توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر العربية تحييكم

  مصر اليوم -

مصر العربية تحييكم

فهمي هويدي

يعود المؤتمر القومى العربى للانعقاد فى القاهرة اليوم، بعد غيبة استمرت خمسة عشر عاما، ظل خلالها ممنوعا من الدخول ومدرجا ضمن القوائم السوداء الموزعة على مطارات مصر، باعتباره كيانا غير مرغوب فيه ولم يكن ذلك إجراء موجها ضد فكرة المؤتمر بقدر ما كان تعبيرا عن النفور من مشروعه واستحقاقاته. ذلك أن النظام السابق إذا كان قد صنف باعتباره كنزا استراتيجيا لإسرائيل، فقد بدا طبيعيا أن يباعد ذلك تلقائيا بينه وبين الدعوة إلى الاعتزاز بالانتماء إلى الأمة العربية والتعلق بحلمها فى الاستقلال والتقدم. ثم إن ذلك التباعد كان من تداعيات وتجليات مرحلة ما بعد الصلح مع إسرائيل التى أخرجت مصر من الصف العربى ورشحتها للانضمام إلى معسكر «الاعتدال» الأمريكى الإسرائيلى. ومن ثم رفعت منسوب المشاعر القطرية التى غدت مدخلا سوغ الارتماء فى أحضان ذلك المعسكر المشبوه. وهو ما استصحب انقلابا على ثقافة وقيم المرحلة التى قادت فيها مصر حركة التحرر الوطنى وتصدت للهيمنة الغربية وراهنت على وحدة الأمة العربية. أول وآخر مرة انعقد فيها المؤتمر العربى فى مصر كان فى سنة 1998 (المؤتمر أسسه نخبة من المثقفين العرب فى بيروت سنة 1990). ولأننى كنت من بين من حضروا جلساته آنذاك، فقد كان واضحا أنه استقبل استقبالا فاترا، وأن أعين الأجهزة الأمنية كانت تراقب وترصد أنشطته. وأذكر أن السيد راشد الغنوشى مؤسس حركة النهضة فى تونس كان من بين من شاركوا فيه، إلا أن الأجهزة الأمنية اقتحمت غرفته ذات مساء وطلبت منه أن يلملم حاجياته لأنه شخص غير مرغوب فيه، وبالفعل تم ترحيل الرجل الذى كان قد اختار بريطانيا منفى له، حين لم يحتمله نظام بن على الذى ظل يطارده حيثما ذهب. وكان إخراجه من مصر من تجليات تلك المطاردة. حين طرحت فكرة عقد الدورة الرابعة والعشرين فى مصر بعد ثورة 25 يناير لم يكن هناك شك فى أن مصر الجديدة سترحب به سياسيا، لكن المشكلة الأساسية التى شغلت منظميه كانت أن معظم الناشطين من القوميين العرب كانوا ممنوعين من دخول البلد، وأسماؤهم مخزنة فى أجهزة الكمبيوتر بالمطارات. ولذلك لم يكن مطلوبا فقط أن يرحب سياسيا بعقد المؤتمر، ولكن كان مطلوبا أيضا أن يسمح للمدرجة أسماؤهم على القوائم السوداء بالدخول، هذا إذا لم يلغ الحظر المفروض على دخولهم بعد زوال النظام الذى فرضه. وفيما فهمت فإن ذلك كله تم خلال أيام قليلة، بعدما استقبل الرئيس محمد مرسى رئيس اللجنة التحضيرية لعقد المؤتمر فى مصر، الدكتور محمد السعيد إدريس، وتم التعاون مع مختلف الأجهزة المعنية فى تيسير دخول المدعوين الذين بلغ عددهم نحو 150 شخصا قدموا من جميع الأقطار العربية. جميعهم من المثقفين العرب الذين لايزالون يتعلقون بحلم الأمة فى الوحدة المؤجل، والذين اختاروا مواصلة السباحة ضد التيار فى أزمنة هيمنة السياسات القطرية، التى اختلت فيها الأولويات والموازين وشوهت المشاعر حتى سادت ثقافة الانكفاء والاستتباع للغرب، وصارت الدعوة إلى الوحدة العربية محلا للاستهجان والغمز لدى البعض. مصر التى يلتقى فيها أعضاء المؤتمر القومى اليوم وغدا تعانى من تلك التشوهات، التى خلفتها سياسات وممارسات المرحلة السابقة، إذ من الناحية العملية لم يكن متوقعا أن يتم التخلص من مواريث 35 عاما من الانكفاء والاستتباع خلال السنتين اللتين أعقبتا الثورة. ولا يتوقع أحد أن يغير مؤتمر المثقفين العروبيين شيئا فى الأجواء المصرية ولا فى الخرائط العربية، لكن اجتماعهم فى القاهرة يظل بمثابة رسالة تذكر من نسى بأنه بعد عودة مصر للمصريين فإن الأمة تنتظر أن تعود مصر إلى العرب، وأن الصراع العبثى الذى يجرى بين الجماعة الوطنية فى مصر الآن يضر بالعودة الأولى ويؤجل الثانية، فى حين أن الرياح المعاكسة تحتشد وتتأهب للانقضاض والعصف بالعودتين. أكرر أننا لا نستطيع أن نتوقع الكثير من انعقاد المؤتمر القومى، لكننا نعتبر أن رسالة انعقاده فى القاهرة تعد بذاتها أمرا إيجابيا يتعين الحفاوة به، ولو أن نشطاءه استطاعوا أن يعالجوا الصدع الذى حدث بين القوميين والإسلاميين بعد الثورة لعد ذلك إنجازا مهما يلملم جانبا من التشرذم الحاصل. ذلك أننا إذا لم نستطع أن نقاوم انفراط الأوطان، الحاصل تحت أعيننا، فلا أقل من نتشبث بأمل وقف انفراط الصف الوطنى. نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر العربية تحييكم مصر العربية تحييكم



GMT 15:22 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 15:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 15:17 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon