توقيت القاهرة المحلي 22:47:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المعضلة

  مصر اليوم -

المعضلة

فهمي هويدي

ما كتبه المستشار طارق البشرى فى تحليل أزمة مصر الراهنة قلب الطاولة على كل الجالسين حولها. إذ فى حين يتركز الحوار الدائر الآن حول سبل حل أزمة السلطة مع الإخوان، فانه خرج علينا بقراءة مختلفة لتشخيص الأزمة حين اعتبرها موجهة ضد الديمقراطية قبل ان تكون موجهة ضد الإخوان، كأنه أراد أن يقول انها أزمة وطن قبل أن تكون أزمة جماعة. قبل ان يصل إلى تلك الخلاصة فى المقال الذى نشرته «الشروق» أمس (10/7)، واصل المستشار البشرى سباحته ضد التيار حين عاد إلى تعزيز رأيه الذى وصف فيه ما أقدم عليه الجيش فى الثالث من شهر يوليو الحالى بانه انقلاب عسكرى وليس ثورة كما يدعى كثيرون. فى هذا الصدد فانه اعتبر المساواة بين ما جرى فى 25 يناير وبين تدخل الجيش فى 3 يوليو من قبيل القياس الفاسد الذى لا يعول عليه. فتدخل الجيش فى 25 يناير جاء ليحمى إجماعا شعبيا (عبرت عنه الجماهير التى خرجت معلنة رفضها لرئيس استند إلى انتخابات مزورة لينفرد. بالسلطة طيلة ثلاثين عاما ويتأهب لتوريثها لابنه) اما تدخل الجيش فى 3 يوليو فقد تم فى ظل انقسام للمجتمع، الأمر الذى يتعذر وصفه بانه انحياز للإرادة الشعبية، وانما يبدو وكأنه انحياز إلى طرف فى مواجهة طرف آخر (فضلا عن انه استهدف أول رئيس مدنى فى تاريخ مصر تولى منصبه بعد انتخابات حرة ونزيهة). ثم انه أسفر عن تجميد دستور أعدته جمعية منتخبة وتم الاستفتاء عليه وأقرته أغلبية الشعب المصرى. أى أن ما جرى كان انقلابا عسكريا ضد وضع ديمقراطى مكتمل المواصفات والأركان. الأمر الذى يعنى أن وصفه بأنه ثورة يعد من قبيل التغليط القانونى والتدليس السياسى. هوَّن المستشار البشرى بصورة نسبية من شأن الأزمة مع الإخوان، وقال انه كان يمكن ان تحل بيسر فى ظل دستور عام 2012 الذى تم تجميده، وذلك من خلال إجراء انتخابات برلمانية تمكن المعارضة التى تلقى تأييدا متزايدا من الفوز فيها، وفى ضوئها تشكل حكومة يعطيها الدستور صلاحيات أكبر من تلك الممنوحة لرئيس الدولة. الأمر الذى يعنى ان تلك الحكومة ستكون هى الحاكم الحقيقى للبلاد، وبذلك تحقق المعارضة مرادها من خلال مسار يحترم الدستور ويثبت دعائم دولة القانون. أغلب الظن ان فقيهنا القانونى الكبير لاحظ ان الأضواء مسلطة على جانب واحد من الأزمة الراهنة، هو الظاهر منها المتعلق بموقف ومصير الرئيس مرسى وجماعة الإخوان، وأدرك محقا ان ذلك الجانب يستأثر دون غيره بالاهتمام الإعلامى والسياسى. فضلا عن انه يشكل المحور الأساسى للاتصالات والمبادرات الجارية بين مختلف الأطراف. وذلك جانب مهم من الأزمة لا ريب، واستمراره مؤقت فى كل الأحوال، لذلك فقد أراد ان يدق الأجراس منبها إلى الشق المسكوت عليه من الأزمة، المرتبط بمصير الديمقراطية فى مصر، الذى يمكن أن تمتد آثاره لعدة سنوات بعيدة مقبلة. من المفارقات الجديرة بالتسجيل فى هذا الصدد ان رموز المعارضة التى لم تستطع ان تقدم نفسها كبديل أمام الرأى العام، التفت حول خطوة قيادة القوات المسلحة، وغضت الطرف عما تمثله من تهديد للمسار الديمقراطية الذى قطعنا على دربه شوطا متواضعا.الا أن الأطراف الخارجية ممثلة من الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة هى التى بعثت برسائلها القلقة حول مصير ذلك المسار. وقد أبدت تلك الدوائر قلقها من خلو البيان الذى ألقاه وزير الدفاع وأعلن فيه ما سمى بخريطة طريق المستقبل لم يحدد أية مواعيد للخطة المزمع اتخاذها. وحين توالت الرسائل القادمة من تلك الجهات مستفسرة عن هذه النقطة وداعية إلى احياء الأمل فى استيفاء الشكل الديمقراطى على الأقل، صدر الإعلان الدستورى أخيرا مستوفيا الشق المنقوص. فى شهادته نزع المستشار البشرى الشرعية القانونية عن الانقلاب الذى تم، وذهب إلى أن قرار عزل الدكتور محمد مرسى وتعطيل الدستور من شأنه إسقاط الوزارة التى اكتسب وزير الدفاع شرعية أوامره التنظيمية من وجودها بحسبانه وزيرا بها. ووصف الأزمة من هذه الزاوية بانها «معضلة» لان من قام بانقلاب عسكرى يستحيل عليه العدول عنه، كما ان من يقبل بالتنازل عن بعض الأوضاع الدستورية والقانونية لكى يتفادى بعض اضرار الانقلاب، انما ينشئ سابقة دستورية خطيرة تفتح الباب لاحتمال تدخل العسكر فى أى وقت لفرض أى مطلب فى ظل أزمة تواجه الوطن. ولانها معضلة تبدو عصيَّة على الحل فى الظروف الراهنة، فانه اكتفى بتشخيص المشكلة واستدعائها إلى المشهد، مؤديا واجبه فى الدفاع عن حلم الديمقراطية فى مصر، داعيا الجميع للتفكير والتحرك من أجل الحل. نقلاً عن جريدة "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعضلة المعضلة



GMT 08:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بيت من زجاج

GMT 08:46 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترامب والبعد الصيني – الإيراني لحرب أوكرانيا...

GMT 08:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب ومشروع تغيير المنطقة

GMT 08:44 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا جرى في «المدينة على الجبل»؟

GMT 08:34 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طبيبة في عيادة «الترند»!

GMT 08:33 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الشعوذة الصحافية

GMT 08:32 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة

GMT 08:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon