توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رسالة على العنوان الغلط

  مصر اليوم -

رسالة على العنوان الغلط

فهمي هويدي

ليس مفهوما لماذا يغلق معبر رفح لمدة ستة أيام (حتى الآن)، رغم الإعلان الرسمى على لسان المتحدث العسكرى المصرى بأن قطاع غزة ليس طرفا فى أزمة اختطاف الجنود السبعة، وان المشكلة سيناوية بالكامل. ما فهمته ان جنود الأمن المركزى غضبوا لاختطاف زملائهم وتظاهروا احتجاجا على ما حدث لهم، وقد يكونون محقين فى ذلك، لكننى لم أجد تفسيرا لاعتصامهم أمام بوابة معبر رفح بعد إغلاقه بالسلاسل الحديدية. وأغلب الظن أنهم سارعوا إلى ذلك بعد انتشار خبر اختطاف زملائهم، فتحركوا تلقائيا صوب المعبر وأغلقوه، تأثرا بالتعبئة التقليدية التى دأبت على تحميل حماس وفلسطينيى غزة المسئولية عن أى حادث يقع فى سيناء، وأحيانا فى مصر كلها. ولكن بعدما قطع الشك باليقين فإن استمرار الاعتصام وإغلاق المعبر يفقد معناه ومغزاه، حيث لن يقدم أو يؤخر فى موضوع الجنود المختطفين. فلا هو يمكن ان يشكل ضغطا على الحكومة أو الخاطفين، وإنما سيتحول إلى تصرف انفعالى عبثى، لن يتجاوز أثره حدود الفرقعة الإعلامية التى يتردد صداها فى الفضاء دون ان تحقق شيئا يذكر  على الأرض، كأنما الهدف النهائى المتمثل فى إطلاق سراح المخطوفين لم يعد مهما، أو على الأقل فإن الوسيلة المتبعة انفصلت عن الهدف المنشود. الشىء الوحيد المحقق أن إغلاق المعبر من شأنه أن ينزل عقوبة جسيمة بالفلسطينيين الذين كتب عليهم أن يعيشوا فى ظل الشقاء والعذاب الذى يتلقونه من الأعداء تارة ومن الأشقاء تارة أخرى. كل ذلك لأنهم تمسكوا بأرضهم ولم يهاجروا إلى أصقاع الأرض كما فعل غيرهم. ليس معروفا أعداد الفلسطينيين من أصحاب الحاجات والمرضى الذين حال إغلاق المعبر دون خروجهم من القطاع، خصوصا الذين ارتبطوا بالتزامات تتعلق بالعمل أو الدراسة أو مواعيد الأطباء. لكن المعلوم أن أكثر من ثلاثة آلاف فلسطينى ينتظرون الفرج على الجانب المصرى، ويفتحون أعينهم كل صباح أمام المعبر آملين فى أن يرفع عنهم العذاب وتخف وطأة اللعنة التى تلاحقهم، ويسمح لهم بالعبور والعودة إلى أهلهم ومصالحهم. لو أن إبقاءهم وتكديسهم أمام المعبر طوال الأيام الستة الماضية أسهم بأى قدر فى حل مشكلة المخطوفين لهان الأمر، ولطالبناهم بالصبر حتى تنجلى الغمة، ولكن الوضع الراهن لا يوفر أملا من ذلك القبيل. ليس ذلك وحده الغريب فى الأمر، لأنه لابد أن يلفت نظرنا أن الجنود المعتصمين تركوا وشأنهم، ولم يحاول أحد فى الدولة المصرية ان يثنيهم عن عزمهم ويقنعهم بأن إغلاق المعبر لا يحل شيئا فى مشكلة المخطوفين، وأنه يعاقب ألوف الأبرياء على ذنب لم يقترفوه ولا علاقة لهم به. وإذا تذكرنا أن  هؤلاء جنودا ينتمون إلى هيئة نظامية، ولهم قيادات يأتمرون بأمرها. فإن ذلك يضاعف من غرابة المشهد. لأنه يثير أسئلة عديدة حول أسباب سكوتهم بدورهم على إغلاق المعبر دونما حاجة إلى ذلك. قال لى أحد المعنيين بالموضوع إنه خاطب مسئولا أمنيا كبيرا حول المسألة فكان رده أن جنود الأمن المركزى أغلقوا باب المعبر بالجنازير، وكان ذلك ردا مضحكا لا تفسير له سوى ان بين المسئولين الأمنيين من لايزال يفكر بعقلية وسياسة النظام السابق الذى لم يحمل ودا للفلسطينيين وظل يعتبر قطاع غزة خطرا يهدد الأمن المصرى. السؤال الذى يطرحه ذلك المشهد العبثى هو: أين السياسة فى الموضوع؟ أقول ذلك رغم ان الموضوع من البساطة بحيث لا يحتاج إلى ذكاء سياسى أو غير سياسى، لأنه ليس هناك منطق أو عقل سوى يقبل بمعاقبة شعب بكامله على جريمة لا علاقة له بها، وكل الوزر الذى ارتكبه ويحاسب عليه ان الأقدار شاءت له أن يعيش إلى جانب مصر، وعلى حدود مشتركة معها، حتى أصبحت الجغرافيا عبئا عليهم ولعنة تلاحقهم. إننا لا نستطيع أن نلوم جنود الأمن المركزى الذين نتفهم أسباب انفعالهم، لكننا لا نستطيع أن نجد تبريرا لسكوت المسئولين عن الملف الفلسطينى على تعذيب آلاف الفلسطينيين الأبرياء وإذلالهم أمام أبواب المعبر طوال الأيام الستة الماضية على الأقل. وكانت النتيجة أن الجنود أرادوا أن يحتجوا على جريمة بارتكاب جريمة أخرى. نقلاً عن جريدة " الشروق " .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة على العنوان الغلط رسالة على العنوان الغلط



GMT 15:22 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 15:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 15:17 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon