توقيت القاهرة المحلي 20:18:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السيناريو الرابع

  مصر اليوم -

السيناريو الرابع

فهمي هويدي

هل يمكن أن تلجأ الجماعة الإسلامية فى مصر إلى العنف بعد مراجعة المراجعات؟ هذا السؤال طرح علىّ عدة مرات، خلال الأيام الأربعة الماضية، فى سياق مناقشات لم تتوقف لما كتبته، يوم ٨/٧ (الثلاثاء) عن خيارات مستقبل مصر. واستبعدت فيه احتمال العودة إلى خيار العنف والاقتتال الذى ساد فى الجزائر بعد إجهاض الجيش للتجربة الديمقراطية، كما استبعدت السيناريو الرومانى الذى لعب جهاز الأمن فيه لعبته ونجح فى استعادة النظام القديم فى شكل جديد بعد الثورة على نظام الرئيس شاوشيسكو. لكنى لم أستبعد السيناريو التركى الذى هيمن فيه الجيش على السلطة طوال سبعة عقود، ولم ترفع يده عن مقدرات ومصير الشعب التركى إلا بعد أن تولى حزب العدالة والتنمية السلطة فى عام 2002. لقد دعانى البعض إلى إعادة النظر فى تلك الافتراضات، وانصبت آراؤهم على أمرين، أولهما: أنه لا ينبغى استبعاد سيناريو عودة العنف إلى مصر. وثانيهما: أن السيناريو الأمنى الذى اتبع فى رومانيا كان بعضه حاضرا فى أحداث ما بعد ثورة 25 يناير. ما أقلقنى فى هذه الأصداء كان اقتناع البعض بأن الأجواء الراهنة فى مصر من شأنها أن تعيد مصر إلى إرهاب أجواء الثمانينيات. ومن هؤلاء من ذكر أننى حين استبعدت خيار العنف، فإننى ركزت على اختلاف الأوضاع بين الجزائر ومصر. لكن ذلك ليس كل شىء، لأن هناك متشابهات بين ظروف البلدين. قالوا مثلا إن استبعاد فكرة عودة العنف إلى مصر لا ينبغى أن يكون مطلقا، لأنه لا يهبط على الناس فجأة من السماء، ولكن الظروف والتفاعلات الحاصلة على الأرض تستدعيه. آية ذلك مثلا أن تظاهرات المصريين التى تمت خلال العام الأخير شهدت أشكالا من العنف غير مألوفة فى المجتمع المصرى الذى يمتدح كثيرون وداعته وقلة انفعالاته. كما أن عنف الثمانينيات أيضا تحول إلى ظاهرة غير مألوفة جاءت ردا على عنف السلطة. فى هذه النقطة سألنى البعض: ما الذى تتوقعه من مؤيدى الرئيس مرسى الذين قتل منهم نحو عشرين شخصا فى مظاهرتهم بالجيزة وقتل أكثر من خمسين فى مذبحة الحرس الجمهورى، ومن يضمن السيطرة على حماس شبابهم وهم يرون مقار الجماعة تحرق وتنهب على مرأى من الشرطة التى وقفت متفرجة وأحيانا مشجعة؟ أضاف آخر أن هناك فرقا بين طبيعة الشعبين حقا، إلا أنه إذا كان الجزائريون أسرع فى الانفعال فإن المصريين ليسوا بالبلادة التى تجعلهم لا يستجيبون للاستفزاز مهما بلغ ــ وإذا كانت الطبيعة الجغرافية مختلفة بين البلدين، إلا أن جغرافية مصر لاتزال تتيح الفرصة للراغبين بممارسة الكر والفر، وفى شبه جزيرة سيناء وفى صعيد مصر الحافل بالصحارى الشاسعة والجبال الشاهقة متسع لذلك. فى هذا الصدد لفت انتباهى كثيرون إلى أن السلاح موجود فى كل مكان بمصر الآن، والكلام متواتر عن أن فى البلد الآن كمية من السلاح لم  تعرفها فى تاريخها، وقد تسربت تلك الكميات عبر ليبيا والسودان. ومن هؤلاء من قال إن مجموعة السلفية الجهادية المرتبطة بالقاعدة لها أنصارها فى مصر، وهم يلوحون بالعنف بين الحين والآخر. صحيح أنه ليس لهم ثقل عددى لأنهم مجرد عشرات من الأشخاص، لكن تصاعد حدة المواجهات الراهنة قد يشجع آخرين من الشباب المتدين للالتحاق بهم. كان ردى على ما سمعت أنه يحسب لثورة 25 يناير أنها فتحت الأبواب على مصارعها أمام الجميع للمشاركة فى العمل السياسى. وهو ما جذب الإسلاميين كافة إلى الساحة، بعدما أدركوا ان دعوتهم إلى التغيير متاحة من خلال الوسائل السلمية. ومن ثم دخل الجميع إلى الحلبة ومن خلال الشرعية، بمن فيهم الذين استهجنوا الديمقراطية وتشككوا فيها. وترتب على ذلك اختفاء تنظيمات العنف فى مصر وطى صفحتها، وذلك إنجاز مهم لا ريب. قلت أيضا إن الجماعة الإسلامية التى مارست العنف حينا من الدهر أثبتت أنها جادة فى مراجعاتها، وتحولت إلى نموذج محترم للنضج فى مباشرة العمل السياسى، ومن الواضح انهم استوعبوا دروس تجربتهم التى مر عليها الآن نحو ربع قرن. وإذا كنت أطمئن إلى أداء ذلك الجيل لكننى لا أستطيع أن أضمن ردود أفعال الاجيال الجديدة من الشباب فى ظل أجواء التوتر والقمع الراهنة. إن إحدى مشكلات تحليل الظاهرة أننا نركز فى حواراتنا على عنف الجماعات لكننا نتجاهل أو نسكت على عنف الحكومات، الذى هو فى أغلب الأحوال مصدر البلاء وبيت الداء. وإزاء ما قيل عن استعادة الأجهزة الأمنية لدورها التقليدى بعد 30 يونيو فإننى أخشى أن نكون بصدد الانزلاق تجاه عنف السلطة، لذلك فإننى أصحح موقفى من استبعاد السيناريو الجزائرى، مضيفا أن ذلك الاستبعاد مؤقت وأنه مستمر حتى إشعار آخر. ولا أخفى أننى بعد الذى سمعته عن دور أجهزة الأمن فى مصر قبل تظاهرات 30 يونيو وبعدها، صرت أكثر ميلا إلى قبول فكرة إدماج السيناريوهات الثلاثة، وأكثر قبولا لاحتمال دخول مصر فى سيناريو رابع تتداخل فيه بصمات الجزائرى مع أصداء الرومانى فى خلطة توضع فى الوعاء التركى ــ والله أعلم... نقلاً عن "الشروق"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السيناريو الرابع السيناريو الرابع



GMT 18:32 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

فنّانو سوريا

GMT 18:31 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

المشهد اللبناني والاستحقاقات المتكاثرة

GMT 18:31 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 18:30 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

2024: البندول يتأرجح باتجاه جديد

GMT 18:29 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

جنوب لبنان... اتفاق غير آمن

GMT 18:27 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

رائحة في دمشق

GMT 18:26 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

«هشام وعز والعريان وليلى ونور وكزبرة ومنى ومنة وأسماء»

GMT 16:40 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

الوطن هو المواطن

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon