فهمي هويدي
لى عدة ملاحظات على الأحداث الجارية فى تركيا، بعضها يتعلق بالشكل والبعض الآخر يتعلق بالموضوع. فيما خص الشكل استوقفنى ما يلى:
• بثت الإذاعة العبرية فى 5/6 تصريحا لموشيه فايغلين رئيس الكنيسيت، قال فيه: إننا نصلى من أجل ان تتواصل المظاهرات فى تركيا حتى يسقط أردوغان. فهو معاد للسامية وسيئ لإسرائيل، كما انه يتبنى مواقف معادية لنا، رغم الشوط الذى قطعناه فى التصالح معه والذى انتهى بتقديم اعتذار رسمى.
• رئيس لجنة الخارجية والأمن فى الكنيسيت افيغدور ليبرمان صرح للتليفزيون الإسرائيلى مساء 7/6، قائلا اننا لسنا معنيين بالتدخل فى الشأن التركى إلا أننى لا استطيع أن أخفى سعادتى بما يحدث هناك.
• فى تصريح لإذاعة الجيش الإسرائيلى مساء اليوم ذاته، قال وزير البنى التحتية سيلفان شالوم: إن إسرائيل يمهمها تحسين العلاقات مع تركيا، لكننا فى الوقت ذاته نرحب بأى تطور يخلصها من حكم العثمانيين الجدد.
فى زاويته اليومية بصحيفة الحياة اللندنية رصد الأستاذ جهاد الخازن يوم 8/6 بعض التعليقات التى نشرتها الصحف الغربية عن أحداث تركيا، كان منها ما ذكرته مجلة كومنترى الليكودية التى أكدت أن السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستانى سيفشل لأنها (المجلة) وليكود إسرائيل يتمنيان ذلك.
وقد أشارت المجلة إلى ان من الأسباب التى أثارت التظاهرات فى استنبول وبعض المدن أن حكومة حزب العدالة قررت بناء مسجد فى ميدان تقسيم (وهذا خطأ لأنها بصدد بناء دار للأوربرا) ثم انها أصدرت قانونا يبعد بيع الخمور عن المساجد بمساحة مائة متر، ولم تذكر أن القانون يقضى بذلك أيضا بالنسبة للمدارس ثم ان ذلك أمر معمول به فى العديد من الدول الأوروبية.
تحدثت المجلة أيضا بتعاطف عن مقارنة استقرار حسنى مبارك فى مصر بالتظاهرات التى خرجت ضد أردوغان فى تركيا، وعلق الكاتب على ذلك بقوله إن مبارك تجاوز الثمانين وكان مريضا يعمل نصف ساعة فقط فى اليوم. أما تركيا تحت قيادة أردوغان فإن اقتصادها زاد بنسبة 100٪ خلال عشر سنوات، ثم ان دخل الفرد ارتفع من ثلاثة آلاف دولار فى السنة إلى 11 ألفا.
أضاف الأستاذ الخازن ان أحد رموز ليكود أمريكا دانيال بايبس كتب مقالا حقيرا ــ الوصف له ــ هلل فيه لما حدث فى استنبول ونشره تحت عنوان «أخبار طيبة من تركيا». أشار أيضا إلى موقع إلكترونى ليكودى تحدث عن صيف تركى ساخن واتهم أردوغان بأسلمة تركيا، الأمر الذى جعله يواجه انفجار بركان غضب الشعب ضده، كما تحدث عن عنوان فى جريدة الديلى تلجراف البريطانية، كان كالتالى: تركيا تتهم بفاشية إسلامية فى التعامل مع بيع الخمور، وحين قرأ الكاتب الخبر وجده منسوبا إلى مالك متجر لبيع الخمور. وعلق على ذلك بقوله ان صاحب خمارة أصبح مرجعا فى الفاشستية الإسلامية المزعومة.
رغم انتقاده للتعليقات السلبية التى صدرت عن الأطراف الصهيونية ورحبت بما اعتبرته اضطرابات تهدد النظام التركى، فإن الكاتب الذى امتدح دور أردوغان انتقد فيه فرديته وعدم ترحيبه بالنقد من جانب الأصوات المعارضة، وتمنى ان ترده التظاهرات إلى أرض الواقع، لكى يرى منه شيئا من التواضع فى المستقبل.
فى عدد جريدة الحياة الذى صدر أمس (الأحد 9/6) وصف مراسلها فى استنبول الزميل يوسف الشريف المشهد فى ميدان تقسيم بقوله إن ساحة الميدان ازدحمت بالخيام التى نصبها المحتجون من مختلف الاتجاهات، (فخيمة العلويين تجاورها خيمة الأكراد من أنصار حزب العمال الكردستانى وقربهم الشيوعيون يتبعهم اليساريون.
وفى مقابلهم خيمة القوميين وآخرون، كما يزور الميدان ناشطون من جماعة الإسلاميين الثوريين الذين يعادون الإمبريالية الأمريكية والرأسمالية. فى الوقت ذاته ملأت الأفق صور مصطفى كمال أتاتورك وناظم حكمت ودنيز غيزميش وتشى جيفارا، كما غطت الصور مركز اتاتورك الثقافى الذى يمتد على أحد اضلاع الميدان والذى أعلن رجب طيب أردوغان نيته هدمه لتشييد مبنى للأوبرا).
تابعت الإعلام السورى الشامت ودفاعه الحماسى عن الحرية والديمقراطية فى تركيا. وشاهدت قناة العالم الإيرانى وهى تواصل الشماتة وتصفية حسابات طهران مع أنقرة جراء مساندتها للجيش السورى الحر، وعلمت انها ضغطت على مراسلها فى أنقرة لكى يتحدث عن ثورة الأتراك وهبوب رياح الربيع على ضفاف البوسفور، الأمر الذى رفضه واضطره للاستقالة من عمله.
وحدثنى أصدقاء عن رفض إحدى القنوات الفرنسية نقل الصورة المحايدة للحاصل فى ميدان تقسيم وترحيبها باستضافة خصوم أردوغان دون غيرهم. وحين وجدت بعض منابر وقنوات الإعلام المصرى تحاول تصفية حساباتها مع الإخوان من خلال الانضمام إلى مواكب الشامتين والمهللين حتى إذا كانوا إسرائيليين، أدركت ان اللدد فى الخصومة لا حدود له، لا أخلاقية ولا وطنية.
سنتحدث فى الموضوع يوم الأربعاء بإذن الله.
نقلاً عن "الشروق"