس هزلا ولا هو افتراء من جانبى، لكن بعضه ورد فى حوار منشور أجرى مع محامى الرئيس السابق والبعض الآخر تضمنته نصوص لمكالمات هاتفية نشرتها صحيفة المصرى اليوم، وادعت أنها تمت بين قيادات الإخوان وبين عناصر من حركة حماس. لا يهمنا الجزء الأول الذى يخص مبارك وأعوانه، لأن الشعب الذى عزل الرجل وأسقط نظامه كان قد أدانه وقلب صفحته، وبالتالى فإن أى محاولة لتبرئته وتبييض صفحته تعد من قبيل الهزل الذى لا ينبغى أن يؤخذ على محمل الجد، أما الذى يستحق أن نرده فهو ذلك العبث الذى استهدف تشويه الثورة وبخسها حقها، بما يعطى انطباعا بأنها مجرد مؤامرة دبرتها حركة حماس مع الإخوان. وهو ما يعد إهانة للثورة وإهدارا لدماء الشهداء واستخفافا بآلاف المصابين والمعاقين، الذين قدموا ما قدموا من تضحيات دفاعا عن كرامتهم وحريتهم. أدرى أن هناك من يرفضون الإخوان ويكرهون حماس، والرفض حق لكل أحد، ولكن كراهية حماس التى غرسها ورعاها نظام مبارك لاتزال غير مبررة أو مفهومة. ذلك أنه ما من كارثة أو مصيبة باتت تحل بمصر إلا ويحاول البعض الزج بحماس فيها. وحين لا تكون هناك نازلة من هذا القبيل أو ذاك فإننا لا نعدم أخبارا تسرب إلى الصحف متحدثة عن أعمال تخريبية تنتوى حماس القيام بها فى البلد، بواسطة مندسين يتسللون عبر الحدود والأنفاق. ورغم غزارة التقارير والأخبار التى تحدثت عن شرور حماس ومؤامراتها فإننا لم نصادف إعلانا رسميا أو تحقيقا قضائيا جادا أيد التهم والمزاعم التى يجرى الترويج لها بين الحين والآخر. لقد اعتدنا على الكذب والتلفيق فى التعامل مع ذلك الملف، لذلك ما عادت تزعجنا أمثال تلك الممارسات من حيث المبدأ، لكن ما يثير القلق حقا هو تدهور مستوى الكذب والتلفيق. أفرق هنا بين الكذب المتقن الذى ينم عن حرفية واتقان، والكذب المفضوح الذى يكشف مدى خيبة صاحبه وتدهور مستواه. والمكالمات السرية التى جرى إبرازها والتهليل بها أخيرا من ذلك الصنف الأخير الذى يؤدى إلى فضح الفاعلين، بأكثر مما يسىء إلى الذين أريدت الإساءة إليهم. إذ لم تكن موفقة فكرة الزج بحماس فى ميدان التحرير ومن ثم تجريح صور الثوار المجتمعين فيه. ولم تكن مفهومة مسألة الاستعانة «بالجيران» فى غزة، خصوصا أن الذين تحدثت عنهم المكالمات المزعومة أحضروا معهم من غزة «مقلاعا» لأداء مهمتهم. والمقلاع لمن لا يعرف أقرب وأكبر مما نسميه فى مصر «النِّبلة» التى يتم بها اصطياد العصافير. وكان مستغربا أن تنسب إحدى المكالمات لقيادى إخوانى قوله لنظيره الحمساوى إن الفضل لهم فى إنجاح الثورة، كما أنه ليس مألوفا أن يختم القيادى الإخوانى اتصاله مع نظيره الفلسطينى بقوله سلام، فيرد عليه الآخر بنفس الكلمة: «سلام». وهو ما لا ينطق به «سلفيو كوستا»!. يطول الحديث إذا ما رصدنا مظاهر التدنى فى مستوى التلفيق، الذى لا يليق بكذوب محترم وما لا ينبغى له أن يغيب عن المسئولين فى أى جريدة محترمة، لكن التلهف على الوقيعة والإصرار على إعادة كتابة تاريخ الثورة بأى كلام كانا فيما يبدو وراء التسرع فى نشر المكالمات المزعومة دون أية قراءة متمعنة فيها.  فى 17 سبتمبر عام 2010 لعبت جريدة الأهرام فى صورة منشورة على الصفحة الأولى. حين أعادت تركيبها ووضعت مبارك متقدما على أوباما والملك حسين ومحمود عباس ونتنياهو، أثناء توجههم للاجتماع فى شرم الشيخ. وكانت الفضيحة التى ترددت أصداؤها فى صحافة العالم. وما حدث مع المكالمات الملفقة يكرر نفس الفضيحة، الأمر الذى لا تفسير له سوى أن مدرسة مبارك الصحفية لاتزال ثابتة «العهد»، فلم تغير شيئا من مناهجها أو مقاصدها. نقلاً عن جريدة الشروق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تاريخ الثورة الجديد تاريخ الثورة الجديد



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon