توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى زمن اللايقين

  مصر اليوم -

فى زمن اللايقين

مصر اليوم

  فى مصر الآن ما عاد المرء يسأل عن الأمور التى جرى التشكيك والطعن فيها، لأن السؤال الصحيح والأكثر دقة ينبغى أن يستفسر عما لم يجر التشكيك والطعن فيه. حتى أزعم ان الأجواء الراهنة غاب عنها اليقين. تماما كما غاب الاجماع الوطنى حول اية قضية. وإذ أفهم ان يحدث الاستقطاب فى البلد حيث يقسمها إلى معسكرين أو فسطاطين كما يقال. حيث يعد ذلك من قبيل الاختلاف فى الرؤى والاجتهادات. الا ان الخلاف حين يكون حول المعلومات وما يفترض انه حقائق. فذلك يضعنا أمام حالة عبثية، لا تسمح حتى بالتحليل والمناقشة. ثمة اختلاف طال الثورة ذاتها، حتى جرى التشكيك فى مراحلها والقوى التى شاركت فيها. ومن بين مثقفينا البارزين من صورها أقرب إلى المؤامرة الأمريكية. وهناك اختلاف حول دور حركة حماس فى أحداثها، من فتح السجون إلى عمليات قتل المتظاهرين من فوق بعض الأبنية، كما ان الجدل مستمر حول موقعة الجمل، وهل كانت استعراضا أم تدبيرا لإجهاض الثورة. وقد امتد الخلاف إلى ملابسات إقالة المجلس العسكرى ودور بعض التيارات العسكرية والرسائل الأمريكية التى حسمته، بل طال الاختلاف الانتخابات الرئاسية التى يروج البعض للادعاء بتزويرها سواء برضاء المجلس العسكرى أو من وراء ظهره. وتعددت الآراء فى علاقة الجيش بالإخوان، وشكك البعض فى ان ثمة محاولة لأخونة الجيش والشرطة. وكما طعن فى مجلس الشعب أو النواب الذى تم حله، فثمة طعون أخرى طالبت بحل مجلس الشورى وإلغاء الجمعية التأسيسية ومن ثم إبطال الدستور الذى انجزته. إضافة إلى ذلك، فما من قانون صدر إلا وجرى الطعن فيه. وحتى الآن فنحن لم نعرف من المسئول عن قتل الـ16 جنديا مصريا فى رفح خلال شهر رمضان الماضى. كما لم نعرف مصير الضباط الذين قيل إنهم خطفوا فى سيناء. كما اننا لم نعرف ما إذا كانت الانفاق مع غزة تهدد أمن مصر وتسرب المخربين إليها، أم أنها توفر احتياجات المحاصرين فى القطاع وتلبى متطلباتهم. ولم نعرف ما إذا كانت الصكوك تخدم الاقتصاد المصرى أم تخربه، ونفس الشىء بالنسبة لإقليم قناة السويس. وحتى القمح الذى بشرونا يوما ما بأنه حقق انجازا كبيرا بزيادة إنتاجية هذا العام بنسبة 25٪، وجدنا من بين السياسيين والإعلاميين من يكذب المعلومة ويطعن فيها ويعتبرها من قبيل الدعاية الخادعة. إلى جانب ذلك، فإن الخلاف السياسى اتخذ منحى مثيرا للدهشة، ذلك انه لم يعد يحتمل الحياد ولا الانصاف. بحيث ما عدا ممكنا ان يقف المرء فى الوسط رافضا الانحياز إلى هذا الطرف أو ذاك. وبذات القدر فما عاد مقبولا ان نشجع ما هو ايجابى ونرفض ما هو سلبى. وإنما بات المطلوب ليس فقط ان تصطف فى هذا الجانب أو ذاك، وانما أيضا ان يقترن الاصطفاف بتجريح الطرف الآخر وتوجيه الاتهامات والسباب إليه. من ثم فإن مصطلحات مثل الموضوعية والاعتدال باتت تحتاج إلى تعريف جديد. فأنت تعد إخوانيا أو متأخونا مثلا إذا لم تكتف برفض كل ما يصدر عن الرئيس محمد مرسى، وانما عليك أيضا ان توجه إليه السباب والشتائم بمناسبة وبغير مناسبة. وحين قرأت كلاما لأحد المثقفين المحترمين اعتبر فيه ان تلويح المتظاهرين بالملابس الداخلية والقائهم البرسيم أمام بيت الرئيس مرسى من «إبداعات» الثورة، قلت ان مصطلح الإبداع بدوره بات يحتاج إلى إعادة تعريف. ثمة رأى يرى أن هناك من لا يريد لأوضاع مصر ان تستقر، بحيث تشيع البلبلة بين الناس بما يقودهم إلى اليأس والتطلع إلى بديل آخر للنظام. وهو ما عبر عنه الدكتور عماد شاهين أستاذ العلوم السياسية فى مقالة نشرتها جريدة الأهرام فى 9/5 تحت عنوان «المعارضة الانقلابية المناكفة».. وقد أورد فيها سبع قرائن دلل بها على ان المعارضة المصرية لا هى منصفة ولا مسئولة ولكن هدفها الحقيقى هو الانقلاب على النظام وإسقاطه. ولذلك فهى تشكك فى شرعيته ومن ثم ترفض كل ما يصدر عنه. وهو رأى له وجاهته إلا اننى أزعم أن المشكلة الحقيقية تكمن فى انعدام الثقة بين القوى السياسية المختلفة، بحيث ان كل طرف بات يشكك فى الآخر ولا يظن به خيرا. ولذلك فإن كل ما يصدر عنه يستقبل على محمل سىء وشرير. ولا أظن ان ذلك راجع إلى الخلافات الفكرية والعقائدية، لأن خبراتنا دلت على ان أمثال تلك الخلافات لم تحل دون تعاون المختلفين فى العديد من الملفات والمواقف وثيقة الصلة بالعمل الأهلى. انما أزعم ان غياب الثقافة الديمقراطية يشكل عاملا رئيسيا فى ذلك المشهد المحزن. ذك ان تلك القوى المتناحرة الآن، والتى يصر كل منها على إقصاء الآخر، لم يتح لها خلال نصف القرن المنقضى على الأقل ان تعمل معا فى المجال السياسى، فجهل كل منهم الآخر وأساء الظن به بحيث لم ير إلا أسوأ ما فيه. فى ذات الوقت فإن ممارسات الرئيس محمد مرسى خلال الأشهر العشرة الماضية لم تنجح فى احتواء الآخرين فيما هو ظاهر على الأقل. مما اضطر أغلبهم إلى الانقضاض من حوله، الأمر الذى كرس الانقسام والاستقطاب ــ والله أعلم.  

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى زمن اللايقين فى زمن اللايقين



GMT 15:22 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 15:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 15:17 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon